إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

جرش وطاهر


عمان جو- عبد الهادي راجي المجالي - ذهب طاهر المصري إلى جرش لحضور حفل الفنانة دلال أبو آمنة هو والنائب خليل عطية.. وهنالك بكى على أغنية موطني, وستبقى هذه الدموع في ارشيف الرجل حتى النهاية.. ستبقى أيضا في أرشيف خليل عطية...

دلال بنت فلسطينية قررت أن تترك مهنتها الأصلية وهي الطب (جراحة الأعصاب)، وأن تقاتل بالوتر والأغنية, قررت أن تعيد إحياء التراث الفلسطيني.. لقد اكتشفت أن النضال بالأغنية يزعج اسرائيل كثيرا, وأن الصوت حين يعلو باللهجة الفلسطينية يرسخ الهوية أكثر..

لا نقول لطاهر المصري كفكف دموعك... بل نقول له اذرفها كيفما شئت، لأن العشق هو السر الذي لا يبوح به العاشق.. إلا فلسطين فيجب أن تفصح عن حبها سواء بالدمع أو الدم.. هي الوحيدة التي يكون عشقها علنيا, من دون خجل أو تردد..

لقد جعلني المشهد فرحا، ليس لأن رئيس وزراء سابق لوح بيديه على المسرح لأجل فلسطين.. بل لأن الغناء حين يكون عن الهوية, وعن زيتون فلسطين وعن دم الشهداء.. حتى المسرح يطرب والحجارة تهتز, وحتى الشيب الذي نبت على رأس طاهر.. يستعيد نابلس وهواها, ويحن لنسمتها السكرى كي تلعب به... ويستعيد أيضا جيلا نسي في لحظة أن هدفنا في الحياة هو القتال لأجل وطن وقضية ومصير.

مشهد البارحة كان ابلغ من كل المحاضرات التي ألقاها طاهر المصري في حياته, كان ابلغ من كل المناصب التي تسلمها, كان ابلغ من زيارات الأصدقاء وهمسات الليل.. وذاك العشاء المتأخر.. كان ابلغ من لغة بعض الانتهازيين الذين ركبوا السياسة للحصول على مغانم ومكاسب.. كان ابلغ من كل الذين صاغوا رواياتهم على لسان الرجل, وابلغ من كل الذين سحبوه لزوايا بعيدة غير الفضاءات التي اختارها لنفسه... مشهد البارحة كان ابلغ من زيت تعتق في الجرار ألف عام، وكان ابلغ من صبية.. انكرت الحب وكانت العيون تفضح ذوبان القلب..

كان ابلغ من كل ذلك, لأن ال (80) عاما من عمر الرجل اهتزت تماما، وكلها توجهت لفلسطين... ولأن اللسان صمت والدمع هو من تولى النطق، ولأن اليد التي تعبت من العمر عاد الدم يسري فيها متدفقا.. ولو لم تكن زيتونة معتقة من فلسطين هي التي تغني, لما حدث ذلك كله..


هذا هو طاهر الذين نريد, من دون (مايك) وحوار, من دون صحافة تكتب وأخرى تشكك، ومن دون جدل.. ومن دون زوار الليل الذين يأتون على غفلة من الوقت، وينقلبون لمعارضة بعد أن أعطاهم الوطن كل شيء.. ومنحهم هم والمحاسيب افخر عطور باريس واجمل ربطات لندن.. على الأقل كان مع خليل عطية وخليل تعود أن يزور الناس في وضح النهار, ويحب البلد وأهلها ويحب فلسطين وترابها.. دون أن يحسب حسابات المكاسب, لأن العاشق يستمتع بالخسارات أكثر...

شكرا دولة أبو نشأت على موقفك أول أمس, وشكرا لأن فلسطين حين تحضر حتى بالوتر يحضر معها القلب والدمع والدم، وشكرا لأنك العفوي في زمن التكلف.. وشكرا لأن الشيب لا يكذب, ولأن القلب يحترف الصدق...ــ الراي
Abdelhadi18@yahoo.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :