إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

مآس في عرض البحر .. قصص من عمليات البحث والإنقاذ للسفينة "جيو بارنتس"


عمان جو - "بكيت عندما رأيت سفينة الإنقاذ، وكانت السعادة تغمرني. نعلم أننا هنا من أجل طفلنا بينفينو الذي يجلب لنا حسن الحظ ويمنحنا السعادة. فهو من أمدنا بالقوة كي نواصل التقدم"، بهذه الكلمات وصف بابتيست حاله عندما عثرت عليهم سفية الإنقاذ جيو بارنتس التابعة لمنظمة "أطباء بلا حدود" في عرض البحر.

خلال الجولة الثالثة لسفينة جيو بارنتس عثرت على العديد ممن تقطعت بهم السبل في البحر، لتنقذهم من الأمواج الهائجة وعناء السفر المضني.

بابتيست (24 سنة) وصوفي (27 سنة) زوجان من الكاميرون تم إنقاذهما في سبتمبر 2021 برفقة رضيعمها بينفينو ابن السبعة أسابيع. خاضا رحلة خطيرة لعبور منطقة وسط البحر الأبيض المتوسط بحثا عن مكان أفضل كي يعيش فيه بينفينو.

ويقول بابتيست ويسرد ما جرى خلال الأشهر الماضية "وصلت وصوفي إلى ليبيا خلال العام الحالي. لم أر في حياتي أناسا يتصرفون بمثل هذه اللإنسانية. فقد عوملنا كما تعامل الحيوانات. كما شهدت على الطريق الكثير من العنف والعنف الجنسي والاغتصاب الجماعي. عثرنا في نهاية المطاف على عنبر في أحد أحياء العاصمة كي نعيش فيه. كما وجدنا عملا وأمنا لقمة عيشنا. مررنا بأوقات عصيبة حقاً وكنت أشعر بالوحدة الشديدة. لكنني مضيت قدما من أجل أسرتي".

ويضيف أنه تعرض للخطف آنذاك واحتجز في غرفة صغيرة معزولة، حيث أجبره الخاطفون على الاتصال بوالدته في الكاميرون وطلب فدية و"إلا قتلوني".

وهذا الأمر دفع بوالدته إلى بيع قطعة الأرض الصغيرة التي تملكها، والتي لم يكن قد تبقى لها سواها، ويشير إلى أنه تعرض للضرب مجددا بعد أن دفعت عائلته الفدية، وقضى خمسة أيام حبيس تلك الغرفة قبل أن يطلق سراحه. وأخيرا قام رجل بالتفاوض معهم لإخراجه.

ويقول بابتيست إنه لن ينسى ذلك اليوم الذي ولد فيه ابنهما في السادس من أغسطس.، حيث اضطرت زوجته صوفي إلى وضع المولود في "البيت" لأن خدمات الرعاية الصحية في ليبيا للأشخاص ذوي البشرة السوداء غير موجودة.

وأشار إلى أنه كان أمرا لا يعقل حين ولد بينفينو بسلام، و"الله وحده كان قادرا على فعل ذلك، وقد رأيت بأم عيني ذلك الحدث الذي لا يصدق، لا تسعفني الكلمات لوصف ما شعرت به حين حملته بين ذراعي"، ويضيف أنه أصبح بعدها يعمل بجد أكبر كي يؤمن بعض المال لشراء الأدوية والطعام للطفل، حيث عمل عند أحدهم في موقع للبناء، وحين علم أن ذلك الشخص كان يرسل أيضاً الناس إلى أوروبا شرح له وضعه فوافق على مساعدتهم في عبور البحر.

ألفا رجل من غينيا-كوناكري عمره 25 عاما حضر إلى سفينة جيو بارنتس في 20 سبتمبر 2021 بعد أن أنقذ من قارب صغير متزعزع برفقة 54 شخصا آخرين.

كان الرجل قد عبر نصف القارة الإفريقية من غينيا-كوناكري إلى نيجيريا ليصل إلى ليبيا. وهناك احتجز لمدة 9 أشهر حيث استعبدوه وباعوه، لكنه نجح أخيرا في عبور البحر بعد أشهر تعرض فيها للعنف النفسي والجسدي.

وتبدأ قصة ألفا يبدأ بعبور الصحراء في الليل متوجهين إلى ليبيا برفقة مجموعة من حوالي 100 شخص بينهم نساء حوامل وقاصرون، حيث تم نقلهم إلى الجانب الآخر من الحدود في مستودع يقع وسط الصحراء حيث غطوا رؤوسهم بأكياس وتركوهم هناك ثلاثة أيام دون طعام ولا ماء.

وبعد ذلك تم بيع ألفا أكثر من مرة، وبالنهاية استطاع الوصول إلى قارب متجه إلى أوروبا، لكنه تعطل في البحر وجرفتهم المياه إلى الشواطئ التونسية، حيث تم اعتراض القارب من قبل البحرية التونسية التي طلبت البحرية الليبية، حيث تم أخذهم إلى طرابلس في مركز احتجاز.

يشرح ألفا كيف كانوا يتعرضون للضرب يوميا في المركز وكذلك للابتزاز، ويقول بأن من لم يكن قادرا على دفع الفدية كان يجبر على تعذيب محتجزين آخرين في سبيل نيل حريته، حيث يتذكر ذلك اليوم الذي جاء فيه الحراس وطلبوا منه فدية، حيث أخبروه بأن عليه الاتصال بأخيه ففعل، لكن زوجته ردت على الهاتف، وبدأت تبكي حين أخبرها بأنه محتجز في ليبيا.

ويشير ألفا إلى أن الحراس أجبروه على أن يقول بأنه سيموت في غضون 24 ساعة ما لم يدفع أقرباؤه الفدية، حيث تم نقله بعد أن أرسل أهله المبلغ إلى مستودع وأجبروه على العمل لصالح مهرب في أحد المحال التجارية.

قضى ألفا الأشهر الثمانية التالية وهو ينتظر فرصة للوصول إلى أوروبا، وأخيرا حاول مرة أخرى وهذه المرة لم يعيدوه إلى ليبيا، بل أنقذ على ظهر السفينة.

بينايم رجل من غينيا-كوناكري عمره 25 عاما أنقذ من قارب صغير متزعزع برفقة 54 شخصا آخرين وأحضر إلى سفينة جيو بارنتس.

ويقول بينايم إنه الأكبر بين إخوته والمسؤول عن الاعتناء بالعائلة كلها، غادر نيجيريا عام 2017 على متن حافلة متجهة إلى الجزائر، حيث استغرقت الرحلة 4 أيام وكلفته كل مدخراته.

ووصل إلى ليبيا في 2017 وقضى خمسة أشهر هناك إلى أن سنحت له الفرصة لمحاولة عبور البحر الأبيض المتوسط، لكن لسوء حظه اعترضهم خفر السواحل الليبي في المياه الدولية وأعادوهم إلى مركز احتجاز في مدينة الزاوية، وهناك قضى ثلاثة أشهر، حيث لا ينال المرء حريته إلا إن ملك المال أو استطاع التواصل مع أهله.

وتعرض بينايم لعنف وتعذيب جسدي ونفسي لأنه لم يكن يستطيع دفع الفدية، حيث كان التعذيب فظيعاً جدا وكان الحراس يضربوهم كي يجبروهم على الاتصال بأهلهم. وحين يرد أقرباؤهم تجدهم يضربوننا بعنف أكبر كي يجعلوا عائلاتهم تعاني من صرخاتهم وألمهم. لكنه نجح بعد فترة في جمع المال من عائلته ونال حريته.

وتمكن بينايم من الفرار إلى الجزائر وهناك قضى سنوات وهو يعمل في موقع بناء في وهران، حيث حاول مجددا في مارس 2020 وعبرت الحدود إلى ليبيا، حيث كانت الحياة هناك مرعبة وتجربة مريعة.

ويأمل أن يصل إلى أوروبا في أقرب وقت ممكن.

كوسي رجل من توغو عمره 34 عاما أُنقذ من قارب صغير متزعزع برفقة 54 شخصا آخرين وأُحضر إلى سفينة جيو بارنتس في سبتمبر الماضي.

وفي سبتمبر 2017 غادر كوسي توغو إلى نيجيريا حيث عمل لشهرين كي يوفر المال لدفع تكاليف رحلة عبور الصحراء، وهناك ألقت الشرطة التشادية القبض عليه وعلى 50 آخرين ونحن في طريقنا إلى ليبيا، لكنه نجح في الفرار منهم حين سمعوا الحرس التشادي يتحدث عن بيعهم لمهربين آخرين.

ويقول إنه اختبأ لمدة ثلاثة أيام في الصحراء إلى أن تمكن من الاتصال بأحد أصدقائه طلبا للمساعدة كي يصل إلى طرابلس. وحدث ذلك في يناير 2018.

ثم بدأ العمل في مغسلة للسيارات كي يسدد المبلغ الذي اقترضه من صديقه، وبعدها بفترة اقتحم مجرمون منزلهم وسرقوا كل شيء من هواتف محمولة ومدخرات، كما اختطفوا صديقه الذي ساعده على الوصول إلى ليبيا ولم يستطع من يومها التواصل معه أبدا، كما وجد نفسه وحيدا يعيش في الشوارع.

وفي عام 2020 تعرض مجددا للسرقة والضرب، حيث لم يعد يستطيع منذ ذلك الوقت المشي بسهولة.

حاول في سبتمبر الماضي عبور البحر الأبيض المتوسط وأنقذته سفينة جيو بارنتس.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :