إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

المشير حابس باشا المجالي


عمان جو

ولد حابس رفيفان المجالي في العام 1910، المعروف بعام الهيّة، وهي الثورة التي قامت في الكرك بقيادة قدر المجالي، ضد الحكم الاستبدادي الذي مارسته الدولة العثمانية حيال العرب في آخر سنواتها.

أمه بندر المجالي، وخالته مشخض، كانتا من بين النساء الكركيات اللاتي تحفظ عليهن الأتراك في سجن معان، بعد بطشهم بالثورة، ومطاردتهم للثائرين والثائرات الذين احتموا بالأودية والكهوف والتجمعات السكانية الأخرى هكذا ولد حابس في الحبس، فأخذ اسمه من موقع ولادته، نشأ حابس في بيت زعامة ونضال وفروسية، تخرج حابس من مدرسة السلط الثانوية، التحق بالجيش العربي الأردني في العام 1932، فحال وجنوده دون احتلال القدس.

عُرف عن حابس حسَّه المرهف واتقانه للشعر النبطي منذ شبابه المبكر، حتى أن قصائده خلدت مواقف عديدة، شخصية ووطنية، مرَّ بها في حياته. في مطلع ثلاثينيات القرن العشرين.

زار الأمير عبدالله بن الحسين والده رفيفان المجالي في الكرك، وأهداه فرساً بيضاء اسمها الحمامه.

أراد رفيفان أن يشكر الأمير على هديته، فطلب من أولاده أن يقولوا شعراً بالفرس، فكانت قصيدة حابس جميلة، استحق بسببها تلك الفرس هدية له:

حــمـــامــتــي حـبــــيـــبـــتــي * * * يـــوم الـــوغــى خـيّــالــهــا
عـــطـــيـــــــة مــن ســـيـــدي * * * نعم الـــعــطــا هــدايــهــا
شـــقـــرا ذهـــوب تــرجــدي* * * شـفـت السبق بوصــافـهـا
يــا عـنـقـهـا يحـاكي الـجـدي * * * ســبـــحــان حــظٍ جــابــهــا
مــا يــعـتـلــي ســـرجــه ردي * * * مــا دمـــت أنــا خــيـّـالــهــا
يـــــا اللّه تـــنـــصـــــر ســيـدي * * * ركــن الـعرب وسـيــاجـهــا

عين حابس المجالي عضواً في مجلس الأعيان اعتباراً من العام 1984، واستمر عضواً فيه خلال دورات المجلس التالية في عهد جلالة الملك الحسين بن طلال، ثم في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين. توفي في عمّان في العام 2001، ووري الثرى في بلدته الربَّة، في الكرك.

الحياة العسكرية

التحق حابس المجالي بالجيش العربي الأردني في العام 1932، برتبة مُرَشَّح وحمل الرقم 47، فواكب بذلك تطور الجيش الأردني منذ بدايته. عمل حابس في عدد من تشكيلات الجيش مثل: سلاح الفرسان وقوة الشرطة، وفي عام 1947 بات مرافقاً شخصياً لجلالة الملك المؤسس عبدالله الأول.

كان حابس إلى جانب المغفور له الملك المؤسس يوم استشهاده في 20 تموز / يليو 1951، وهو يهم بدخول المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاة الجمعة وكان يومها برتبة "عقيد". قال له الملك وهو يطلب تخفيف الحراسة عنه قبل دقائق من استشاهده: "لا تحبسني يا حابس".

قبل أسابيع من حرب العام 1948، عُهد الى حابس المجالي بتأسيس كتيبة المشاة الرابعة في الجيش العربي الأردني للمشاركة في الحرب، فكان أول ضابط عربي يقود كتيبة في الجيش.

حقق حابس مع كتيبته انتصارات خالدة في تلك الحرب، في معركتي اللطرون وباب الواد على مشارف القدس في مواجهة القوات الاسرائيلية، ملحقين بها خسائر فادحة، ومحافظين على عربية القدس فسماها الملك المؤسس "الكتيبة الرابحه" لأنها ربحت كل المعارك التي خاضتها.

بعد الحرب تولى حابس موقع مساعد مدير الأمن العام، حتى عينه المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال رئيساً لأركان الجيش العربي الأردني في العام 1957، بعد عام واحد من تعريب قيادة الجيش وكان يومها برتبة "أمير لواء".

بقي حابس الذي تمتع بثقة جلالة الملك الحسين في موقعه حتى أحيل الى التقاعد في العام 1967، وعَيِّنَ وزيرً للدفاع عقب حرب حزيران، وفي العام 1970 عَيِّنَ قائداً عاماً للقوات المسلحة الأردنية، وكان أول ضابط أردني يحمل رتبة "مشير" واستمر في هذا الموقع حتى العام 1976.

حصل حابس على عدد من الأوسمة العسكرية، من أبرزها:
• وسام النهضة المرصع.
• وسام النهضة من الدرجة الأولى.
• وسام الخدمة العامة في فلسطين.
• • وسام الكوكب من الدرجة الأولى.

بعد تقاعده من الحياة العسكربة صدر نظام خاص من أجل حابس المجالي سمي "نظام المشير" سمح له بمواصلة التمتع بإمتيازاته الوظيفية التي تمتع بها أثناء الخدمة العسكرية تقديراً لدوره وانجازاته.
معركة باب الواد واللطرون

حابس المجالي هو بطل معركتي باب الواد واللطرون اللتين حافظ الجيش العربي الأردني من خلالهما على عروبة القدس في حرب العام 1948.

يقع باب الواد على بعد نحو 24 كيلومتراً الى الغرب من القدس وهو ممر يربط السهل الساحلي الفلسطيني بجبال القدس ما يجعله ذو أهمية استيراتيجية عسكرية للسيطرة على المدينة المقدسة، وتؤدي اليه وتتشعب منه طرق القدس والرملة، وعدد من القرى الفلسطينية ومنها اللطرون، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً الى الغرب من القدس. في 17 كانون الأول/ديسمبر 1947، عشية الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، تولى حابس المجالي تأسيس كتيبة المشاة الرابعة في الجيش العربي ، لتدخل الحرب الى جانب تشكيلات الجيش الأخرى، تحت إمرة جون جلوب باشا، القائد البريطاني للجيش.

انسحبت قوات الإنتداب البريطاني على فلسطين من القدس يوم 14 أيار/مايو 1948، فسيطرت القوات الإسرائيلية على مناطق غربي القدس، وسعت للسيطرة على أحياء القدس الشرقية القديمة، والجبال المشرفة عليها.

في 18 أيار/مايو 1948، تحركت الكتيبة الرابعة في الجيش العربي الأردني، التي بلغ عدد مقاتليها 1200 مقاتل، بقيادة حابس المجالي، الى باب الواد واللطرون، فقطعت طريق الإمدادات من الساحل عن القوات الإسرائيلية في القدس.

صمدت القوات الأردنية بوجه محاولات القوات الإسرائيلية لفتح ثغرة في باب الواد، استخدمت فيها مدفعية ثقيلة.

يوم 24 ايار/مايو 1948، حشدت القوات الإسرائيلي 6500 مقاتل، اي نحو 4 أضغاف عدد المقاتلين الأردنيين، لفتح ثغرة عند منطقة الللطرون.

تمكنتت المراقبات الأردنية من اكتشاف تقدم القوات الإسرائيلية، فباغتتها بالهجوم بقيادة حابس المجالي الذي كان يهتف في جنوده " الموت ولا الدنية "،

واشتبكت معها فجر يوم 25 ايار/مايو1948، وانكشفت المعركة بعد 51 ساعة من القتال المتواصل عن هزيمة كبيرة للقوات الإسرائيلية التي خسرت نحو 800 قتيل عدا الجرحى والأسرى، فيما خسرت الكتيبة الرابعة 3 شهداء فقط.

عند التاسعة من مساء 30 أيار/مايو 1948، بدأت القوات الإسرائيلية قصفاً تمهيدياً اسعداداً لتنفيذ هجوم كبير على القوات الأردنية في اللطرون، التي استعدت للمواجهة، وبدأ الاشتباك بين الطرفين عند الحادي عشرة ليلاً، استعمل فيه قنابل يدوية والسلاح الأبيض، وانجلت المعركة عند الثالثة من فجر اليوم التالي عن مقتل 301 من القوات الإسرائيلية، وتدمير العديد من مصفحاته، واستولت الكتيبة الرابعة التي استشهد منها 4 جنود وجرح 7، على عدد من المصفحات والبنادق والرشاشات.
في 9 حزيران/يونيو 1948، بدأت القوات الإسرائيلية هجوماً شاملاً ضد الكتيبتين الرابعة والثانية المتمركزتين في طريق باب الواد بمرتفعات اللطرون، تقدمت مشاة ثلاثة ألوية يهودية تحت غطاء القصف المدفعي المكثف على القوات الأردنية، فجوبهت بنيران المدافع، والقنابل التي تفجرت بين الصخور حتى تناثرت شظايا الحجارة في وجه القوات الإسرائيلية التي اضطرت للتراجع قليلاً، لكنها كانت تقدمت واحتلت مواقع قريبة من الكتيبة الرابعة.

أصدر حابس المجالي أوامره بالهجوم المعاكس مع أذان فجر اليوم التالي، فاشتبك الجيش العربي مع القوات الإسرائيلية والحق بها خسائر فاذحة زادت عن 100 قتيل منهم قائد الألوية المهاجمة، فيما خسر الجيش العربي سبعة شهداء وستة عشر جريحاً.

في 11 حزيران/يونيو 1948، بدأت الهدنة الأولى بين القوات العربية والإسرائيلية لمدة أربعة أسابيع، بضغط من الأمم المتحدة، ولم تلتزم إسرائيل بشروط الهدنةوأخذت بتحريك قواتها وتلقي كميات كبيرة من الأسلحة من الخارج.

وفي 8 تموز/يوليو 1948، بدأت القوات الإسرائيلية مهاجمة القوات العربية المشاركة في الحرب، التي كانت التزمت بالهدنة، فحقق الإسرائيليون مكاسب كبيرة حتى فرضت الأمم المتحدة الهدنة الثانية في 21 تموز/يوليو 1948، التي انتهت بها حرب فلسطين.

في نهاية حرب العام 1948، كانت قوات حابس المجالي قد حققت انتصارات كبرى على القوات الإسرائيلية، حمت بها القدس من الوقوع تحت الإحتلال، وربحت كل المعارك التي خاضتها في الحرب موقعة بالقوات الإسرائيلية خسائر فادحة فاقت 1300 قتيل، يشكلون أكثر من ثلثي القتلى الإسرائيلين في الحرب، فضلاً عن مئات الأسرى والجرحى،

حتى سماها جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين " الكتيبة الرابحة ".

وفاته رحمه اللّه

في 22 نيسان/أبريل 2001، انتقل حابس المجالي إلى الرفيق الأعلى، عن 91 عاماً، وهو يوصي من حوله بالحفاظ على الأردن وطنه الذي أحبَّه وأمضى عمره في خدمته والدفاع عنه.

ووري جثمانه الطاهر الثرى، في بلدته الربَّة بالكرك، بعد جنازة عسكرية مهيبة، ليظل في قلوب الأردنيين رمزاً خالداً، من رموز الوطنية الأردنية.

خلّد الأدب الشعبي الاردني حابس وبطولاته في الأشعار والأقوال، فقيل في بطولات معارك باب الواد في حرب العام 1948:

كـتـيـبـة قـــايـدهــا حـــابس * * * تـقـش الأخـضـر والــيــابـس

حــابـس وجـنـوده أشـاوس * * * فــرســان وكـلـهـم أبـطـــال

حــابـس حـبَّسـهم بالــوادي * * * حــــابـس وجـنـوده وتــــــادِ

حِـس أخـو خـضـرة ينـــــادي * * * عـلى الـهـاغــانــاة يـا رجـالِ

بـبــاب الـــــوادي واللـطرون * * * يـوم الـمـعـامع يـوم الكون

انــهــزم جـيـشـك يـا صهيون * * * والــوادي مـن دمـــك سـالِ

ساهم حابس من خلال شعره ومعرفته بالشعر وبالشراكة مع رئيس الوزراء وصفي التل في إنجاز أغنيات وطنية مشهورة، كان لها أثرها في صاغة الهوية الوطنية الأردنية.

لأنها كتبت باللهجة المحكة وتحدثت عن القيم والبطولات الوطنية، وقد أنتجت الإذاعة الأردنية تلك الأغنيات وبثتها في ستينيات القرن العشرين فصارت جزءاً من الذاكرة الوطنية للأردنيين، ومن الأشعار التي كُتب مطلعها في دار الإذاعة بالتعاون بين وصفي وحابس،وأكملها الأديب الأردني حسني فريز،

وتغنت بها المطربة الأردنية " سلوى ":

تـخـسى يا كــوبـان ما انت ولــف الــي * * * ولــفـي شـاري الــمـوت لابـس عـسـكـري
يـزهـى بـثـوب الـعـزَّ واقـــــف معتلي * * * بـعـيـون صــقـــر للــقــنـــص مـتــحـضــري
نـشـمـي مجـيد الباس سيفه فيصلي * * * مــقـــدام، بـــــاع الــــروح لله الـمـشـتـري
هــــــذا ولــيــفـي فــــارس ومتحفلي * * * كـل الـنـشــامى، تـقـول صـولـة حـيـدري
مـدفع سبير الهــاون إلنه جــلــجــلي * * * يــصــدى رعـــــــــود بــالـفـضـا تـتــفـجــري
وجـــبـــال دابٍ تـــغـــيــــر وتـــنــجــلــي * * * بــعــزهـــا الــعـــالي ودحـــــر الـمـفـتـري
الـــيـــوم جـى اللــي بــســمـانــــا ينتلي * * * بــنــســور شــهــب، كـل غــرمٍ غــشــمـري
حــــنا عــن الـمـطـلـوب مــــــا نتحولي * * * ولابــــد خـشـم الـغــــادر مـــا يــتـعـفـري
نـار الـغضا والغـيـض جمـر مـشـعـلي * * * يــصـلـى بــحـور سـمـومــهــا الــمـتـجـبــر
مـسـرى الـنـبـي نـادى بصوت المبتلي * * * ويــن الــنــشــامى فــوق خـيـلٍ ضـمَّــري
ويـــا "حسين" نور العين إنت عز إلـي * * * جـيـشــك يــلــبــيــنــي وعــزمــك مـقـدري

مسؤول متحف المشير حابس المجالي




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :