إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

دخول سن الستين


عمان جو - غزال النزالي 


يتمشى كل يوم من المجمع الى منطقة شارع طلال ثم يجلس في احد المقاهي ليرتشف فنجان قهوته والسيجارة في يده. يتنهَّد ويسأل: "لقد بلغت الستين، ماذا بعد؟ ماذا عن مستقبلي المهني؟ ماذا عن حياة أولادي؟ لقد تقاعدت ولا من يقبل بتوظيفي في هذا السن". يبدوانه مهموماً جدا، ، وبعدما كبر الأولاد وصار كل منهم مهتماً بوظيفته وحياته أو عائلته. فالرجل الستيني، يفكر في المستقبل بشكل يومي. يرى شريط حياته أمام عينيه كأنه يُسابق الزمن. فالشباب ولَّى تاركاً الذكريات الجميلة والحياة التي كانت لها معنىفي حياته".
ان التقدّم في العمريحمل مشكلات نفسية متعددة تُرافق الرجال والنساء على حدٍ سواء. وإحدى هذه المشكلات "الكآبة". إذ يميل الرجل إلى الكآبة في بعض الاحيان، ويشعر بأنَّ رحلة الحياة وصلت إلى النصف،. والاكتئاب حسب ما فسره علماء النفس" هو "حال مزاج متدنٍ، يرافقه على الصعيد الصحي اضطراب بوظائف النوم، وتوقف عن تناول الطعام، وتدنٍ في الوزن. أما على الصعيد النفسي فيتمثل بتلاشي الحياة الاجتماعية والعزلة، وعدم الرغبة في الخروج من المنزل ولقاء الناس، مع تراجع في الإنتاجية، وانعدام غريزة الحياة. وفي الستين عادةً يراجع الرجل حساباته معيداً النظر بمسيرة حياته التي تقارب النصف قرن ونيِّف. فيفكر بالضغوطات التي مرَّ بها، وبالحروب والأزمات التي عاشها وأثرت فيه، مروراً بالوظيفة التيكان يشغلها منذ زمن، لينتقل للتفكير بعلاقته بزوجته التي ضربها الروتين، أو كيف تأثرت هذه العلاقة بعد خسارة العمل والقوة التي أسس معها المنزل وربَّى الأولاد، وكيف تطورت علاقته بالأولاد. واصبح جدا وله احفاد وهويسعد بهؤلاء الاحفاد سعادة لا توصف الا ان هذا لا يكفي سعادته كلها".
للان"الرجل يمرُّ بضغوطات أكثر من المرأة لا يستطيع التعبير عنها، على عكس المرأة التي تعبر أكثر بجسمها ودموعها. والسبب يرتيط بالتربية الشرقية التي تخنق الرجل وتضغط عليه، مانعةً إياه من التعبير في كثير من الاشياء. وغالباً ما تشكو المرأة من أنَّ زوجها غير حنون عليها وعلى أولادها قائلةً: "ما بيعرف يحب أولاده أو يحن عليهم" متناسية أنَّه لم يعتاد على "التعبير". وهذا أكيد، إذ لم تعلمه والدته التعبير عن مشاعره ولم تشجعه عليه، فكيف له أن يعرف كيفية تقديم الحنان، وهو الذي يكبر على جملة "أنت رجل يجب أن لا تعبِّر، أن لا تبكي... وإذا ما عبَّرت فأنت ضعيف". وهذا ما يؤكد أنَّ الرجل مظلوم، ولهذا يموت كثيرٌ من الرجال بأمراض القلب والضغط نتيجة تراكم مشاعر مكبوتة لا مكان لإفراغها والتعبير عنها.

ا
نقول هنا أنَّ "الحياة حلقة دائرية، فيها عائلة مؤلفة من أب وأم وأولاد، ولكل منهم دوره. إلاَّ أنَّ أي خلل بالأدوار بين الأب والأم سيؤثر في الأولاد إن لم يكن بطريقة مباشرة فحكماً سيؤثر بطريقة غير مباشرة. فالأب هو مصدر السلطة والقواعد الاجتماعية، هو الحامي، والأم هي الحنان، والرعاية، والحضن الدافىء، وكاتمة الأسرار التي تهتم بالحاجات الأساسية للأولاد، وأول نافذة اجتماعية لهم على المجتمع. وعموماً تتأثر شخصية الولد بتربية والدته، فإذا عرفت كيف تحبه وكيف تعامله سيشعر باكتفاء من الحب والعاطفة، وإذا ما حضنته أقل مما يلزم سيشعر بنقص في الحب وسيعاني من كآبة تختلف أنماطها من شخص لآخر. فالحقيقة النفسية أي هي "كيف عايشتُ أنا الصدمة وكيف عايشها شقيقي أو شقيقتي"، تختلف تبعاً للتربية ولرد فعل الشخص المختلف عن بقية أفراد الأسرة. وإذا ما كانت الأم تهمل ابنها لن يتعلم أن يكون حاضناً، بل سيظن أنَّ الحب يكمن في الإهمال، إذ إن هذا ما مرَّ به وأحسَّه من خلال التربية. أما إذا كان هذا الرجل- الطفل متعوداً على اهتمام المرأة - الأم، ولم يجد مستقبلاً خلال حياته الزوجية هذا الاهتمام سيشعر بأنه غير مرغوب وسيصاب باكتئاب لذلك حنان الام من الضروريات في حياة الطفل والتقليل من كثرة الانتقادات له

. وقد يبحث الرجل عن كيفية ملء الفراغ الذي يبعده عن الكئابة من خلال اقتناء الحيوانات، أو العمل لساعات أكثر، وذلك للحصول على توازن نفسي يكون فعالاً في أحيان وغير فعال في أحيان أخرى، إذ ترتبط كآبته بتاريخه الشخصي والنفسي لكن هذه هي سنة الحياة اللهم بارك لنا في حياتنا وعمرنا بالخير والبركة
الكاتب غزال عثمان النزلي




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :