إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الغاء حبس المدين .. بين كرامة الانسان وبديل يضمن الحقوق


عمان جو - - لاقى قرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع القانون المعدل لقانون التنفيذ لسنة 2021م ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض لمقترحات التعديل التي تحد في صلبها وتمنع حبس المدين في بعض الحالات التي يمكن أن تترتب عليها آثار اجتماعية سلبية وضررا قد يلحق بالدائنين، حيث تضمن مشروع القانون الحالات التي لا يجوز فيها حبس المدين، ومن أهمها إذا قل المبلغ المحكوم به عن خمسة آلاف دينار.
كما تضمن مشروع القانون عدم جواز حبس المدين إذا عجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي على أن يسري هذا الحكم بعد مرور 3 سنوات من تاريخ نفاذ أحكام القانون المعدل.
من جانبهم طالب حقوقيون الحكومة والجهات المعنية بدراسة المخاطر الناجمة عن إلغاء "حبس المدين" من حيث ضبط عمليات الإقراض والتمويل بداعي أن العديد من البنوك ستمتنع عن إقراض الأفراد، خصوصاً ذوي الضمانات الضعيفة الذين سيلجؤون إلى فئات او بؤر إقراضية توجد في المجتمعات عادة لاستغلال هذه الطبقة، ما يوسع المشكلة ويوجد لهذه الفئات المقرضة البديلة أدوات تحصيل غير قانونية منفلتة عن النظام القانوني العام، بحسب رأيهم.
ورفض ممثلون عن غرف الصناعة وجمعية البنوك والقطاع الخاص خلال إجتماع مع نقابة المحامين، للتعديلات التي لا زالت في رئاسة الوزراء والمنوي عرضها على مجلس النواب قريبا، مشيرين إلى وجود مخالفات قانونية ودستورية في التعديلات وخاصة فيما يتعلق بالقاعدة الدستورية التي تنص على المساواة بين الأردنيين في الحقوق والواجبات، محذرين من الآثار السلبية على الاقتصاد والمجتمع والخزينة العامة لمنع حبس المدين.
عضو اللجنة القانونية النيابية الدكتور غازي الذنيبات أكد لـ عمون الأحد، أن مشروع القانون المعدل لقانون التنفيذ لسنة 2021 الذي أقرته الحكومة، لم يصل الى مجلس النواب لمناقشته ولم تخاطب اللجنة القانونية من قبل نقابة المحامين او أي جهة معنية بهذا الموضوع، مؤكدا في حال عرض المشروع على البرلمان سيحال الى اللجنة القانونية المختصة وسيتم دراسته وعقد لقاءات لبحثه مع جميع الأطراف لغاية الوصول الى المصلحة العامة.
وبدوره اعتبر عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب عارف السعايدة خلال تصريحات سابقة، أن التعديلات التي جرت على قانون التنفيذ "جيدة"، مقترحا إصدار أمر دفاع لوقف إجراءات التقاضي للمتعثرين بشكل عام ودون تحديد سقف للديون، وإعطاء فترة سماح لكي تبدأ هذه الشركات بتسوية ديونها لمدة لا تقل عن 3 سنوات لتعود هذه الشركات إلى وضعها الطبيعي، وإلغاء فوائد الديون السابقة عن كبار التجار، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
المحامي عامر الدميري اعتبر أن ما ورد في مسودة قانون التنفيذ المعدل عدد كبير من التعديلات اهمها وأخطرها هو ما نص على منع حبس المدين/ المحكوم عليه بالسندات والاحكام التي تقل عن 5 آلاف دينار، معتبرا أن هذا التعديل يلحق ضررا فادحا في مصالح الدائنين كما سيؤثر مباشرة على الاقتصاد الاردني كون عدد كبير جدا من الايجارات والعمليات التجارية اجمالا التي تتم في البلد تقل قيمتها عن خمسة آلالف دينار.
وقال الدميري في حديثه لـ عمون، "نظرا لعدم وجود طرح بديل منطقي قابل للتطبيق للحبس فإن النص المعدل سيؤدي الى نتائج سلبية في ظل عدم مراعاة القانون لتساوي الحقوق بين الدائنين ولأثر النص على التبادل التجاري".
وأقترح ان يتم تعديل القانون بتوسيع صلاحية قاضي التنفيذ بعقد تسوية ملزمة للطرفين "الدائن" و "المدين غير المقتدر" بعد التثبت من عدم قدرته على السداد وتحت طائلة الحبس في حال عدم إلتزام المدين بما يقرره قاضي التنفيذ، مشيرا الى أن أي مقترح أو تعديل قانوني يجب أن ينظر إليه من جميع النواحي "القانونية والواقعية والأثر الاقتصادي".
الناشط السياسي المحامي هيثم عريفج قال إن، "حبس شخص يوم واحد كفيل بإهدار إنسانيته مدى الحياة"، مطالبا بمنع حبس المدين غير القادر على السداد مع حفظ حق الدائن والتأكيد على الحق الاساسي، خاصة مع إرتفاع وتيرة المطالبات في الأردن لإجراء تعديلات قانونية تمنع حبس المدين في القضايا المالية بسبب عدم قدرته على السداد، مقابل ضمانات تضمن حق الدائن.
واقترح عريفج فكرة قال إنها مستخدمة في دول كثيرة تضمن حق الدائن ولا تكبل حرية المدين بممارسة حياته أو منعه من العمل لقضاء دينه وتحافظ على الإقتصاد الوطني بشكل عام، وذلك من خلال إستحداث تطبيق أو نظام "نقاط الإئتمان" والذي يتم التحقق من خلاله من بيانات العملاء في حال كان متعسرا بالسداد لأي جهة "ايجار، قسط بنكي، قرض، تعاملات مالية" لا يسمح له بإجراء أي تعامل جديد قبل أن يصوب أوضاعه ويجري عملية السداد أو التسوية، الأمر الذي يضمن عدم تكرار التعسر المالي لدى الشخص ويحفظ حقوق الدائن بالسداد ويخفف من إجراءات التقاضي والأموال التي تدفعها خزينة الدولة في رعاية المحكومين.
من جهته، قال مدير جميعية البنوك السابق الدكتور عدلي قندح لـ عمون، إنه لا شك ان الدولة عندما تقوم بتعديل قانون يكون الهدف تحقيق العدالة بين أطراف النزاع، وفيما يتعلق بقانون التنفيذ فان طرفا النزاع هما الدائن والمدين وعندما يتم حبس المدين فان الطرف الذي يتحمل تبعات الحبس يشمل كل من الدائن حيث يفقد فرصة السداد والمدين، ويضاف اليهما الخزينة لانها تتحمل كلفة الحبس كاملة وهذا يضيف أعباء كبيرة على موازنة الحكومة، وهذا ما تسعى الحكومة التقليل منه اتباعا للاعراف والقوانين الدولية المعمول بها في معظم دول العالم علاوة على التخفيف عن اسرة المدين.
وأكد أنه يفترض ان يكون العقد الموقع بين الدائن والمدين هو الفيصل بينهما دون اللجوء لطرف ثالث وخاصة في ظل وجود خدمات استعلام ائتماني يفترض ان توفر معلومات ائتمانية دقيقة عن المقترض قبل منحه التمويل.
ويعتقد قندح، ان التعديلات التي ادخلت على 17 مادة في قانون التنفيذ ستعمل على توفير توازن بين الدائن والمدين، حيث تم تخفيض نسبة مبلغ التسوية من 25 بالمائة الى 15 بالمائة، وتم تقليص عدد الايام التي يجوز فيها حبس المدين من 90 يومًا الى 60 يومًا وألا تزيد المدة الاجمالية للحبس للسنة الواحدة عن 120 يوما مهما تعدد الدائنون، وهذا يعني انه لا يجوز للمدين ان يغيب عن منزله اكثر من 4 شهور في السنة وهذه نظرة محايدة من الحكومة وفيها وجهة نظر اجتماعية ونفسية إيجابية على اسرة المدين.
وأضاف، "التعديلات نصت على عدم امكانية حبس الزوجين المدينين معًا او اذا كان لديهما أطفال بعمر اقل من 15 سنة او من ذوي الاعاقة وهذا امر جيد للأسرة، كما لا يجوز حبس المدين الذي يعاني من مرض مزمن لا يتحمل الحبس وفقا لتقرير من لجنة طبية حسب التعديلات وكان سابقًا متروك للقاضي، وهذا ايضا تعديل إيجابي، ولا يجوز حبس الزوج من قبل الزوجة او العكس او بين الاصول والفروع الا اذا كان لنفقة، وهذا امر مستحب".
واعتبر مدير جمعية البنوك السابق، أن النقطة الفيصل في التعديلات هي وضع حد للمبلغ الذي لا يجوز الحبس اذا قل مبلغ الدين عنه وهو خمسة آلاف دينار وهو مبلغ معقول، ولكن لا نعلم هل يقصد بذلك اصل المبلغ ام اجمالي القرض مع فوائده المستحقة عليه ام رصيد المبلغ عند وقت التعثر وهذا ما يجب ان يتم توضيحه، كما ولا يجوز حبس المدين اذا ثبت ان لديه اصول يمكن بيعها لتسديد مبلغ الدين، وهذا امر ايجابي يقلل من حالات الحبس تدرجا للوصول الى مرحلة لا يحبس فيها المدين.
وأكد أنه إذا أقرت هذه التعديلات فان حوالي 67 بالمائة من المدينين سيستفيدون منها لان مبالغ الدين الخاصة بهم اقل من خمسة آلاف دينار وسيشمل الغارمات اللواتي أثيرت مشكلتهم قبل سنوات قليلة وزجن في السجون مقابل تعثرهن بمبالغ بسيطة جدًا، ووفقا لهذه التعديلات سيتم الغاء حبس المدين اذا تحقق شرطان الاول عجز المدين عن الوفاء وفي حال وجود التزام تعاقدي.
يذكر أن قانون التنفيذ ينص على حبس المدين لمدة 90 يوماً في السنة عن الدين الواحد مهما كان مصدر الالتزام به أو نوعه، بينما جاء العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 11 منه حيث لا يجوز سجن الانسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :