إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

"بيت الطاعة" في غزة .. شروط أقرب للتعجيز


عمان جو -

"بيت الطاعة" أو ما يسمى "إنذار بالطاعة" ما إن تسمع هذا الاسم حتى يتبادر إلى ذهنك أفلام الأبيض والأسود القديمة، ويأتي على بالك (سي السيد) الذي يملك زمام الأمر في العلاقة الزوجية من الألف إلى الياء، حتى إنك قد ترى تلك الزوجة المغلوبة على أمرها التي تقاد إلى بيت زوجها عنوة كونها الحلقة الأضعف اجتماعياً، حين يتعلق الأمر بتقرير المصير.

فماذا يعني بيت الطاعة؟ وما شروطه؟ وهل هو مُلزم؟ كل هذه الأسئلة يجيب علها التقرير التالي بشيء من الواقعية بين أطراف هذا الموضوع.

حالات

تقول الثلاثينية (م. د) حول تجربتها مع بيت الطاعة: "مكثت في بيت أهلي ما يقارب العام، وفي كل مرة كان زوجي يحاول إرجاعي إلى بيت الزوجية، كنت أرفض الحل لأنني على خلاف دائم مع والدته (حماتي)، التي تعيش معنا في نفس البيت، وفوجئت بتقديمه دعوى بيت طاعة واستوفى جميع حقوقي المادية من حيث توفير مسكن شرعي مستقل".

وتسترسل حديثها بالقول: "تم نقض الدعوى عندما خرجت لجنة من المحكمة الشرعية لمعاينة البيت، ووجدوا ملابس أطفال في المنزل، فقد انتبهت المحكمة إلى أن البيت قد تم إخلاؤه قبل حضور مُنابين من المحكمة بقليل، إذ يقتضي الحكم استقلال البيت بالكامل بأدق التفاصيل، ولذلك رُدّت الدعوى".

أما المواطن (ع. ع) فيقول: "خرجت زوجتي من بيتي بعد خلاف بيننا، ومكثت في بيت أهلها ما يقارب ثمانية شهور، ومعها ابني الوحيد، فما كان مني إلا أن أقمت ضدها دعوى بيت طاعة وجهزت البيت بالكامل، وحصلت على حكم بالتنفيذ، ولكن زوجتي رفضت، وحينها تدخل رجال الإصلاح، وتم الطلاق مقابل الإبراء العام".

ويضيف: "كان الأمر سهلاً نوعاً ما بالنسبة لي لأن عقد الزواج لا يشمل ما يسمى عفش البيت، لكن للأسف لم أستفد شيئاً سوى الطلاق مقابل الإبراء العام من حقوقها".

كيف تُرفع الدعوى؟

حول هذا الموضوع، يعلق اياد عاشور مستشار قانوني ومحكم شرعي معتمد بالقول: "دعوى بيت الطاعة لها شروط واجب تلبيتها أولاً من قبل الزوج لقبول الدعوى، بدءاً من تجهيز مسكن شرعي مستقل، حسب حال الزوج وأمثاله، وأن يكون هذا البيت مستوفياً للشروط الشرعية، وتتوافر فيه الاحتياجات اليومية اللازمة للعيش فيه، وألا يكون مشغول بسكن الغير، أي أن يكون مستقلاً على الإطلاق".

ويضيف: "يخرج مُنابون من المحكمة مع وكيل الزوج لمعاينة البيت، فيما إذا كان البيت تنطبق عليه الشروط كمسكن شرعي أو لا، وقبل ذلك على الزوج أن يدفع كامل حقوقها الشرعية الثابتة لها في عقد الزواج مثل المهر المعجل، وتابع المهر المعجل (عفش البيت)".

النشوز!

أما فيما يتعلق بالتنفيذ لهذا الحكم فيؤكد عاشور: "بعد الحكم نصطدم بالتنفيذ، لأن المرأة تُؤمر ولا تُجبر على تنفيذ حكم بيت الطاعة، باستخدام قوة جبرية، فلها الحق في الرفض، ولكن في هذه الحالة يطلق عليها لقب (الناشز) أي التي لا تستحق الإنفاق عليها من قبل زوجها، فيقوم الزوج بتقديم دعوى قطع نفقة ليوقف الإنفاق، وعندها تصبح معلقة في بيت أهلها".

"دعاوى بيت الطاعة قليلة، وتصل فقط ما بين 7- 10% لأن الموكل حين يتعرف على ما يستلزمه بيت الطاعة فإنه يحجم عن تقديم الدعوى، لما لها من شروط صعبة نوعاً ما، خاصةً إن كان هناك عفش بيت، كما أن هناك تعقيداً يحدث حين تتداخل هذه الدعاوى مع دعوى الطلاق"، على حد قوله.

ويضيف: "نظم القانون العلاقة بين دعوى بيت الطاعة والطلاق، فإذا رفعت دعوى تفريق (طلاق) وهو قد رفع دعوى بيت طاعة فإنها تُوقف لحين البت في دعوى التفريق، أما إذا اجتمعت الدعوى الثانية من الطلاق (المكررة) مع بيت الطاعة، فإن دعوى بيت الطاعة تُوقف دعوى التفريق الثانية لحين البت في دعوى الطاعة".

هل لبيت الطاعة أصل شرعي؟

يجيب رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الدكتور حسن الجوجو عن هذا السؤال بقوله: "هذا الحكم مستمد من قوله تعالى: (وأسكنوهن من حيث سكنتم) فالمسكن هو حق مكتسب للزوجة وليس امتهان لها لأنه موجود في عقد الزواج ثبوت المهر والنفقة، فالبيت جزء من النفقة على حسب حال الزوج".

ويضيف: "دعونا لا ننظر إلى المصطلح على أنه يعني طاعة الرجل فقط، بل هو أيضاً حق للزوجة في مسكن شرعي مستقل، وتقتضي الطاعة أن يكون لها بيت مستقل لا يشاركها فيه أحد على الإطلاق، ومستوفٍ لجميع المستلزمات والشروط الشرعية، ويسبق ذلك أن تكون ذمة الزوج خالية من جميع حقوقها المادية ما عدا المهر المؤجل بشرط طاعته في المسكن".

وأكد على "أنه يجب ألا ننظر للحكم على أنه ازدراء للمرأة، بل يجب أن ننظر إليه على أنه لصالح الزوجة، من حيث توفير مسكن شرعي مستقل لها، فالدعوى هي الحق في مسكن شرعي، وليس مصطلح يعني امتهان المرأة"، على حد قوله.

رُفضت الدعوى لعدم توفر "شبشب" للحمام

هذا، ويؤكد الجوجو، أن الأمر في الأغلب يكون لمصلحة الزوجة في توفير مسكن تستطيع فيه العيش والقيام بواجباتها الزوجية، وأنه ليس من السهل قبول هذه الدعاوى، إذ قد ترد الدعاوى لعدم توفر أبسط الأشياء في المسكن، فمثلاُ هناك دعوى قد رُدّت بعدما تبين بعد معاينة البيت عدم وجود "شبشب" للحمام.

هذا وقد تناقلت وسائل إعلام سعودية منذ فترة قريبة، خبراً مفاده أن وزارة العدل السعودية، قد أوقفت العمل بالأحكام التي تسمح بإجبار الزوجة على العودة إلى منزل زوجها، وألغت ما يعرف بـ"بيت الطاعة" حفاظاً على كرامة المرأة.

وفي تفاصيل الخبر، ذكر أن وزارة العدل السعودية التزمت بنص المادة 75 من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ التي تنص على أنه "لا ينفذ الحكم الصادر على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية جبراً".

وهكذا فإن من يرى أن دعوى بيت الطاعة في القانون والقضاء الشرعي هي شكل من أشكال فرض الرأي على المرأة فإن القانون يعالج هذه القضية، بكون التنفيذ غير ملزم بالنسبة للزوجة، والتي يحق لها رفض هذا الحكم وعدم الانصياع له، الأمر الذي يُعتبر منصفاً فيما يتعلق بحق الزوجة في تقرير مصيرها الزوجي ...

 

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :