إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الأردن في حربه على وكلاء الميلشيات


الكاتب : ماهر ابو طير

عمان جو- الحرب التي يتم شنها على الاردن، من خلال حدوده الشمالية، تهدد امنه الوطني بشكل مباشر، فهي ليست مجرد اشتباكات عسكرية يومية، بل تعبر عن حسابات اخطر من ذلك بكثير.


حسنا فعلت مؤسسات الدولة بالحملة التي يتم شنها الان في بعض مناطق المملكة القريبة من سورية، من خلال توجيه ضربات لميليشيات مسلحة في الداخل الاردني، شريكة مع ميليشيات مسلحة موجودة في عمق الارض السورية، وترعاها عواصم اقليمية بهدف خلخلة بنية الداخل الاردني واغراقه بالمخدرات والسلاح بما في ذلك الصواريخ والقاذفات والذخائر.

لقد انتقدنا مرارا اداء الحكومات، لكن النقد هنا، لا يبيح لاي واحد فينا السماح او قبول فكرة تعرض استقرار الاردن بما يعنيه للخطر، لان الخطر هنا سيشمل الكل، خصوصا، في توقيت جيوسياسي حساس ومعقد وضاغط، حيث يحاط الاردن بالحروب والازمات والانفلات، ومخططات نقل الازمات اليه، تحت عناوين مختلفة، بعضها خادع وبراق، وبعضها واضح العداوة، بشكل علني جدا، ويضمر الشر لهذا البلد الذي يسلمه الله دوما.
هذا يثبت ان الدولة على مستويات محترفة معينة قوية، فالمؤسسة العسكرية، وكافة المؤسسات ذات الصلة بالامن الوطني قوية، وتدرك مهماتها، وبعمليات التطهير التي نراها في بعض مناطق شمال الاردن وباديته، يقال عمليا وبشكل محدد ان الدولة قوية وليست ضعيفة، وليست قابلة للاختراق، ولولا هذه القوة لما صمدت الدولة طوال عقود من الازمات والاستهداف، ومحاولات استصغار الاردن، والظن انه يمكن المرور الى الاردن دون سؤال او جواب.
لقد طالبنا مرارا وطالب غيرنا من مراقبين الا ننشغل فقط بحرب الحدود، لان الميليشيات وراء الحدود ومن يرعاها ويوجهها، تعمل مع شركاء محليين، ولولا وجود عملاء وشبكات محلية ووكلاء لما استطاعت العمل بكل هذا الاصرار، حيث كل محاولة تهريب تجري ضمن خطة وعملية ايصال الى طرف محدد في الداخل الاردني، وقد اشير مرارا الى ان تطهير الداخل الاردني من وكلاء هذه الميليشيات هو الحل الاكثر فاعلية في هذه الحرب، وبالتأكيد فأن عدم قتل كل المهربين، واعتقال بعضهم كما جرى مؤخرا، والتحقيق معهم، كشف معلومات خطيرة استخبارياً، من حيث ارتباطاتهم، ونقاط اتصالهم داخل الاردن، وهذه التحقيقات كشفت خارطة متكاملة وتفصيلية من المعلومات حول المخازن في الاردن، والوكلاء الكبار والصغار، وكل العناصر العاملة مع كثير من هذه الشبكات التي وصلت حد استعمال السلاح لقتل ابناء البلد وجرحهم، خلال محاولات القاء القبض على بعضهم، بما يعني ان اجرامهم لم يعد له حد ولا سقف، بما يوجب خلع شوكهم من بيادرنا.
نحن اليوم نعبر توقيتا يعرفه الجميع من حيث حساسيته واحاطة الاردن بالازمات والحروب والحرائق، ولا يعقل ان يتم شن حرب مثل هذه على الاردن، عبر الحدود دون اجندات سياسية، تريد اضعاف الاردن لاعتبارات معروفة، وهذا يعني ان المتورطين في الشبكات المحلية ليسوا تجار حرام، او مجرد باحثين عن المال، بل يتورطون فعليا بعمليات تتقاطع مع اجندات اقليمية تريد تخريب الاردن، وتحويله الى دولة منهارة، تغرق في المخدرات، والاسلحة، وتتحول الى ممر لهذه الميلشيات التي تستهدف في المحصلة دولا عربية ثانية، وتتعامل مع الاردن بمنطق الساحة، وليس الدولة المنجزة، حتى لو كانت تواجه المصاعب.
مما يؤسف له في الداخل الاردني اننا نختلف دائما، ونتورط في الجدل ازاء اغلب القضايا، وهذا حق متاح على اية حال، اي حق الجدل والاختلاف، لكن امام مشهد الحدود الاردنية مع سورية، لا يمكن الجدل، ليس اسكاتا لوجهات النظر الثانية، بل لان هذه الحرب في حدها الادنى تريد تدمير بنية المجتمع الاردني، ويكفي ان نقرأ احصائيات المخدرات وقضاياها التي تقترب من حدود عشرين الف قضية مخدرات سنويا، لنعرف مدى الخطر الذي يواجهنا، وهو خطر يبدو ناعما وغائبا عن الرصد المجتمعي، لكنه واضح جدا، حتى في مسببات الجرائم.
لم يعد مقبولا ان يتم تأويل كل خطوة للدولة تستهدف حماية الاردن، بل على العكس علينا ان نلوم بشدة لو قصرت الدولة في هذه الحرب، وفيما هي تقوم بشن الحرب على اوكار العصابات في كل مكان، بما فيها مناطق شمال الاردن وباديته، فهذا يثبت انها دولة مقتدرة بكل مؤسساتها، بما فيها الجيش العربي الاردني، وجهاز الامن العام، ويؤكد ايضا وجود تقييم دقيق لدور وخطورة الشبكات المحلية، ووكلاء الميلشيات خلف الحدود، فيما يكفي ان يتعرض ابناء مؤسساتنا الى الخطر في هذه المواجهات من اجلنا، وقد دفعوا الدم ثمنا في مرات سابقة.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :