إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

القيق .. النموذج الكفاحي


عمان جو - حمادة فراعنة

إذا كان كفاح شباب وشابات فلسطين من منطقتي 67 و 48 ، الذي يستهدف حقاً جنود وشرطة وأجهزة جيش الإحتلال وميليشياته المسلحة من المستوطنين وهم الأشد فتكاً وعداء للشعب العربي الفلسطيني ، وهو كفاح مشروع كفلته القوانين والأنظمة والأعراف الدولية ، حق الشعوب في النضال من أجل نيل حريتها وإستقلالها وإستعادة كرامتها من غاصبيها ، وهو كفاح ما زال فردياً ، يعكس ردة فعل الوجع والعذاب الذي يعيشه الانسان الفلسطيني ، مثلما يعكس مقدار وعيه ونُبل مقاصده فيكون العمل الفردي مهما كان متواضعاً أمام قوة العدو وحجم النيران المتوفرة لديه ، ونوعية الأسلحة التي يملكها ، ويبرز ذلك واضحاً من حجم الضحايا من الفلسطينيين بالعشرات ومن الإسرائيليين بالأفراد .
فإذا كان هذا الأسلوب الاحتجاجي والفعل الكفاحي تشوبه حالة من عدم الرضى لدى بعض المؤسسات الدولية لأنه قد يقع مساً غير مقصود لبعض المدنيين الإسرائيليين ، فالنضال الأكثر شجاعة على المواجهة ، والأكثر قدرة على الاحتمال ، والأعمق وعياً بالتضحية هو ذاك الذي يقوم به ويفعله الصحفي الفلسطيني محمد القيق عبر إضرابه عن الطعام منذ ما يقارب الثلاثة أشهر !! .
كم من الأفعال تم تأديتها ، تضامناً ودعماً مع القيق وإحتجاجاً على السلوك المشين للمؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية الإسرائيلية ، وهم يرون القيق يذوي ويموت بطيئاً بلا رحمة وبلا أي حس إنساني من أي إسرائيلي في موقع المسؤولية .
إضراب القيق وإقترابه من حافة الموت إدانة صارخة لثلاثة عناوين:
أول : نحو العنوان الفلسطيني بسلطتيه في رام الله وغزة ، فكلاهما يتحمل مسؤولية فشل الحركة الوطنية الفلسطينية وإخفاقها أمام عنجهية العدو وتفوقه وعدم القدرة على إستنباط وسائل وأدوات كفاحية تجعل من الاحتلال مكلفاً ، وتزيد من كلفته التدريجية وتحشره في زاوية العزلة والادانة ونزع الشرعية عن سلوكه العدواني العنصري الفاشي المتطرف .
والثاني : نحو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يستثمر الضعف الفلسطيني والحروب البينية العربية والالهاء الدولي بمناهضة الأرهاب والأزمة الأقتصادية كي يستفرد بالشعب الفلسطيني وبحركته الوطنية ويستخف بتطلعاته المشروعة وحقه بالعيش الكريم ، فيقمع رموزه وقياداته سواء في مناطق 48 ضد الحركة الاسلامية ونواب حزب التجمع الوطني الديمقراطي ونسف البيوت وتدمير مقومات أهالي منطقة النقب من البدو ، وتشريع القوانين العنصرية المقيدة ، وفي مناطق 67 بأفعال لا تقل شراسة وقهراً وتخلفاً عن أفعال النازيين والفاشيين وكل مظاهر التطهير العرقي التي أرتكبت في العديد من الأماكن والتواريخ والقوميات .
والثالث : هو المجتمع الدولي الذي لا يعط الوقت والاهتمام لمعاناة الشعب العربي الفلسطيني الرازح تحت وطأة الاحتلال الأجنبي ، والتمييز العرقي العنصري ، وفاشية المستوطنين الأجانب ، الأمر الذي يزيد من معاناة الفلسطينيين زمناً ونوعية إجراءات .
صحيح أن سكرتير الأمم المتحدة عبر عن تفهمه لنضال الفلسطينيين وأن ما يفعله الشباب والشابات يعود سببه الاحتلال وإجراءاته ، ولكن هذا غير كاف لحماية حياة الصحفي القيق وغيره ممن يختار هذا الطريق الأصعب في مواجهة ظلم الإحتلال وقسوته .
القيق نموذج للإنسان الفلسطيني ، بل نموذجاً للشعب الفلسطيني برمته ، فكل يوم من إضراب القيق هو سنة من عمر الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال ، إنه سلوك الضعيف المؤمن القوي بعدالة قضيته ، وسلوك الإحتلال سلوك المتفوق الذي لا يتحرك خوفاً من ردود الفعل فهو متمكن محمي لديه غطاء دولي يحول دون محاكمته وإدانته ومعاقبته ، وإنتصار القيق هو إنتصار لكل إنسان فلسطيني فرد ، وهو إنتصار تراكمي لمصلحة إنتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني وهزيمة للمشروع الوطني الإستعماري الإسرائيلي وهذا هو سبب صمود القيق وسبب عناد تل أبيب وصلفها !! .
h.faraneh@yahoo.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :