إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

جغرافية وديموغرافية الدوائر الانتخابية .. !!!


عمان جو - د. ابراهيم العابد العبادي
بداية ومنذ الاعلان عن تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وقوامها (92) عضواً، ومن تاريخ الاعلان قبيل منتصف شهر حزيران 2021، لتعمل على وضع مشروعين جديدين لقانوني الانتخاب والأحزاب السياسية والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة بالقانونين وآليات العمل النيابية.... ثارت حالة عميقة من الجدل والانقسام والتندر عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بين مرحب ومؤيد وداعم...ومشكك ورافض ومعارض...وبينهم ثلة تلتزم الصمت وتهز الرأس وتميله يميناً ويسارا..... ولكل طرف ما يكفي من حجج وبراهين ومبررات ومسوغات...ولسان الحال يعبر عنه الشاعر- ابن الرومي في قوله... من يكن لم يُندرِ الدهرُ بهِ...... فعبيدِ الله فيه نادرَهْ ... وازدادت حالة الانقسام حين أنبثق عن اللجنة الأم ما مجموعه ست لجان فرعية تتعلق (لجنة الأحزاب السياسية، لجنة التعديلات الدستورية، لجنة المرأة، لجنة الانتخاب، لجنة تمكين الشباب، لجنة الادارة المحلية).

فريق المؤازرون والداعمون، يرون أن اللجنة وما أنبثق عنها - خطوة جادة ومهمة على طريق إصلاح ‏التشريعات السياسية، خاصة قانون الانتخاب الذي يشكل العنصر الاساسي المحرك ‏لتطوير الحياة السياسية، ومن ثم تداول السلطة بين الحكومات البرلمانية التي يتوقع أن تشكلها ‏أحزاب سياسية حازت على اغلبية مقاعد مجلس النواب، خاصة وان محور اللجنة الأم يستند على دعم وارادة ملكية ورغبة سبق الافصاح عنها ضمن الأوراق النقاشية للملك عبدالله الثاني المعظم.

أما الرافضون والمعارضون لتشكيل اللجنة، فوجهة نظرهم تعود وتستند الى خبرات وتجارب ‏الأردنيين السابقة مع اللجان الوطنية التي تجاوزت عشر منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، لكنها لم تفضي ولم تتوصل إلى نتائج ملموسة على ‏أرض الواقع، وأن ما تضمنته من نتائج وملاحظات وتوصيات بقيت مجر حبر على ورق اصبح حبيس ادراج السلطة التنفيذية ممثلة بالحكومات المتعاقبة. بل ذهب الكثير من المعارضين والرافضين الى أن تشكيل اللجنة جاء استجابة للظروف السياسية المحيطة بتجدد الادارة الامريكية، وسعي لامتصاص الغضب وللتخفيف من حدة الازمات المحلية المتتابعة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية،...الخ) والتي مردها غياب الاصلاح الفعلي والحقيقي وتفشي حالة الترهل الاداري غير المسبوق، وهذا ما اسفرت عنه مواقع التواصل الاجتماعي.....الأمر المزعج هو طيف وهوائية ورمادية الفئة التي لا تعارض ولا تؤيد... تكتفي بهز الرأس طول فترة الحوار وتنتظر حتى الخطوات الاخيرة لتصطف مع الغالب.

بغض النظر عن التفاوت المشار اليه اعلاه، يفترض أن يحكم عمل لجنة إصلاح منظومة القوانين السياسية منهجية فكرية واضحة تتسم ببعد نظر تحكمه مرتكزات وأبعاد التنمية المستدامة ووفق آليات متوازية تشمل اصلاحات جوهرية ملموسة اقتصادية واجتماعية ومحارِبة للفساد ووقف الترهل الاداري....وهذا الطرح يتبناه الكثير، وانا من ضمنها بصفتي شخصياً مختص في فرق العمل...رغم انه كان متوقعاً ان يكون هناك شد وجذب... تناحر وتمحور... توافق وتضارب.. اتفاق واختلاف... سميه ما شئت!!!... بين اطراف واعضاء اللجنان الفرعية بشكل عام...وخاصة المعنية بحوار ونقاش اجندة وقانون الانتخابات والعملية الانتخابية على وجه الخصوص ... نظراً لحساسية طرح مشروع قانون الانتخاب وفق ابعاد الجغرافيا البشرية والتركيبة الديموغرافية...ووجهات النظر المتباينة التي يحملها اعضاء اللجنة وهو أمر صحي اذا وظف لمصلحة الاهداف الوطنية وليس للأجندات الخاصة والضيقة.

عطفاً على ما سبق ...يبرز التساؤل الأهم ..."هل هناك إرادة حقيقية للمضي قدما بالإصلاح السياسي؟ خاصة أن اللجنة ليست الأولى في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، لكنها تشكل "أرضية مشتركة للحوار بين أطياف المجتمع بعد التحولات المجتمعية الأخيرة"...ضمن هذا الافتراض نتحرك الى أهمية أخذ البعدين الجغرافي والديموغرافي بالحسبان....فعلم السكان أو الجغرافيا البشرية أو الدراسات السكانية أو الديمغرافيا: Demography هو فرع من علم الاجتماع والجغرافيا البشرية، يقوم على دراسة علمية لمجموعة من خصائص السكّان، وهي الخصائص الكميّة، ومنها الكثافة السكانيّة، والتّوزيع، والنموّ، والحجم، وهيكليّة السكّان، بالإضافة إلى الخصائص النوعيّة، ومنها العوامل الاجتماعيّة، مثل: التّنمية، والتّعليم، والتّغذية، والثّروة.

وتُعرَّف الدّيموغرافيا بأنّها الإحصاءات التي تشمل الدّخل، والمواليد، والوفيات، وغيرها ممّا يُساهم في توضيح التغيُّرات البشريّة، ومن التّعريفات الأخرى لها هي علم إحصائيّ اجتماعيّ وحيويّ، يعتمد على دراسة مجموعة من الإحصاءات حول الأفراد وتلك المعرفة ضرورية لتحديد الاحتياجات البشرية الحالية والمستقبلية. فيما الجغرافيا- Geography، وصف الأرض، وعلمياً هو علم يختص بدراسة كل ما يتعلق بالكرة الأرضية وتكوينها وما يحدث على سطحها من ظواهر طبيعية وبشرية. أي أنها أكثر شمولاً واتساعاً، وبالتالي لا يمكن بحال من الاحوال اسقاطها او تحييدها جانباً.

ومن هذا المنطلق ونظراً للاختلاف والتباين بيم محافظات المملكة باعتبارها دوائر انتخابية وكذلك الحال الذي ينطبق على دوائر البدو في جنوب ووسط وشمال المملكة... من الاهمية القصوى ان يتم أخذ البعدين الجغرافي والديموغرافي بعين الاعتبار...فعوامل البعد الجغرافي ترتبط باتساع الرقعة الجغرافية للعديد من المحافظات ودوائر البدو بل لبعض منها مناطق تنظيمية وادارية تزيد مساحتها عن مساحة محافظة بإكمالها،...كما أن التباعد الجغرافي يحتم على وجود تجمعات سكانية كبيرة متباعدة ولها خصائص وارتباطات اجتماعية تنفرد بها عن بقية مناطق المحافظة او الدائرة نفسها، كما يعطيها بعداً تنموياً متفرداً عن غيرها، مما يستدعي ان يكون لها حضوراً نيابياً ممثلاُ....ولحل هذا الاشكال الذي بدأت تتسرب عنه معلومات من بعض اعضاء اللجان ومن بعض الاقلام، اصبح لزاماً ان يؤخذ البعدين الجغرافي والديموغرافي بعين الاعتبار وبغض النظر عن اعداد مقاعد البرلمان، وهنا يمكن اعتماد اكثر من سيناريو او دمجها معا للخروج بمعادلة تحقق التوازن وعلى النحو المقترح التالي:

1- تحدد المحافظات الاثني عشر باعتبارها دوائر انتخابية، كما تعتمد دوائر البدو الثلاث كدوائر انتخابية اسوة بالمحافظات.

2- يحدد حد ادنى لعدد النواب في كل محافظة وبحيث لا يقل عن (نائبين- ثلاث نواب)، بالنسبة للمحافظات ذات الكثافة السكانية القليلة.

3- يعطي ثقل للدوائر ذات البعد الجغرافي المترامي وقليلة الكثافة السكانية، وبحيث يكون هناك نائب لكل دائرة انتخابية فرعية، ضمن الدائرة الانتخابية الكبر سواء كانت محافظة او احدى دوائر البدو.

4- يتم تحديد نائب واحد ممثل عن كل (80-100 الف مواطن) في دوائر الانتخابات الفرعية ذات الكثافة السكانية العالية، وبحد اقصى (ثلاثة – اربعة نواب) للدائرة الانتخابية الفرعية، وبغض النظر عن عدد السكان الاجمالي للدائرة.

5- يستمر العمل بانتخاب نواب ممثلين عن السكان المواطنين من المسيحين والشركس والشيشان، كما هو معمول به وبما ينسجم مع البنود السابقة اذا ما توفرت، او العمل بمنح الحد الادنى (نائب واحد) للمنطقة او الدائرة الانتخابية المعنية.

6- تمكين الاحزاب السياسية من العمل في مختلف الدوائر الانتخابية لتكون ممثلة لأحزابها في هذه الدوائر الانتخابية.

7- تخصيص نسبة من المقاعد الكلية للمجلس ضمن قاعدة ( نائب وطن) وتوزيها نسبة وتناسب على المحافظات.

هذه الطرح يمثل وجهة نظري الشخصية، ولا تمثل او تعكس وجهة نظر اية جهة رسمية او غير رسمية، كما أن هذا المقترح قابل للتطوير والتعديل بما يحقق المصالح الوطنية، وقد يكون رأيا صائب يحتمل الخطأ وكذلك العكس صحيح، لكنه قد يمثل قاعدة للانطلاق نحو توزيع يحفظ التوازن التنموي السياسي لكافة الدوائر الانتخابية، حمى الله الوطن...حمى الله الاردن بلد الرباط والمرابطين.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :