إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • عربي و دولي

  • محسن مهداوي .. من مخيم فلسطيني إلى السجن الأمريكي .. قدَّمَ نفسه كبوذي .. لكن الدعوة للتسامح لم تحمِه من ترامب

محسن مهداوي .. من مخيم فلسطيني إلى السجن الأمريكي .. قدَّمَ نفسه كبوذي .. لكن الدعوة للتسامح لم تحمِه من ترامب


عمان جو- نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا أعدته آنا لي شارون بوترمان وأنفي بوتاني قالتا فيه إن الناشط في جامعة كولومبيا محسن مهداوي حاول أن يتوصل إلى أرضية مشتركة في الحرب بغزة، لكن سلطات الهجرة والجمارك اعتقلته عندما ذهب للمقابلة من أجل الحصول على الجنسية الأمريكية في ولاية فيرمونت.

وتقول الصحيفة إنه قضى أكثر من عقد وهو يحاول فهم النزاع الذي شكّل حياته، كما يقول الداعمون له.

وتقول الصحيفة إن أحد داعمي حركة الاحتجاج المتحمّسين قرر الصمت بعدما أصبحت جزءًا من الخطاب الرئيسي في الولايات المتحدة. وكان مهداوي واحدًا من المنظمين لحركة الاحتجاج المؤيدة لفلسطين، لكنه قرر التخلي عن دوره، في آذار/مارس 2024، وقبل أن تصل الاحتجاجات ذروتها، حيث قام الطلاب بإنشاء معسكرات احتجاج، واحتلوا مباني في حرم الجامعات.

وقد حدث صدع في الحركة بحلول خريف عام 2024، حيث أصبح جزءٌ من الحركة متشددًا، ووزّعَ المنشورات أثناء التظاهرات داخل الحرم الجامعي تمجّد المقاومة.

المهداوي كان يحاول التواصل مع الطلاب الإسرائيليين على أمل أن يجد أرضية مشتركة للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. وأخبر أصدقاءه أنه تم تحييده لأنه أراد الحوار مع الداعمين لإسرائيل

لكن المهداوي كان يحاول التواصل مع الطلاب الإسرائيليين على أمل أن يجد أرضية مشتركة للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. وأخبر أصدقاءه أنه تم تحييده لأنه أراد الحوار مع الداعمين لإسرائيل، وهو موقف رفضه عدد من مؤيدي إسرائيل. وتعلق الصحيفة أن دعوته للتعاطف لم تحمِهِ من الشبكة المتوسعة لترامب، والتي استهدفت مؤيدي فلسطين في الجامعات.

وفي يوم الإثنين، اعتقله أمن الهجرة، عندما ذهب إلى مقابلة مع سلطات الجنسية في فيرمونت. وزعم ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، في مذكرة داخلية، أن اعتقال مهداوي مبرَّرٌ لأن نشاطاته “قد تؤدي لتقويض عملية السلام في الشرق الأوسط، وتعميق معاداة السامية”.

وقد نشأ مهداوي، البالغ من العمر 34 عامًا، في مخيم للاجئين الفلسطينيين بالضفة الغربية، وشهد مقتل صديقه المقرب على يد جندي إسرائيلي. لكن بدلًا من الدعوة إلى الانتقام، ألقى منذ هجرته إلى الولايات المتحدة، عام 2014، أكثر من 100 محاضرة في الكنائس والمعابد اليهودية والجامعات، داعيًا للتعاطف كمفتاح لحل مشاكل الشرق الأوسط.

وقدَّمَ نفسه كبوذي ملتزم، حيث عرض في شريحة له “الإنسان ليس عدوًا” و”العدو هو الخوف والفصل العنصري والجهل”.

وحاولت الصحيفة تقديم صورة عن المهداوي ورحلته من الضفة الغربية إلى نيو إنغلاند، ودوره في حركة الاحتجاج التي أعقبت هجمات “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث أقامت صورته على لقاءات مع أصدقائه وأساتذته والمشرفين عليه. واعتمدت أيضًا على المحاضرات التي ألقاها ووضعها على الإنترنت، ومقابلات سابقة أجرتها الصحيفة معه.

وقالت إن أستاذ التاريخ اليهودي بجامعة كاليفورنيا- لوس أنجليس، ديفيد مايرز، التقى مع المهداوي في خلوة صيفية، والتي جمعت ناشطين وباحثين يسعون إلى تحقيق نهجٍ جديد للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وظلّوا على تواصل دائم.

وقال مايرز، الذي ترأَّسَ في السابق “صندوق إسرائيل الجديد”، وهي منظمة تابعة لليهود التقدميين: “هذا الشخص يدافع تحديدًا عن القيم التي نريد إعلاءها في هذه اللحظة العصيبة، التي تتسم بالعمى والانقسام والاستقطاب. ويمثل هذا الشخص جسرًا، وقد هدمنا هذا الجسر بدلًا من احتضانه”.

ويعود المهداوي، الذي فرَّ أجداده من بيتهم على ساحل البحر الأبيض المتوسط عام 1948 إلى مخيم الفارعة، كما وضح في محاضرة ألقاها في آذار/مارس 2024 بسانتا باربرا، كاليفورنيا.

وولد المهداوي في أيلول/سبتمبر 1990، وأخبر صحيفة “فالي نيوز” في فيرمونت، وهي واحدة من الصحف التي كتبت عنه، أنه كان يشعر بأنه تحت رحمة جنود إسرائيليين في أعمار الـ 18 عامًا الذين يتحكمون بخروجه ودخوله.

وعندما بلغ السابعة من عمره، عانى من عدة صدمات نفسية، حيث غادرت والدتُه، وتزوجَ والدُه مرة ثانية، ثم مات شقيقه المصاب بالشلل بسبب حمى أصابته وهو صغير.

ومع بداية الانتفاضة الثانية، عام 2000، قرر مع صديقه حميدة رمي الحجارة على الجنود الإسرائيليين، وأطلق جندي إسرائيلي النار عليهما حيث أصاب حميدة (12 عامًا) برصاصة قاتلة.

كان المهداوي دائمًا مكشوف الوجه في الاحتجاجات، ما جعله هدفًا

وبعد يوم، جلس مع عمّه تحت شجرة زيتون، ونصحه بأن الطريق هو العلم، على خلاف موقف جيله من الشباب الذي أراد القتال. ومضى في طريق التعليم، حيث برز في المدرسة، وظلَّ مصممًا، حتى بعد مقتل عمّه في الانتفاضة، على البروز في التعليم الأكاديمي.

وسجل في عمر 18 عامًا بجامعة بير زيت بالضفة الغربية، التي تبعد ساعتين عن مخيمه، لدراسة الكمبيوتر والهندسة. وكان ناشطًا في الحركة الطلابية، وانتخب عضوًا في مجلس الطلاب.

والتقى مهداوي هناك بامرأة أمريكية، أصبحت لاحقًا زوجته، وهي ميغان ديشن. وبدأت علاقة حب بينهما، حيث ساعدها في دروس العربية. وعندما عادت إلى أمريكا، حاول السفر والحصول على تأشيرة من القنصلية الأمريكية في القدس. ووصل مهداوي إلى أمريكا في عام 2014، وعاش الاثنان في أبر فالي بفيرمونت، قريبًا من جامعة فيرمونت، في نيوهامبشير، حيث كانت زوجته تدرس الطب. وتزوّجا بعد عامين، وتطلّقا لاحقًا، وحصل على بطاقته الخضراء، أو الإقامة الدائمة، عام 2015. وعمل في عدد من الوظائف، واحدة منها في بنك.

وفي عام 2018، سجل في جامعة لي ببنسلفانيا لدراسة علم الكمبيوتر، حيث كان ينظّم مناسبات حول طريقة قصّ الحكايات التي تدعو إلى السلام. وانتقل بعد عامين إلى جامعة كولومبيا، حيث حصل على منحة لدراسة الفلسفة، حسب أصدقائه وعائلته، بهدف الحصول على شهادة في الفلسفة.

وفي خريف عام 2023، ورغبة منه في إسماع صوت الفلسطينيين، أسسَ، مع محمود خليل، المعتقل هو الآخر، اتحادًا طلابيًا فلسطينيًا. وجمعت المظاهرات التي قادها طيفًا من المؤيدين لفلسطين. وشعر بعض الطلاب اليهود بالضيق من شعار “فلسطين من النهر إلى البحر حرة”، إلا أن مهداوي فسّرَ أن فلسطين ستكون حرة للجميع، لليهود والمسيحيين والمسلمين، لا فصلًا عنصريًا، ولا إبادة جماعية”. وعندما شتم متظاهرٌ طالبًا يهوديًا، ردَّ مهداوي بعنف، وأخبر صحيفة “نيويورك تايمز”، في كانون الأول/ديسمبر 2023: “قلت له، عار عليك، ثلاثة مرات”، و”كان هذا بيانًا واضحًا أننا لا نتسامح مع معاداة السامية”.

ونقلت عن الطالب الإسرائيلي أهارون دارديك (24 عامًا)، الذي يدرس الفلسفة والكمبيوتر في جامعة كولومبيا، أن مهداوي تعاون، في مقترح من 65 صفحة، لنشر السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ومثل محمود خليل، كان المهداوي دائمًا مكشوف الوجه في الاحتجاجات، ما جعله هدفًا، فقد طافت شاحنات صغيرة حول الحرم الجامعي، ووجه مهداوي ظاهر على شاشات “أل إي دي” باعتباره معادياً للسامية.

وقد جمعت “مهمة الكناري”، وهي جماعة متشددة مؤيدة لإسرائيل، ملفًا إلكترونيًا شاملًا يوثق نشاطه، مع لقطات شاشة لصفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، واقتباسات مختارة من خطاباته في الحرم الجامعي ومقابلاته الإعلامية. ويستشهدون بواحدة يقول فيها: “اتهمتنا الإدارة [الجامعية] بأننا ندعو إلى إبادة جماعية، بينما تتجاهل الإدارة نفسها الإبادة الجماعية الحالية التي تحدث في غزة. عار عليكِ يا كولومبيا!” وفي مثال آخر مأخوذ من مقابلة صحافية، يقتبسون منه قوله: “حماس نتاج الاحتلال الإسرائيلي”.

تزعم المجموعة أنه كتب قصيدة في عام 2013 تمجد المقاتلة الفلسطينية دلال المغربي، التي نفذت هجومًا عام 1978 في إسرائيل. واستشهدت الجماعة أيضًا بمنشور حزين كتبه على مواقع التواصل الاجتماعي عام 2024 عن أحد أبناء عمومته، الذي وصفوه بأنه مقاتل من “حماس” قتلته إسرائيل. إلا أنهم أدانوه في الغالب لدعمه سحب الاستثمارات من إسرائيل، وما وصفوه بحركة الاحتجاج “المؤيدة لحماس” بشكل عام.

وتضيف الصحيفة أن مهداوي أبدى تعاطفه مع “حماس” والإسرائيليين على حد سواء، ما جعله موضع انتقاد من كلا الجانبين. وفي مقابلة مع برنامج “60 دقيقة”، قال: “التعاطف يعني فهم السبب الجذري وعدم النظر إلى أي حدث أو موقف بمعزل عن الآخر”. وأضاف: “هذا هو المسار الذي أسير به للمضي قدمًا”.

وأشاد البروفسور مايرز بمهداوي، واصفًا إياه بأنه “شخص يتمتع بالكرامة والنزاهة والشجاعة”، وانتقد جهود الجماعات اليهودية اليمينية لمهاجمته وترحيله قائلًا: “إذا كنت ترغب في إيجاد طريقة ليس فقط لكراهية شخص ما، بل وصمه بمعاداة السامية، فأنا متأكد من وجود طريقة ما للقيام بذلك، ولكن ما تفعله هو ممارسة للعمى الأخلاقي”.

مايرز: هذا الشخص يدافع تحديدًا عن القيم التي نريد إعلاءها في هذه اللحظة العصيبة، التي تتسم بالعمى والانقسام والاستقطاب. ويمثل جسرًا، وقد هدمنا هذا الجسر بدلًا من احتضانه

وفي العام الماضي، ترك مهداوي قيادة الحركة الاحتجاجية المؤيدة لفلسطين. وأكد صديقه في فيرمونت ديفيد بيسنو، والذي كان يتحدث معه كل يوم، هذا الأمر. وظل يدعم المخيم الذي أقيم في الجامعة في نيسان/أبريل ويصف الحرب الإسرائيلية على غزة بالإبادة الجماعية. وقالت الطالبة الفلسطينية مريم علوان، التي شاركت في حركة الاحتجاج، إنها تشعر بالإحباط من إدارة ترامب واستهدافها مهداوي: “ليس هناك فلسطيني كامل بالنسبة للذين لا يرون الفلسطينيين كبشر في المقام الأول”.

وكان مهداوي مختفيًا عن الأنظار بعد اعتقال خليل، حيث حذرت منظمة بيتار المتطرفة بأن الدور سيأتي عليه. وحاول الحصول على دعم جامعة كولومبيا، والحصول على سكن فيها بدون جواب.

لكنه كان مصممًا على الذهاب إلى فيرمونت لإجراء مقابلة الجنسية، مع خشيته أنها مصيدة. ونبَّهَ أعضاءَ مجلس الشيوخ وممثلي فيرمونت تحسّبًا لأي طارئ. وقبل الموعد، اجتمع في قاعة إفطار فندق قريب مع بعض أصدقائه ومحاميه وعضو في مجلس الولاية، بيكا وايت. وسألوه أسئلة عن الدستور، وأعدّوه للاختبار الذي كانوا يأملون أن يكون حقيقيًا، كما عانقوه تحسبًا لأي طارئ.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :