إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

رشيد حسن .. آخر الملتزمين الطيبين


الكاتب : فارس حباشنة

عمان جو - الراحلون يحملون معهم رائحة من يحبون. فالمشوار مهما ابتعد او اقترب فانه حتما سيعود الى نقطة الصفر، صفر البداية والنهاية. أمس تلقى الزملاء في الدستور والوسط الصحفي خبر وفاة الزميل رشيد حسن «أبو أسامة».
و الراحل كان قريبا ودودا من الجميع، وزميل عرف بطيبة القلب والمهنية، ولم يرو عنه قول سيىء او قول في غير مكانه.
الكتابة عن الزميل رشيد حسن استعادة لتاريخ جريدة الدستور والصحافة الاردنية.
و لطالما كان رشيد حسن كاتبا محاربا ومقاتلا، بكل معنى الكلمة، والدستور بيته وحضنه، والأوكسجين الذي يتنفس منه يوميا.
عرفت الراحل في جريدة الدستور، استاذا ومعلما، وصديقا، و كان قليل الكلام، وان تكلم اوجز الوصف والتشخيص في بلاغة. و الراحل اعطى الصحافة اكثر مما اخذ منها، وكما هو جيل من صحفيين ملتزمين، وصحفيين كانوا مأسورين للمهنة والكلمة الحرة والمسؤولة.
و في فترة معرفتي بالراحل في الدستور، كان يأتي صباحا، ويجلس في مكاتب التحرير، ويغادر الجريدة بهدوء ووقار حاملا نسخا من الدستور وصحفا يومية اخرى.
و يقف في محطة الباص المقابلة لمبنى الدستور. ويجلس في تواضع على الكرسي الحديدي، وينتظر باص كوستر، صويلح / دوار الداخلية ورغدان.
بدأ الراحل مع الدستور ومعها. ورغم ما تعرضت اليه الصحف اليومية، وما تعرض اليه الاعلام الورقي الا انه بقى ملتزما ومؤمنا بالصحافة الورقية ورسالتها المهنية و صمودها، وبقائها.
و على عكس زملاء كلما اشتدت ازمة الصحف اليومية، وعوضا عن المقارعة والانتصار للمؤسسات الصحفية الورقية، فقد كانوا اشد إيذاء وطعنا من الخلف لمؤسساتهم بالتشريعات والتصفيق لقرارات مؤذية و تعاكس صمود وبقاء الصحف الورقية . و كل ما التقي الراحل كان ينصحني، ويتحدث باختصار مقتضب عن اصول المهنية، ويعرف اني لا ازعل ولا اغضب من النقد، واتقبل الرأي الاخر، واتعلم واستفيد منه.
و في الصحافة حتما يجب التمييز بين الاصول المهنية والاختلاف في وجهات النظر والخصومة السياسية ومفارقات ثنائيات اخرى.
و الراحل رشيد حسن بقي محافظا على خطه القومي الفلسطيني التحرري والثوري. ومؤمنا ان فلسطين قضية مقدسة، و لا تحصن وطنية الفلسطيني الا بعروبته، ولم ينجر او ينسحب في موقفه الى تقويمات فصائلية سياسية فلسطينية لما بعد اوسلو، والانضمام الى جوقة كتاب ومفكري ومثقفي التطبيع ومشروع السلام الاسرائيلي.
كنت عندما اقرأ مقالات الراحل عن القضية الفلسطينية وافكار وقيم مبادئ التحرير والثورة والانتفاضة اشعر بالفرح، وان هذا الخط والنهج مازال له انصار ومؤيدون في الشأن الفلسطيني ، واني لست وحدي.
خسر الاردن وفلسطين صحفيا متلزما ومهنيا، وقلما ابيض ومضيئا بالفكر والثقافة والمواقف الوطنية التي لا تقبل التشكيك. وخسرنا نحن جيلا من الصحفيين معلما مميزا وواسع الافق وغني التجربة، وكاتب مقال ظل القارئ لآخر حرف وكلمة وجملة وفقرة يثق بما يكتب ويقول في زمن الانقلابات والتحولات الرمادية والحرباوية.
رحم الله «أبو أسامة»، وحمى عائلته وأحفاده.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :