إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

جولة جديدة لـ"الدستورية السورية" .. تفاؤل حذر وجدل بشأن "مصطلح الإصلاح"


عمان جو - يفرض مسار "اللجنة الدستورية" نفسه مجددا على طاولة الحل السياسي السوري، وعلى الرغم من "صفرية نتائجه" خلال 5 اجتماعات مضت، إلا أن "الأمل" بقي موجودا لدى الطرف المسيّر المتمثل بالمبعوث الأممي إلى البلاد، غير بيدرسون، الأمر الذي كان كفيلا بعقد جولة سادسة، الاثنين.

وتختلف هذه الجولة عن سابقاتها بالخطوات التمهيدية التي سبقتها، وكان أبرزها، الأحد، باجتماع على طاولة واحدة جمع الرئيسين المشتركين عن وفدي المعارضة والنظام، هادي البحرة، وأحمد الكزبري.

وهناك تغير أيضا ارتبط بمصطلح "الإصلاح الدستوري"، الذي تم التطرق إليه على لسان بيدرسون ورئيسي الوفدين، على خلاف المسار السابق في الجولات الماضية، حيث ارتكز آنذاك على جدول أعمال يتعلق بتعديل الدستور الحالي أو كتابة جديد.

وأثارت هذه الخطوة، في الساعات الماضية، جدلا واسعا بين أوساط السوريين المعارضين للنظام السوري، وبينما انتقد البعض التحوّل المفاجئ لعملية "الإصلاح الدستوري" بدلا من كتابة الدستور الجديد، يقول آخرون إن الاختلاف الذي طرأ قد تكون نتائجه على مستوى أكبر.

وتعتبر اللجنة الدستورية السورية من مخرجات مؤتمر "سوتشي" الذي عقدته روسيا، في مطلع عام 2018، ويعوّل عليها في وضع دستور جديد لسوريا، وتحظى بدعم ورعاية من الأمم المتحدة، والتي تراها الطريق الوحيد للوصول إلى الحل السياسي، بحسب رؤية مبعوثها إلى سوريا بيدرسون.

"في تسعة أشهر"
ويفصل ما بين الجولة الخامسة لـ"الدستورية"، التي عقدت في يناير 2021، والجولة السادسة التي بدأت أعمالها، صباح الاثنين، تسعة أشهر.

وفي هذه المدة الزمنية، طرأت تطورات عدة على المشهد السياسي السوري، كان أولها الانتخابات الرئاسية التي نظمها النظام السوري وفاز بها بشار الأسد في تصويت محسوم النتائج، بحسب معارضين.

أما التطور الآخر فهو الأهم والأبرز، ويرتبط بجو "إعادة تطبيع العلاقات مع الأسد"، والسائد منذ أكثر من 3 أشهر، سواء من جانب الأردن أولا ومن ثم الدول العربية الأخرى التي أبدت انفتاحا مفاجئا.

وفي الجولة الخامسة، أعرب بيدرسون عن "خيبة أمله من النتائج"، وفي الوقت الحالي يعرب عن آمال أيضا لكنها بشكل مختلف.

وفي مؤتمر صحفي له، الأحد، قال: "منذ ما يقرب التسعة أشهر، وأنا أتفاوض بين الطرفين، في محاولة لتكوين توافق في الآراء حول كيفية المضي قدما. يسعدني أن أقول إننا توصلنا إلى مثل هذا التوافق".

وأضاف مستدركا: "الإصلاح الدستوري على أهميته لن يكفي لحل الأزمة السورية".

هل هناك جدوى؟
وتتقاطع جميع الانتقادات الموجهة لمسار "اللجنة الدستورية" بنقطة أنها لن تفضي إلى أي نتائج مستقبلية، وهو ما تشير إليه حصيلة الاجتماعات الخمسة الماضية، التي اتهم وفد النظام السوري بعرقلة جميع جلساتها.

ولم يخف النظام السوري مؤخرا موقفه الرسمي من "اللجنة الدستورية السورية" بل كان صريحا، وبشكل خاص على لسان بشار الأسد، في أثناء مقابلة له مع "زيفيردا" التابعة لوزارة الدفاع الروسية، في أكتوبر 2020.

وقال الأسد حينها إن "تركيا والدول الداعمة لها، بما فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها، غير مهتمة بعمل اللجنة الدستورية بصورة بناءة، ومطالبها تهدف إلى إضعاف الدولة السورية وتجزئتها"، وإنه يرفض التفاوض حول قضايا تخص استقرار سوريا وأمنها.

ووصف الأسد محادثات اللجنة في جنيف بأنها "لعبة سياسية"، وأنها ليست ما يركز عليه عموم السوريين، في لقاء آخر مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، في أكتوبر 2020.

والشعب السوري، برأي الأسد "لا يفكر بالدستور، ولا أحد منه يتحدث عنه، واهتمامات الشعب السوري تتعلق بالإصلاحات التي ينبغي تنفيذها، والسياسات التي يحتاج تغييرها لضمان تلبية احتياجات الشعب السوري".

وأمام تلك التصريحات التي لا تزال تتردد حتى الآن بصورة غير مباشرة، تطرح تساؤلات عن أسباب التزام المعارضة السورية بالمضي في هذا المسار، وما يقابل ذلك من الخلفيات التي تقف وراء مشاركة النظام بالرغم من أنها "لعبة سياسية" كما وصفها الأسد.

ويقول المتحدث باسم "هيئة التفاوض السورية"، يحيى العريضي، إن حالة "عدم الجدوى" نابعة من التوصل لقناعة مفادها أن "النظام السوري لا يريد حلا سياسيا، لكنه يجد نفسه مجبرا عليه، لمصلحة روسيا".

ويضيف العريضي لموقع "الحرة": "روسيا تبحث عن جني سياسي، وهو الأهم بالنسبة لها بعد ما فعلته عسكريا، منذ عام 2015".

وبوجهة نظر السياسي المعارض فإن مشاركة النظام السوري في أعمال اللجنة تقف ورائها "ضغوطات وإغراءات".

ويوضح: "(النظام) يعتقد أن ذلك يعطيه فرصة للقبول دوليا، وبالتالي زيادة مسارات انفتاح الدول عليه، وهو ما شهدناه في الأسابيع الأخيرة".

في المقابل، تشير معظم تصريحات النظام السوري إلى أن "اللجنة الدستورية سيدة نفسها"، بحسب ما قاله وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أثناء اجتماعه مع بيدرسون في العاصمة دمشق، في أغسطس الماضي.

وقبله، أضاف بشار الأسد، في أواخر 2019 أن سوريا ستوافق "على أي شيء ينتج عن لقاءات اللجنة الدستورية شريطة أن يتوافق مع المصلحة الوطنية، حتى لو كان دستورا جديدا".

"بين الإصلاح والكتابة"
على مدار الجلسات الماضية من "اللجنة الدستورية"، كان ملاحظا تغطية إعلامية جزئية من جانب وسائل الإعلام الرسمية التابعة للنظام السوري، لكنها لم تتجه إلى تناول أي خبر يتعلق بالمخرجات.

ومنذ يوم الأحد، لم تنشر تلك الوسائل أي خبر عن بدء أعمال الجولة السادسة، وخاصة وكالة الأنباء الرسمية "سانا".

ويعطي غياب التغطية الإعلامية من جانب وسائل إعلام النظام السوري لاجتماعات هذه الجولة مؤشرا على عدم إيلاء أي أهمية من قبل الأخير للمسار المذكور.

وعلى الطرف المقابل، تنشغل أوساط المعارضة السورية بنقاش جدلي أحدثه مصطلح "الإصلاح الدستوري"، الذي يعتبر دخيلا على مسار "اللجنة الدستورية" ومن خارج السياق المعتاد لها.

المحامي السوري غزوان قرنفل فرّق ما بين مصطلح "الإصلاح الدستوري" وعملية تعديل الدستور.

ويقول قرنفل لموقع "الحرة": "من وجهة نظر فإن المصطلح الأول أكثر شمولا من تعديل الدستور، (الإصلاح الدستوري) قد يشمل ويفضي لكتابة دستور جديد بخلاف مدلول المصطلح الثاني (تعديل الدستور) الذي يقتصر على مجرد إدخال تعديلات على شيء موجود".

وانتقد المحامي السوري مسار "الدستورية"، مشيرا إلى أن "جميع المشاركين فيها يدركون أنها ليست المثال الأمثل لصناعة حل نهائي وجذري للمشكلة والصراع في سوريا".

ولا يعتقد قرنفل أن المجتمع السوري في ظل المآل الذي وصل إليه يعبأ بما يمكن أن يتمخض عن تلك اللقاءات والجولات.

ويتابع حديثه: "ليس فقط لكارثية الأوضاع التي وصل إليها، وإنما أيضا لإدراكه أن هذه الجولات لن تسفر عن حل حقيقي من شأنه أن يحدث فارقا في مسار حياته".

من جانبه، يشير رئيس وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، هادي البحرة، إلى أن "عملية الاصلاح الدستوري أوسع من صياغة مشروع الدستور".

ويقول البحرة: "الإصلاح يشمل صياغة مشروع الدستور، إضافة إلى إصلاح الممارسات الدستورية، أي كل ما يتعلق بتطبيق الدستور على أرض الواقع ومنع تجاوزه. موقف المعارضة واضح في خيارها لصياغة مشروع دستور جديد".

"تفاؤل حذر"
وتعتبر اللجنة الدستورية المسار السياسي الوحيد الذي ينظر إليه المجتمع الدولي كأحد أبواب الخروج من الأزمة المستمرة منذ أكثر من 10 أعوام.

وقالت الخارجية الأميركية في بيان، الاثنين: "نرحب بجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون لجمع الأطراف المشاركة لتمهيد الطريق للجولة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية السورية".

وأضافت: "يجب على الجميع المشاركة بشكل بناء لدفع الحل السياسي الذي حدده قرار مجلس الأمن رقم 2254".

ويرى المتحدث باسم "هيئة التفاوض السورية"، يحيى العريضي، أن "اللجنة الدستورية هي النافذة الوحيدة الآن. هي الخندق الوحيد. ليس هناك تفاؤل حقيقي لكن يوجد تفاؤل حذر".

ويضيف: "حق السوريين واضح وحقهم في الحياة واضح. لابد من السعي لتطبيق ذلك".

بينما يقول المحامي السوري، غزوان قرنفل، إن "الإصلاحات الدستورية لا تكفي لطي صفحة الصراع وإزالة آثاره".

ويضيف: "لا قيمة لأي دستور مالم يعاد هيكلة الدولة السورية ومؤسساتها برمتها وفي المقدمة منها المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية".

واعتبر قرنفل أن "المخرجات السياسية أو حتى الدستورية انعكاس لأدوات القوة والسيطرة، وبالتالي في ظل الوضع الحالي وفي ظل ممارسة القوة يوميا على المجتمع السوري لن يكون هناك مخرجات إلا ما يمكن فرضه وكتابته بالسلاح وتوازن القوى".

وكان معارضون وحقوقيون أشاروا إلى أن فكرة "اللجنة الدستورية" ومنذ انطلاقها لم تكن موجودة في الوثائق الدولية، ولا في كل قرارات مجلس الأمن، التي هي في الأصل الحاضنة القانونية للحالة السورية.

وكانت الفقرة الرابعة من قرار مجلس الأمن "2254" قد نصت على أن العملية السياسية في سوريا تتضمن إنشاء حكم شامل وغير طائفي خلال ستة أشهر، وعقب ذلك يتم النظر في النظام الدستوري للوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 18 شهرا، أي أن الدستور حسب الوثائق يأتي ما بعد "هيئة الحكم الانتقالي".




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :