إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

جــريـمـــة لا تغـتـفــــر


عمان جو - حمادة فراعنة – القاهرة

هل هناك جريمة اكثر بشاعة من تلك التي نفذها ارهابيو داعش يوم الاحد 11/12/2016، يوم المولد النبوي الشريف، ضد المصلين الاقباط في الكنيسة البطرسية ( نسبة الى بطرس غالي الجد الذي سبق وتبرعت عائلته بكلفة بنائها ) التابعة للكاتدرائية المرقسية حيث مقر قداسة البابا تواضروس، في حي العباسية شرق القاهرة، فالضحايا الذين استشهدوا وارتقوا هم من النساء والاطفال؛ لأن الانتحاري الذي فجر نفسه استهدف الجناح المخصص للنساء في تادية صلواتهم الكنسية تقرباً من الله، وغالبيتهم من شرائح الغلابى الذين يؤدون واجباتهم الدينية خاشعين لما يؤمنون بما انزل لهم وعليهم رسولهم السيد المسيح عليه السلام، لا صلة لهم بالسياسة،، هم من المصريين الذين يتوسلون الرعاية والرضى لعلهم يخرجون مما هم فيه من فقر وعازة، ويتطلعون للمساواة على ارض وطنهم وفي بلدهم الذي لا بلد لهم غيره، ولا وطن لهم سوى مصر العزيزة .
نخجل من انفسنا، لما قام به الانتحاري المتطرف، لانه مسلم عربي، واستهدف بشرا من المسيحيين العرب، وناله من التحريض ما يكفي كي يكره الاخر عقائدياً وسياسياً، وحوافز وهمية تضليلية كي تدفعه لتفجير نفسه وسط المصلين داخل الكنيسة، ووسط نساء واطفال، ووسط اناس بسطاء يتعبدون الله لا ذنب لهم مما هم فيه من وضع سياسي او امني او خلاف عقائدي، فهم لا يستحقون الثأر من أي تبعات ينظر لها الساسة سواء كانوا من الاخوان المسلمين كما تفيد تحقيقات اجهزة الامن، او من داعش كما اعلنت في بيانها، وهو الارجح؛ لأن اداء العملية يشير الى فعل داعش واشكال “ جهادها “ ضد الآخر .
نجحل من انفسنا؛ لأنها ليست المرة الاولى التي يتم فيها استهداف الكنائس في مصر، فهي موجة تحريضية متلاحقة، واداء انحطاطي يفوق النازية والفاشية في اوروبا، ويتفوق على الاداء الصهيوني الاسرائيلي من عتاة المستوطنين الاجانب ضد المساجد والكنائس في عموم فلسطين، ولكنه مع الاسف يوازي العداء السافر غير المبرر الذي يستهدف مساجد الشيعة والسنة في العراق من قبل الطرفين ضد بعضهما البعض .
نخجل من انفسنا حينما تتعرض كنائس شعبنا من المسيحيين للمس والأذى في بلادنا، وما يعزينا، ويعزي المسيحيين الاقباط ان مساجد المسلمين مستهدفة كما هي الكنائس، ورجال الامن والجيش المصري مستهدفون كسائر شرائح الشعب المصري، فالموجة عدائية متعصبة متخلفة ضيقة الافق والتفكير، ولن ينالها الهزيمة سوى بتماسك ووحدة الشعب المصري في مواجهة الارهاب، والارهاب وحده العدو الاول للمصريين وسائر العرب وللبشرية جمعاء .
نخجل من انفسنا لما شاهدناه وسمعناه، فقد اثار فعل تفجير الكنيسة ردة فعل لدى حفنة من شباب اقباط، وتداعوا للتجمع كي يتوجهوا نحو مساجد المنطقة المحيطة للثار وحرقها، رداً على تفجير الكنيسة، وجاء صوت من سماعات الكنيسة، سمعتها مع رفيقي الدكتور محمد البيشاري المغربي الاصل الفرنسي الجنسية والاقامة، الامين العام للمؤتمر الاسلامي في اوروبا، عندما خرجنا من الفندق وذهبنا سويا للاطلاع عما حصل، والتعبير عن سخطنا لما صاب الكنيسة والاهالي من اذى، سمعنا معاً صوت وكيل عام البطريركية القس سرجيوس سرجيوس ينادي جموع الشباب الاقباط بصوت جهوري قوي “ يا شباب من يمس مسجداً كانه يمس الكنيسة، ومن يعتدي على مسلم فهو يعتدي على مسيحي، ومن فعل ذلك هو ضد المسلمين والمسيحيين على السواء “ وهكذا تراجع الشباب الاقباط، وترفعوا وكبروا على جراحهم.
نحزن، ونخجل من انفسنا حينما نتذكر اذان الكنائس في فلسطين رداً على اجراءات سلطات الاحتلال وقراراتهم ومحاولات تشريع برلمانهم لمنع اذان المساجد بحجة التشويش والصوت العالي والازعاج المتعمد، نحزن ونخجل من انفسنا حينما نتذكر دور الكنيسة ورجال الدين المسيحيين في نضالهم المتواصل ضد المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، واذكر هنا رسالة سفيرنا الاردني في البرازيل مالك الطوال حينما كتبت عن “ الكنائس مع اجراس المساجد “ كتب لي رداً يقول حرفياً “ عند ذكرك اسماء عدد من رجال الدين المسيحي الذين عملوا على تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية ومنهم عمي البطريرك فؤاد الطوال، فاتك ذكر اسم الاب الفرنسيسكاني (مصري الجنسية ) ابراهيم فلطس الذي فتح ابواب كنيسة المهد للمناضلين الفلسطينيين؛ ما ادى الى محاصرتها لعدة اسابيع من قبل قوات الاحتلال، ولم يقبل تسليم أيّ ممن لجأوا للكنيسة، لا، بل وظف علاقاته مع وسائل الاعلام العالمية لتجييش الرأي العالمي وخاصة المسيحي، وفي ايطاليا عبر الفاتيكان، ضد عنف وبطش جيش الاحتلال، وتحفيز المنظمات الاوروبية على تقديم كل انواع المساعدة للمحاصرين “ وهو تعبير وشكل من اشكال النضال دعماً للمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
نخجل من انفسنا ونحزن ولكن حينما نقرا بياناً، او نسمع صوتاً احتجاجياً، نرى اننا رغم الفاجعة في مصر ومعها وقبلها في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، نرى انفسنا او بعض منا، على الطريق السوي، فالبيان الصادر عن القوى السياسية الفلسطينية المناضلة، والموشحة بعبارة “ لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة “ يجتاحنا الامل ان الغد هو الافضل ويعزينا بيانهم بقولهم حرفياً :
“ نُدين ونستنكر الجريمة النكراء لتفجير الكاتدرائية المرقصية القبطية في القاهرة، مؤكدين وقوفنا الى جانب مصر رئيساً وحكومة وشعباً ونتقدم بتعازينا الى عائلات الضحايا، إذ إن محاولات النيل من دور مصر العظيم ستبوء بالفشل وستبقى مصر هي القائدة لقضايا الأمة، وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية كقضية مركزية “ وخير الكلام ما يأتي من المناضلين، ومن فلسطين .
h.faraneh@yahoo.com

 

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :