عمان جو- ما الذي يحكم العلاقة بين الميكانيكي والمواطن؟
القانون، مرجعية تشريعية، والرقابة الحكومية، ام الاعتباط والغبن، ام ماذا ؟! سؤال غريب لحد ما.. ولكن ثمة قصص عجيبة وغريبة وخطيرة تستحق ان تعرض وتفرد امام السلطات والجهات المعنية. تتعطل السيارة، وتصاب في خراب ميكانيكي، وتجر على ونش، وتحمل الى بيادر وادي السير او ماركا او ما تشاء.
سواء كان العطل ميكانيكيا او كهربائيا، تحط بعجالها الاربعة على الارض، وتركن امام كراج سيارات.
تنتظر طويلا، ولكي يشرف «المكيانيكي»، ويمنحك من وقته دقائق، ويسمع ماذا حصل للسيارة. و ينادي على واحد من « الشغيله «، ويطلب منه اجراء فحص. و تنتظر في خارج الكراج، ويدك على قلبك وترتعش، وتأخذ حبة اسبرين ومهدئ اعصاب. و يخرج الشاب « الفحيص «، ويهمس في اذن المعلم « المكيانيكي «، يتبادلان الحديث باقتضاب.
و عملية الفحص لا تتجاوز دقائق، والنتيجة لا تكون مطبوعة او مكتوبة، وتنقل بين المعلم و»الشغيل» في الهمس والاشارات.
تقلب في باحة الكراج، من هؤلاء، وكيف تم تأهيلهم لكي يعملوا في مكيانيك وكهرباء السيارات ؟ ومن خولهم ومنحهم سلطة في فحص وتقيم واصلاح السيارات؟. و هل يحملون شهادات عملية ومهنية؟
وقلبت الكراج ودخلت الى مكتب المعلم، ولا ورقة معلقة على جدران المكتب.. صور شخصية للمعلم يشارك في راليات للتشحيط والتفحيط، وصور، وهو لابس نظارات وجاكيت جلد بلا لون، وواقف على بوز «سيارة زعراء». في الكراج تتكدس سيارات من انواع وموديلات مختلفة الماني وياباني وامريكي، وكوري.. وكهرباء وهايبرد، بنزين.
و المعلم يلقي نظرة سريعة على السيارات المركونة في الكراج، ويختفي، ولا يعرف احد اين يذهب ؟
و ابلغني عامل في الكراج، ان المعلم يذهب الى قهوة قريبة ويضرب نفس» زغلول». و يرفض المعلم ان يعطي رقم هاتفه الى الزبائن، ويعتذر عن استقبال اتصالات بعد الساعة السابعة مساء.
و ما ادهى والعن، حين تنتهي عملية اصلاح السيارة، وهنا تكون المفاجأة والطامة الكبرى، الفاتورة وقيمتها.
ورقة بيضاء غير مروسة، وفي ذيلها كلفة اصلاح السيارة.
و دون توضيح وتفصيل وشرح حول الرقم، وما هي الحيثيات، والاسعار، وكيف تم اقرارها ؟!
تكون مجبرا على دفع الفاتورة، وسألت» الشغيل» اذا لم ادفع الفاتورة او خصمت مبلغا من قيمتها؟! قال بسخرية صفراء.. لن تأخذ سيارتك او سوف تأخذها خربانه وكوم حديد وقطع غيار، وادار ظهره. من كراجات البيادر او ماركا، واذا ما تعرضت الى موقف مواز ومماثل، فماذا تفعل ؟ ضابط في الامن العام ابلغني ان مركز امن البيادر خصص قسما وفريقا امنيا لاستقبال شكاوى المواطنين من الكراجات والمكانيكية. و الشكاوى تفصل في المركز الامني سواء في البيادر او غيره. و رجال الامن العام مشكورين.. واكيد عدالة الامن العام سامية وفوق الشبهات.. ولكن، اليوم علاقة المواطن والميكانيكي تحتاج الى اعادة ترسيم بخطوط حمراء.
و في نهاية اي نزاع او خلاف بين مواطن وميكانيكي فان الاخير ينتصر ويفرض قراره وارادته على الحكومة والعدالة والمواطن. و انا، اعرف قصصا كثيرة، وراح ضحيتها مواطنون.
و مرارا وتكرارا كتبنا عن غياب وقصور وضعف في ادوار وزارة الصناعة والتجارة الرقابية.. وخصوصا في قطاع السيارات سواء تجارة «بيع وشراء واستيراد « او ميانيكك او تجارة قطع غيار.
و ثمة ما يوجب التحذير، ويوجب تبني «سياسة سوقية» لضبط عمليات نصب وابتزاز يتعرض لها مواطنون، ويذهبون ضحايا الى ميكانيكية سيارات. يبدو في الاردن ان للموطن قدرا حتميا، فهو ضحية، وضحية لكل شيء عام.. ضحية لمكيانيكي وضحية لتاجر جشع، وضحية لمستورد ماجن، وضحية لمطعم غشاش، وضحية للبنوك وضحية لشركات التسهيلات، وضحية لشركات الاتصالات، والخ..
وصراحة انا افكر ان ارجع الى « ركوب الحمير «.. وارجع الى بدائيتي الاردنية.. وحماري، ورسن وخرج وعليقة.. واقضي بالحمار اكثر من حاجة، واتخلص من شبكة ابتزاز في قطاع السيارات تجارة وميكانيكا ونقلا عاما وخاصا..و اظن اني سوف اشتري حريتي.