إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الانضباط التشريعي في الكونغرس الأمريكي


عمان جو - المحامي ابراهيم محمد ابوحماد


لقد اتبع الفكر الغربي نظرية التقييد الذاتي , ويذكر الفقيه الدستوري ماديسون بأن الشعب الأمريكي لا يتصف بالملائكية ولذلك فإنه يستلزم وجود حكومة ويجب أن يتم ضبط هذه الحكومة داخليا وخارجيا .

السمو الدستوري للسلوك البرلماني
ولقد نصت المادة الأولى من الفقرة الخامسة بالعبارة الثانية من الدستور الأمريكي على الانضباط التشريعي في الكونغرس , إذ يحق لكلا الفريقين النواب والشيوخ معاقبة العضو اذ ارتكب سلوك غير منضبط على أن يصدر قرار فصل النائب بأغلبية الثلثين , ومن هذا النص نجد انه اكثر تحديدا وضبطا من النص الوارد بالدستور الاردني من حيث ورود عبارة السلوك غير المنضبط والتي لم ترد بالدستور الاردني اذ انها تفهم ضمنا وفقا للدستور الاردني ،والفلسفة التشريعية من هذا السمو بالحفاظ على سمعة المجلس وليس العضوية فقط , وعلى الرغم من أن الدستور الامريكي نص على جواز معاقبة النائب اذ ارتكب سلوك غير منضبط وذلك بأغلبية المجلس الذي ينتمي له العضو ودون أن يعتمد ذلك على موافقة الغرفة الثانية للكونغرس , إلا أن المحكمة العليا الامريكية قررت أن للمجلس سلطة تقديرية واسعة بإختيار العقوبة الملائمة ومنها الحبس والغرامة , إلا أن الكونغرس بغرفتيه لم يصدر عنه أي عقوبة بالحبس لأحد أعضائه .
ولذا فإن اختيار العقوبة يتلاءم مع طبيعة العمل البرلماني ومن هذه العقوبات الفصل والوقف المؤقت للعضوية والاعتذار القسري والتوبيخ والتنبيه والخطاب التحذيري والعقوبة المالية بالتغريم والحرمان من الرواتب

السلوك البرلماني
واستنادا لمبدأ شرعية العقوبة فـإن السلوك غير المنضبط محدد وفقا لمعيار موضوعي وخاص بأي سلوك يصدر عن النائب البرلماني بشكل يلحق الضرر بسمعة المجلسين واظهار الاحتقار للمؤسسة الدستورية أو الهدر أو ارتكاب مخالف لقوانين الولاية أو القوانين الفيدرالية والمال العام دون المساس بالحياة الشخصية للنائب , وعلى الرغم من أن الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها عضو الكونغرس ،إلا أن ذلك يجب أن يكون متوازنا مع السلوك البرلماني بحيث لا يتم اساءة استخدم هذه الحصانة أثناء ممارسة مهامه التشريعية , وذلك سندا لمبدأ العقل التشريعي السليم . إذ أن هذه الحصانة تنحصر في نطاق ضيق في أثناء ممارسة عمله الرسمي وعدم ملاحقته عن أقواله وافعاله تلك مدنيا وجنائيا , وبالنتيجة فإن أعماله الشخصية غير المتعلقة بعمله الرسمي يلاحق عنها جنائيا ومدنيا سندا لحكم الدستور الامريكي م1/6/1 .

عقوبة الفصل البرلماني
تختص هذه العقوبة بالفصل البرلماني لارتكاب سلوك غير منضبط كإجراء تأديبي انضباطي وبالنتيجة فإنها تخرج عن هذه الحالة انتهاء العضوية بسبب فقدان الشروط الثلاث الواردة بالدستور وهي السن والمواطنة والاقامة .
ولم يحدد الدستور الأمريكي السلوك غير المنضبط الذي يستحق الفصل البرلماني بسبب الانتهاكات الكبيرة لواجبات العضوية ،ولقد اعتبرت محكمة العدل العليا الامريكية بأن للمجلسين سلطة تقديرية واسعة لاستخلاص السلوك غير المنضبط الذي يستحق عقوبة الفصل البرلماني , ولقد اُعتبر عدم الولاء للاتحاد واساءة استخدام السلطة موجب لعقوبة الفصل .


السوابق البرلمانية
ولقد تم فصل خمسة نواب فعليا ثلاثة منهم خلال الحرب الأهلية عام 1861 بسبب عدم الولاء للاتحاد , والنائب الرابع في 2/اكتوبر 1980 بسبب ادانة بارتكاب جرم الرشوة , والنائب الخامس في 24جولاي 2002 بسبب إدانته بقبول هدايا ومبالغ مالية أثناء ممارسته لأعماله الرسمية .
وتعتبر هذه الأرقام بسيطة لأن النواب يفضلوا الاستقالة بسبب ارتكاب سلوكيات خطيرة قبل اتخاذ أي اجراء تأديبي ضدهم , ويلزم الدستور الاسترالي العضو البرلماني بتقديم استقالته في حال فقدان شروط العضوية عن غير طريق الفصل التأديبي، وفي حال مخالفته لذلك فإن يلزم بدفع مبلغ ألف دولار استرالي عن كل يوم يستمر به في منصبه بشكل مخالف للدستور .
ولا يحول الفصل البرلماني دون ترشح النائب مرة أخرى للانتخاب، إذ أن حرمانه من حق الترشح بسبب سلوك ماضي يتعارض مع حرية الانتخاب ولعلة التطبيق القانوني العادل واعتبار الكونغرس حراس الحكمة بحيث يتم الموازنة بين سلطة الكونغرس والمحكمة في استخدام السلطة بحساسية واستخدامها بلباقة وبراعة ضد الفساد البرلماني وعلى اعتبار أن شروط العضوية الثلاث العمر والاقامة والمواطنة لا يجوز إضافة أي شرط جديد لها إلا بتعديل دستوري , وعلاوة على ذلك فإن عقوبة الفصل البرلماني لا تحرم العضو المفصول من حقوقه التقاعدية والمالية إذ أنها لا تعتبر من جرائم التجسس أو الخيانة الموجبة لإسقاط الحقوق المالية ،ولقد اعتبرت محكمة العدل الامريكية هذه العقوبة غير قابلة للمراجعة القضائية من حيث حلول المحكمة محل السلطة التقديرية للمجلس باتخاذ قرار الفصل

اجراءات الفصل البرلماني
تُعتبر لجنة السلوك والأخلاق البرلمانية هيئة مستقلة عن مجلس النواب الامريكي ويتم اختيار رئيس الهيئة من غير أعضاء البرلمان وتنظر الهيئة بالشكاوى التي تقدم بالنائب ويتم التحقيق معه وسماع أقواله ودفاعه وترفع توصية للمجلس الذي يحق له قبولها أو تعديلها أو رفضها .

العقوبات البرلمانية
عقوبة التوبيخ :
مصطلح التوبيخ متعدد بمفرداته اللغوية مثل اللوم والتأنيب , التقريع , الاستهجان , الاستنكار , تعنيف , الانتقاد بعنف , وبالنتيجة فإنه يعتبر تأنيب لفظي لسلوك برلماني غير منضبط مذموم من قبل رئيس الجلسة من جراء تفعيل وتشويه سمعة المجلس وإخلاله بحقوق العضوية بحيث يصدر عن أغلبية أعضاء المجلس بناء على توصية من لجنة السلوك والأخلاق .
اجراءات التوبيخ
اتخذ مجلس النواب الامريكي 23 توبيخ وذلك لمخالفات مالية سواء بالحملة الانتخابية أو استلام هدايا .....أو عدم اللياقة أو استخدام سلوك مهين أو استخدام لغة غير برلمانية .

عقوبة التنبيه
يعبر عن ارتكاب النائب لسلوك غير مقبول برلمانيا ولكنه يعتبر أقل من مستوى السلوك غير البرلماني الذي يستحق التوبيخ وتتخذ القرار عن المجلس بالأغلبية بناء على توصية من لجنة السلوك والأخلاق ويتلى القرار على العضو وهو واقف في مكانه .
وقد يكون بناء على مخالفات مالية أو أصوات وهمية أو عدم الكشف عن مصالح شخصية أو تضليل لجان التحقيق بحيث يعتبر السلوك غير لائق ومنحط ،أو نتيجة لمخالفة قواعد السلوك البرلماني خاصة المالية كاستغلال المنصب لتحقيق ربح شخصي وعدم الكشف عن تضارب المصالح وتقديم معلومات مضللة للجان التحقيق أو عن المساهمة في حملات جماعات الضغط والعبث بأصوات الناخبين واستخدام التأثير السياسي لتحقيق المنافع الشخصية .

العقوبة المالية :
وتستخدم هذه العقوبة في حال مخالفة قواعد السلوك بارتكاب اساءة استخدام السلطة لتحقيق منافع مالية والاثراء غير المشروع , إذ توصي لجنة الأخلاق لمجلس النواب أو الشيوخ برد الأموال والزام العضو بغرامة مالية لخزينة الدولة الأمريكية وقد تصدر هذه العقوبة من خلال التوبيخ أو التنبيه , وتستخدم هذه العقوبة في بعض الدول في حال تخلف العضو عن حضور جلسات المجلس التشريعي .

تعليق العضوية :
وقد لا تعتبر أحيانا عقوبة بل من قبيل التنحي والرد لعضو المجلس التشريعي إذ يتم استخدامها كتدبير وقائي في حال تعارض المصالح أي في حال وجود مصلحة شخصية لتصويت على قانون بحيث يحرم من التصويت لتضارب المصالح , أو يمتنع عن التصويت من تلقاء نفسه , وتعلق العضوية في حال صدور حكم بالإدانة ضد العضو بعقوبة تصل الى سنة و أكثر إلى أن يعاد له اعتباره أو يعاد انتخابه
التسمية
وتوجد هذه العقوبة في انكلترا وفرنسا وهي استخدام القوة لإخراج العضو البرلماني بالقوة من المجلس .

الخطاب التحذيري
هو اجراء اداري يتخذ من لجنة الأخلاق بدون موافقة المجلس سندا لنظام مجلس النواب للالتزام بالسلوك البرلماني الأمثل ويصدر على شكل خطاب تحذيري وقد تكون بديل عن عقوبة وتصدر هذه العقوبة على مسلكيات مثل اساءة استخدام أموال الحملات الانتخابية والتحرش الجنسي .

الخاتمة
وعلى الرغم من ذلك فإن اللجنة تتخذ تدابير وقائية في التدريب والتعليم ونشر الوثائق والافصاح ونشر التقارير وذلك لمكافحة السلوك البرلماني غير المنضبط والتعريف به بحيث يتمكن العضو البرلماني من ضبط سلوكه وبما يحقق التدابير الوقائية وعزيز الحث على ثقافة برلمانية سليمة وعلما أن لجنة الاخلاق تشكل من عشرة أعضاء ونصفهم من الحزب الجمهوري والنصف الآخر من الحزب الديمقراطي .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :