إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

كيف ولماذا «يستدير» الأردن في اتجاه بشار الأسد؟


عمان جو - بسام البدارين - الاستثمار حصراً في المبادرة الأردنية المنتجة دبلوماسياً بخصوص الملف السوري قد لا تكفي لتحقيق الاستدارة المطلوبة، وطنياً وداخلياً، فيما يتعلق بإعادة ترتيب وخلط أوراق الدبلوماسية الأردنية بصيغة تخفف من ضرر المواجهة المفتوحة وحمالة الأوجه مع حكومة اليمين الإسرائيلي وبرنامجها العدائي جداً تجاه حزمة المصالح الحيوية الأردنية.
لاحظ الجميع في عمان هذه الأيام حجم ومستوى التركيز على مسألة إعادة إدماج وتأهيل سوريا في المحيط العربي ومؤسساته. المبادرة نشطة، ومؤخراً بعد لقاء عمان التشاوري، حظيت باسم وغطاء عربي إلى حد ما، وهو “المسار العربي”. وفي التقييم والتشخيص السياسي، تشكل المبادرة الأردنية -كما ذكرت “القدس العربي” في تقرير سابق لها – إحدى الروافع الأساسية لإعادة تنشيط وتنميط الدور الإقليمي الأردني بعدما توفرت الفرصة إثر الزلزال الشهير، فانهمك الأردنيون بخط المساعدات الإغاثية، وزار وزير خارجيتهم أيمن الصفدي دمشق والتقى بالرئيس بشار الأسد قبل استضافة نظيره السوري فيصل مقداد في عمان، لتحقيق قيمة دبلوماسية إضافية فكرتها مناقشة تفاصيل وسيناريو عودة سوريا إلى حضنها العربي، بوجود الشاهد والملتزم السوري نفسه.
تلك قيمة حققتها دبلوماسية عمان، وبدا للمراقبين أن الوزير أيمن الصفدي ينشط في التواصل والشرح ويتحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وقد يضطر لاحقاً للتحدث أيضاً مع نظيره التركي في بعض التفاصيل، لأن أركان الخارجية التركية مهتمون طوال الوقت بمقاربات في الملف السوري تنطوي على أقل ما يمكن من التنسيق مع الأردن.
بصورة ملحوظة، يحقق الأردن بعض المكاسب الدولية. والعين – وفقاً للوزير السابق والخبير الاقتصادي الدكتور محمد الحلايقة- ينبغي أن تواصل مراقبة المنجز في المسألة الاقتصادية أيضاً وليس السياسية، لأن الانفتاح على الجوار الإقليمي خطوة مهمة في معالجة بعض المشكلات الاقتصادية.
واضح تماماً في سياق الاستدارة الأردنية نحو دمشق، أن تطورين لافتين حصلا مؤخراً بصيغة سمحت باللعب بالهامش السوري أردنياً:
الأول هو تمكن الدبلوماسية الأردنية من إقامة حالة تشبيك أو زواج دبلوماسي مؤقت على الأقل مع الحراك السعودي النشط، الذي يحمل عنوان الرغبة في رؤية الرئيس بشار الأسد جالساً على مقعده في قمة الرياض العربية، حيث حضور وزير الخارجية السعودي للقاء عمان التشاوري وموافقته على ما سمي بخطة المسار العربي هي إشارة إلى أن الرياض وعمان يمكنهما التكامل، ولو جزئياً، في جهودهما بخصوص عودة سوريا للجامعة العربية.
التطور الثاني، هو تحسن مناخ التواصل بين الأردن وإيران مؤخراً، وأعلنت الخارجية الأردنية عن لقاء وشيك لم يحدد زمنه بعد تحت عنوان إعادة العلاقات كاملة مع إيران.
هنا تطوران لافتان عززا نشاط الخلية الدبلوماسية الأردنية يظهران بأن الاستدارة الأردنية نحو دمشق تنجز وتحقق على الطاولة، وهي تعبير عن استجابة في ذهن القرار الأردني لسلسلة ضغوط في الغرف المغلقة اعتبرت طوال الوقت الإفلات، ولو بمساحة قليلة من الالتزام بقانون قيصر الأمريكي، جزءاً من تعافي الاقتصاد الأردني، وإن كانت المحددات الأمنية والسياسية لها دور في التفاصيل دوماً، حتى برأي الخبير الاقتصادي والبرلماني الدكتور خير أبو صعليك وهو يشير إلى مصالح وتوازنات.
لكن ورغم بروز حالة تصفيق لتلك الاستدارة محلياً، فإنها لا تمثل حتى برأي القيادي البارز في المعارضة الشيخ مراد العضايلة، المطلوب في الحد الممكن لمواجهة أجندة يمينية إسرائيلية خبيثة تستهدف الأردن في المصالح والحكم والدولة والشعب.
لا يرحب الإسلاميون لأسباب مفهومة بأي تطور إيجابي في العلاقات مع دمشق، لكنهم لا ينتقدون تحسين العلاقات بين بلادهم والنظام السوري.
ويصر الشيخ المعايطة وهو يتحدث لـ “القدس العربي” في بعض التفصيل عن ملامح الاستدارة المطلوبة، على أن الأردن ينبغي أن يعيد حساباته ويراجعها بعد سقوط كل مفاهيم الشراكة مع الإسرائيليين. وما يطالب به العضايلة ورفاقه هو استدارة وطنية وإقليمية وسياسية وتحالفية على بيكار التحدي الذي تفرضه أطماع وأدبيات ومشاريع واتجاهات اليمين الإسرائيلي المجرم المتشدد.
رغم ذلك، تضج الصالونات والمجالسات السياسية الأردنية بمطالب مرتبطة باستدارات أكثر عمقاً وفعالية وحيوية لا تقف عند حدود مبادرة مبرمجة تنفتح على سوريا فقط، بل تصلح العلاقات مع دول إقليمية مهمة من بينها إيران والسعودية وتركيا وحتى دولة قطر، وتعيد التوازن وتتخلص من استحقاقات مرتبطة أو تتبع أجندة بعض دول ما سمي بالسلام الإبراهيمي.
تبدو المبادرة الأردنية بالاتجاه السوري هنا محفزة وتؤسس حالة يمكن الادعاء فيها بأن الكلف المرتفعة عندما تنظم استدارات معقولة ومتزنة، هي أقرب إلى أوهام. وما يشعر به المراقبون في عمان عموماً أن بعض النخب الأساسية في طبقة رجال الدولة والسياسة تحاول تشجيع بعضها الآن على المزيد من الاستدارات أو ما سمّاه الكاتب الصحافي المخضرم محمد التل، بإعادة بناء أولويات السياق الدبلوماسي ومراجعته.
واحدة أساسية من فضائل الاستدارة نحو النظام السوري هي تلك التي تقول ضمناً بأن الاستدارات ممكنة ومنتجة، وفاتورتها أقل مما يعتقد البيروقراطيون أحياناً، وتؤسس في النتيجة لتموضع وتموقع سياسي يزيد من الوزن النوعي للدور الأردني في مواجهة طاقم يميني إسرائيلي مستحكم، والأهم طامع، على حد التعبير الذي استعمله بحضور “القدس العربي” رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري.


«القدس العربي»




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :