إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

فلسطين : محاسبة النفس أولاً


 

عمان جو - حمادة فراعنة


عبرّ قادة منظمة التحرير الفلسطينية وموظفو سلطتها الوطنية عن قلقهم من تعيين ديفيد فريدمان سفيراً للولايات المتحدة الأميركية لدى حكومة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي نظراً لتفاهماته مع دونالد ترامب ومع نتنياهو إلى الحد الذي عبرت فيه الوزيرة الإسرائيلية إيليت شكير عن بالغ سرورها لتعيين فريدمان وإعتبرته “ إعلان نوايا إيجابي ، لأن ديفيد صديق حقيقي لنا “ ، بينما عبر الفلسطينيون عن كامل غضبهم نحو هذا التعيين ، ولكنهم بشكل أدق عبروا عن كامل إحباطهم نحو السياسة الأميركية التي ستتقدم خطوة إلى الأمام أو خطوات بإتجاه دعم سياسات وبرامج المشروع الإستعماري الصهيوني وإجراءاته التوسعية ، وخططه لإستكمال تهويد القدس ، وأسرلة الغور ، وتمزيق الضفة الفلسطينية بالمستوطنات ، مع بقاء الأنقطاع والقطيعة بين المواقع الجغرافية الثلاثة : بين الضفة عن القدس ، وكلتاهما عن قطاع غزة وعزلهم عن بعضهم البعض لتسهيل التفرد الإسرائيلي بكل موقع ، ووضع الأليات الإسرائيلية المناسبة لجعل التعامل مع مكوناتها ومع أهلها وسكانها كل على حده ، مع سلطة فتح في الضفة ، ومع سلطة حماس في غزة ، وعزل القدس عن السلطتين وأسرلتها ، وليس هذا وحسب ففي مقابل تقدم الولايات المتحدة في عهد ترامب خطوات نحو دعم المشروع الإسرائيلي ، فمن المحتمل أن تتراجع خطوة أو خطوات عن دعم معاناة الشعب الفلسطيني ، وتتراجع عن تفهم تطلعاته المشروعة نحو حل الدولتين .
الغضب الفلسطيني والأحباط لدى قيادة منظمة التحرير لا مبرر له لأكثر من سبب :
أولاً : لأن الولايات المتحدة لم تغير جوهر سياستها الداعمة للمشاريع الإستعمارية الإسرائيلية ، فهي المظلة الحامية ، وهي الرافعة المساندة ، وهي الحاضنة لسياساتها ، ولن يفعل ترامب جديداً لتل أبيب سوى متابعة الحرص وتوفير الحماية من التعرض للمسائلة والعقوبات القانونية الدولية ، فعلى الصعيد المالي أنجز الرئيس أوباما ما هو مطلوب منه ورفع الدعم من ثلاثة مليارات وثلاثمائة مليون دولار سنوياً إلى ثلاثة مليارات وثمانمائة مليون دولار سنوياً لمدة عشر سنوات تبدأ من العالم المالي 2018 ، وقدم أقوى وأهم طائرات الشبح إف 35 المقاتلة وسلم أول دفعة من طائرتين من أصل خمسين طائرة ، فلا جديد سيقدمه ترامب على الصعيدين المالي والعسكري ، لحكومة نتنياهو اليمينية العنصرية الإستعمارية المتطرفة .
ثانياً : لقد ثبت فشل السياسة الأميركية في تعاملها مع قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، في كل المحطات التي تدخلت لمعالجة هذا الصراع ومحاولات التوصل إلى تسوية ، ممثلة برؤسائها على التوالي منذ عهد بوش الأب ، وكلينتون ، وبوش الأبن ، وأوباما ، وعدم قدرتها على لجم الأندفاع الإسرائيلي نحو مواصلة الإحتلال والإستيطان وعدم إستجابتها للمبادرات الدولية بما فيها الأميركية الأمر الذي أحبط الرئيس أوباما شخصياً سواء في ولايته الأولى من عام 2009 لغاية 2013 حين تولى خلالها السيناتور جورج ميتشيل ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفشل في تحقيق أي مسعى أو خطوة إلى الأمام ، وكذلك في فترة ولاية أوباما الثانية من الفترة الثانية من بداية 2013 حتى نهاية 2016 ، وتولى خلالها الوزير جون كيري شخصياً الملف ، ورحل مثلما رحل من قبله جورج ميتشيل محبطاً ، وإن كان أخر قرار عبروا فيه عن إستيائهم من إدارة نتنياهو وطريقة تعاملها مع إدارة الرئيس أوباما وتحريضها لليهود الأميركيين نحو العمل ضد الديمقراطيين وكان لهم نصيب في إسقاط مرشحة الديمقراطيين كلينتون ونجاح الجمهوري دونالد ترامب ، وهو إمتناع واشنطن عن إستعمال حق النقض الفيتو ضد قرار وقف الإستيطان الصادر يوم الجمعة 23/12/2016 .
ثالثا : ولهذا لم يكن الرهان الفلسطيني في مكانه ومحله على تغيير المواقف الأميركية وتبدلها بشكل جوهري نحو الأنصاف والعدالة ، وها هو ترامب يُعبر عن إندفاعه المستقبلي نحو دعم سياسات التوسع الإسرائيلية ، بعد توليه الرئاسة يوم 20 كانون ثاني 2017 .
ولذلك يجب أن يتحول الغضب الفلسطيني نحو الذات ، والأحباط يجب أن يوجه نحو سياسات الفلسطينيين أنفسهم فهم الذين يتحملون مسؤولية إنحدارهم وتراجع دور وقوة برنامجهم الوطني الديمقراطي ، أمام البرنامج التوسعي الأحتلالي الإستيطاني الإسرائيلي ، فالتفرد الفتحاوي في الضفة والتفرد الحمساوي في قطاع غزة ، وكلا الفصيلين يستأثر بما يتوفر لديه من سلطة ذاتية محدودة مكبلة بقيود الأحتلال وبساطير جنوده ، الفرق بين سلطتي رام الله وغزة ، هو الفرق في إستعمال المفردات ، سلطة رام الله تتحدث عن مفردات سلامية وخالية من مضمون كفاحي مناسب ، ومفردات سلطة غزة تتحدث عن مفردات المقاومة مع أنها هي قوة ردع تمنع المقاومة ، لا هذه وفية لإستكمال برنامجها في رام الله ، ولا تلك تتصرف وفق مفرداتها في غزة ، وكلتاهما سلطة رام الله وسلطة غزة أسيرة لإتفاقها المعلن مع العدو الإسرائيلي الأولى بين رام الله وتل أبيب عبر التنسيق الأمني ، والثانية بين غزة وتل أبيب عبر إتفاق التهدئة الأمنية ، وكلتاهما تعطي الأولوية للإتفاق مع تل أبيب ، وتدفعان ثمن حفاظهما على البقاء في السلطة ، فالسلطة لها الأولوية على حساب قضايا الشعب الفلسطيني وكرامته وإستعادة حقوقه .
لهذا المطلوب محاكمة الذات ، والتعرف على مواطن الخلل في الأولويات والعودة إلى الأصول ، أن تعود فتح لبرنامج الثورة والإنتفاضة ، وجعلها صاحبة القرار وقائدته كما كانت طوال عشرات السنين ، وأن تعود حماس لبرنامجها الجهادي الذي أنجبها من رحم الأنتفاضة الشعبية عام 1987 ، ودفع شعبها في الضفة والقدس والقطاع لكي ينحاز لها وأعطاها الأغلبية عبر صناديق الأقتراع في إنتخابات المجلس التشريعي عام 2006 ، قبل ان تنفذ إنقلابها العسكري في حزيران 2007 وتستولي منفردة على قطاع غزة منذ عشر سنوات ولا تزال .
العودة للأصول والثوابت والتفاهم كي يكونوا شركاء في إطار منظمة التحرير وتقاسم السلطة على قاعدة الشراكة القائمة على برنامج سياسي مشترك ، ومؤسسة تمثيلية موحدة ، وأن يعتمدوا أدوات كفاحية متفق عليها فيما بينهم ، مع فصائل اليسار ، والتيار القومي ، ومع الجهاد والشخصيات المستقلة ، حصيلة ذلك هو الخيار الصائب وهو الطريق الموصل نحو العمل المشترك ، وتوحيد قدرات الشعب ، وتفجير طاقاته الكامنة ، وما العمليات الفردية غير المنظمة وبأدوات بدائية التي قام بها الشباب في القدس ومن حولها سوى تعبير عن الأستعداد الذاتي لإستنزاف الأحتلال وأجهزته وقدراته ، ولكن بعد الوحدة والشراكة في البرنامج وعبر المؤسسة وإختيار الأدوات المناسبة سيكون لهذا العمل نتاجه وحصيلته وفحواه ، وهو ردع الإحتلال وكسب أصدقاء جدد ليس فقط عبر إختراق ساحات المجتمع الدولي ، بل حتى ومن قلب المجتمع الإسرائيلي كما حصل في الإنتفاضة الشعبية الأولى في ولادة معسكر السلام الإسرائيلي وبروزه كطرف وجبهة داعمة ومؤيدة للشعب الفلسطيني .
h.faraneh@yahoo.com

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :