إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الأردن: «إسرائيلياً»… بؤس خيارات بالتقسيط ومخاطر «تكيف»


عمان جو - بسام البدارين

يمكن قراءة تصريح وتعليق وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بخصوص حل الدولتين، الأربعاء، من زاوية تصطاد البؤس السياسي مجدداً، الذي وصل إليه الموضوع الفلسطيني وحمل معه المصالح الأردنية بعد مقاربات الواقع الموضوعي.
وزير الخارجية والبلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، يقرأ بصيغة واقعية أكثر حكاية مصير حل الدولتين، فكرتها أن ما تفعله اليوم إسرائيل هو دفن ذلك الخيار. الصورة الأردنية بين زاويتين أو من منظورين، تبدو منتجة للاحتمالات والسيناريوهات. حاول الصفدي صباح الأربعاء، تذكير الجميع بما قاله زميله السعودي فيصل بن فرحان سابقاً عن تسوية للصراع على أساس حل الدولتين، والمعشر بعد آخر ظهور علني أو إعلامي له استرسل في تحذير بلاده ليس من ذوبان حل الدولتين فحسب، ولكن من أخطار تشكل دولة واحدة عنصرية غربي النهر بصيغة تؤسس لمخاطر حقيقية ووجودية على الأردن.
بين صورتين تتكرس تلك الصورة الثالثة التي أقلقت وتقلق اليوم سياسياً أردنياً خبيراً ومحنكاً هو طاهر المصري، تحت عنوان “الارتباك واضح”.
وفي آخر زيارة قبل يومين لـ “القدس العربي” له، كان مستوى قلق المصري قد ارتفع مجدداً ليس فقط لأن إسرائيل واضحة اليوم، أو لأن الاتجاه العربي المعاكس في أضعف أحواله وساهم في إضعاف الأردن وتهديد مصالحه بالنتيجة، ولكن لأن ما بعد التعايش مع مسار التكيف أردنياً وإقليمياً وعربياً اليوم خطير جداً وللغاية.
المصري وغيره من كبار ساسة عمان يمسكون بأيديهم بالارتباك الموجود بكثرة ووفرة، خصوصاً مع غياب الاستراتيجية الوقائية “الاشتباكية” في مواجهة ما لفت النظر له عندما زار عمان عضو الكنيست العربي أيمن عودة، وهو يرد على استفسار لـ “القدس العربي” حصراً، مؤشراً إلى أن ما تريده حكومة المستوطنين – كما وصفها – هو إطلاق رصاصة الرحمة على إدارة الصراع واستبدالها بمنهجية حسم الصراع والملفات.
قال عودة بوضوح إن ذلك خطر حقيقي على الأردن.
وقبل ذلك، قال المعشر شيئاً مماثلاً، وبالتزامن ظهر قلق شخصية مثل المصري من مستوى الارتباك. لكن الساسة المشتبكين مع التفاصيل والحيثيات، لم يعرف أي منهم بعد وبصورة مفصلة، ماهية ومنطوق ومضمون المخاطر الناتجة عن اتجاهات حسم الصراع على الأردن والأردنيين. ولذلك، قد يبقى التخوف والتطرف في التحليل مؤشراً على المنقوص في الرواية المضادة، فنخبة من كبار السياسيين اليوم تحذر وتنتقد الموقف الرسمي وتتحدث عن مخاطر مباشرة وحقيقية أردنياً، لكنها تتجنب منزلقين بوضوح.
الأول، هو تعريف تلك المخاطر تفصيلياً. والثاني الإجابة عن السؤال: ما الذي يمكن للأردن أن يفعله بالمقابل خلافاً لما يفعله الآن؟
أثار رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، قبل أسابيع، سؤالاً من هذا الصنف وهو يتحدث عن الإمكانات والوقائع وغياب الإسناد العربي، فيما أشار المصري مجدداً إلى دور مسلسل الإبراهيميات المألوف، الذي لا يزال على قيد الحياة، ليس فقط ضد حقوق الشعب الفلسطيني ومستقبل قضيته، لكن ضد المصالح الأساسية والحيوية الأردنية.
يعكس ما حاول الوزير الصفدي صباح الأربعاء الإشادة عبره بموقف “الأشقاء في السعودية”، عمق الأزمة الدبلوماسية الأردنية، كما يعكس مستوى وحجم الجلوس في زاوية ضيقة عندما يتعلق الأمر بالخيارات والبدائل، لأن عمان لا تملك – برأي الفايز وغيره طبعاً – إلا ورقة الاشتباك الدبلوماسي، والتذكير بالبنية الأخلاقية والقانونية، والتنديد بتصعيد الاحتلال، كما فعل الأربعاء أيضاً الناطق باسم الخارجية الأردني السفير سنان المجالي.
وعمان بالتوازي، خيارها اليتيم في الاشتباك الآن هو تجنب الكمائن والمفاجآت، والبقاء في حالة ضغط على إسرائيل اليمينية عبر الصديقين الأوروبي والأمريكي، فيما يطالب الشارع الأردني بمسألتين تمثلان الحد الأدنى من التأسيس لقواعد اشتباك مع المخاطر على الأقل، وهما:
المسألة الأولى، وضوح أكثر في الرؤية الدبلوماسية تحديداً وعدم حصر الميكرفون بخصوص الملف الإسرائيلي والفلسطيني بحضن شخص واحد، والتحدث مع الناس وإبلاغهم بحيثيات الموقف الرسمي للدولة، لتجنيدهم ضمن سياقاتهم بالحد الأدنى، وهو أمر لم يحصل بكل الأحوال بعد.
والوزير الصفدي يخرج بين الحين والآخر بعبارات ومفردات محدودة عن معلومة هنا أو هناك بالتقسيط المضجر، والحكومة برمتها لا تتحدث أصلاً مع الشارع بالقضايا السياسية الكبيرة. المسألة الثانية، مقاربة في تجهيز سياسي وقائي كان قد بدأ الحديث عنها قبل أشهر في ورشة عمل شهيرة بالبحر الميت، لا أحد يعلم أين توصياتها وتقريرها التفصيلي بعد. وتلك المقاربة هي التي تفترض سياسة وقائية في ظل السلوك العنصري العدواني الإسرائيلي، تبدأ من عودة جذرية وعميقة للإصلاح في الداخل، وتنتهي بفتح قنوات دبلوماسية أو استدارة مضمونة في خيارات التنويع، سواء مع إيران وتركيا أو حتى مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
ثمة نقصان حادان في المشهد، ويمكن تلبيتهما بدلاً من الاسترسال في لعبة ترديد كلام لم يعد له معنى، برأي المعشر، عن خيار حل الدولتين، وبدلاً من البقاء في دائرة الخوف والحذر من الحلقة القادمة والخطرة في مسلسل الإبراهيميات.

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :