إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • اخبار محلية

  • الدكتور أيمن مسنات مودعاً طلبته: لو كنت اعرف حجم ما تركته على البعض لاخترت طريق الهروب أو الابتعاد بهدوء

الدكتور أيمن مسنات مودعاً طلبته: لو كنت اعرف حجم ما تركته على البعض لاخترت طريق الهروب أو الابتعاد بهدوء


عمان جو - بعد جملة من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، كان يودع فيها طلبة كلية الاعلام في جامعة البترا استاذهم أيمن مسنات والذي عمل لمدة تزيد عن الثمان وعشرين عاماً في جامعة البترا منذ أن كانت باسم جامعة البنات

ودع الدكتور أيمن طلبته على طريقته الخاصة، برسالة يوصف فيه حجم ما كان يتحمله من مسؤولية، وبرسمة لطريقه منذ البداية

وتالياً نص رسالته :-معنى أن تكون معلّماً

أحبائي
لو كنت أعرف حجم هذا الأثر الذي تركتُه على البعض منكم خلال مسيرتي لربما خفت وآثرت اختيار طريق الهروب أو الابتعاد بهدوء، منذ زمن بعيد.

لقد أشعرتموني بحجم المسؤولية التي كانت ملقاة على عاتقي، وعلمتموني أن كل ما يقال ولا يقال يترك أثراً ما في النفس، نحبه أو نمُجه. تعلمت منكم وأتعلم الكثير، فشكراً لكم على عطائكم وفيض مشاعركم. شكراً لكم، طلبةً وزميلاتٍ وزملاء على روحكم الرائعة الساكنة في أجسادكم والتي أطلقتموها نحوي بمحبة ونقاء.

في صغري كنت أشم رائحة زكية لبعض معلماتي، بل لمعظمهن. كنت حساساً لطبيعة صوتهن ونبرته. بعضهن تركن أثراً إيجابياً في نفسي انعكس على شيء من عاداتي حتى الآن. تعلمت من إحدى معلماتي عبارة لا أزال أرددها حتى اليوم مستهلاً نهاري : " ربي يسر ولا تعسر ، ربي تمم بالخير".

أما الرجال من معلميّ، فكنت أتأملهم من رأسهم لأخمص القدمين. كنت "أوازن" فيهم بين الهيئة الخارجية من لباس وترتيب إلى المشية وطريقة الجلوس وطريقة الوقوف وحركات اليدين والعينين، وأسلوبهم في الكلام.

لم يخطر ببالي بأنني سأكون يوماً واحداً مثلهم، واحداً منهم، ينظر إلي الطلبة "فيشرّحوني". يرصدون حركاتي و صوتي وإيماءاتي، يشمون رائحتي ويحللون شخصيتي.

من أساتذتي في المرحلة المدرسية من كان بمثابة الصديق والمعلم في آن مثل ندرة اليازجي وأميرة الدرة وسيف الدين البغدادي وحبيب لكح وأحمد صادق يونس ونوح ميقري.

ودارت الأيام فدخلت سلك التعليم من باب "جامعة البنات الأردنية" ، متردداً وخائفاً في البداية. ذلك التردد عبرت عنه في حينه لمن أخذ بيدي وأدخلني في هذا المجال، أستاذنا الكبير فهمي جدعان.

التعليم الوجاهي مرعب عندما نفكر بحجم المسؤولية. مرعب عندما نفكر للحظة أن كلمة منا أو سلوكاً ما قد يؤثر سلباً أو إيجاباً بمن يواجهنا في قاعة المحاضرات، تكلمَ أم صمَتَ.

مرعب أن تكون معلماً ناجحاً عند بعض طلبتك وفاشلاً عند البعض الآخر. فتتساءل لماذا وما العمل؟

مرعب أن تكون معلماً فاشلاً فتتلاشى توقعات المتعلمين. وتتساءل أين تكمن المشكلة و هل أستمر في الطريق ؟

مرعب أن تكون معلماً ناجحاً فينتظر منك المريدون الكثير، لا يكتفون بالجديد بل يطلبون أحياناً المستحيل.

يا لها من مهنة، صنعة التعليم، إن نجحت فيها فأنت من أصحاب البصائر، وإن فشلت فأنت في جحيم الانتقاد، محط الأنظار .

يا لها من مهنة، صنعة التعليم، النجاح والفشل فيها يسلكان مسربين متوازيين يسيران معاً صوب هدف نبيل. قد تجنح العربة بسائقها فتنتقل من مسرب لآخر، لكن في النهاية، عليك لبلوغ الهدف أن تسعى لالتقاء المسارين.

العلاقة بين المعلم والمتعلم علاقة معقدة ومحيرة. هي علاقة تُجرَب فيها كل أساليب الإقناع. هي كعلاقة عاشقيْن متيميْن ، شعرة تفصل بين الحب والكراهية، ، بين القرب والبعد ، بين الرفض والقبول.

كان البعض من طلبتي يطلبون رأيي الشخصي في عدد من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وكنت أجيبهم: "رأيي بحد ذاته ليس مهماً لكم، لا أريد أن تكونوا متفقين معي بالرأي، ولكن تعلموا كيف تكوّنون رأياً. القدرة على تكوين الرأي هي الأساس".

تجربتي في التعليم لها ما لها وعليها ما عليها. حاولت واجتهدت فأصبت وفشلت، لكن حماستي لم تفتر تجاه أسرتي الجامعية.

تعاونت مع مسؤولين وزميلات وزملاء رائعين كنت أستمد منهم طاقة إنسانية بلا حدود. كثير منهم ما زالوا يناضلون في الساحة الأكاديمية، في كلية الإعلام وفي غيرها، يقدمون عصارة تجاربهم، وأدعو طلبتنا للاستفادة من علمهم، فعندهم ما يهبون بروح المحب المعطاء.

كما أدعو أبنائي الطلبة إلى الحوار البناء والتعاون المثمر مع الجيل الشاب من أسرة الجامعة الذي يحمل، مثلهم، أفكاراً جديدة وطموحات كبيرة لا بد وأن تسهم في تطوير العملية التعليمية.

وإن أنسى أبداً لا أنسى من رحلوا عن عالمنا وبقيت صورتهم الجميلة ماثلة في الذاكرة.

من الراحلين الحاضرين في قلوبنا، من أسرة الجامعة: محمود السمرة ومروان الدحلة ونزار الريس وبشير العيسى ولينا حنانيا وجانيت المفتي وفارس بدوي وسهير السوداني وفخري خضر وعصام سخنيني ومحمود عطا ومروان خير وجمال التميمي ومؤخراً زميلتنا السابقة في كلية الإعلام حياة الحويك عطية ... رحمهم الله جميعاً.

لكن المسيرة مستمرة لن تتوقف بفضل جهود مؤسسي الجامعة وبُناتها وأعضاء أسرتها الحاليين.

بعد مشوار دام نحو ثمانية وعشرين عاماً أقولها بملء الفم: أنا فخور بجامعتي، جامعة البترا التي أرى فيها قصة نجاح بدأت ولن تنتهي، وهي بحق نجمة مضيئة في سماء هذا الوطن الجميل.

أيمن مسنات
عمان، تموز 2021




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :