إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

وصفة شافية " للمتعطلين " ذوي الميول الانتحارية


عمان جو - بسام الياسين

((( بعد تفشي آفة الكآبة وتنامي الميول الانتحارية عند الشباب بسبب البطالة و ظلم نخبة جشعة جردتهم من حقهم في حياة كريمة بفضل تغييب العدالة قصرا، واستفحال الفساد واسطة ومحسوبية جوراً،واحتلال المناصب الحساسة زوراً و تزويراً، و سوء تخطيط جراء سياسات حكومية خاطئة مرتجلة خلال عقود ثلاثة ماضية،ولدت حالات قراقوشية. فلا تعجبوا مني ان رفعت شعار " نكبتنا في نخبتنا ".. فكم من مفكر فذٍ دفنوا فكره بالتضييق عليه وجرى تعيين من باع ضميره عوضاً عنه... وكم من عبقري تم تقزيمه لانه لم يجد من يسنده فاحتل غبي مكانه...وكم من ايقونة وطنية حطموها الى شظايا كي لا تقوم لها قائمة.... لذلك لا بد من لفت نظر الشباب صُناع المستقبل الى ان : ـ الانتحار ضد نواميس الحياة كلها ونقيض الشرع والشرعية...الحل لا يكون بالهرب من الحياة انتحاراً او التهافت على المخدرات ادماناً الى عوالم زائفة،او انسحاباً الى كهوف الكآبة المظلمة .الحل يكمن بمواجهتها وقهر صعابها. تجربتي المريرة مع الظلم انقلها لكل مظلوم وقعت عليه مظلمة من ظالم سادي عفن، وكيف استطعت اجتيازها بالصبر و الايمان و الارادة لعلها تكون خطوة على عتبة الامل ـ ان شاء الله ـ والله لا يخيّب طالبه ولا يرد سائله...{ و لنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الاموال و الانفس والثمرات وبشر الصابرين } صدق الله العظيم ))) .

*** لا تدفن راسك في وسادتك وتبكي على نفسك...لا احد سيسمعك غيرك حتى لو غرقت بدمعك...بُكاؤك لن ينفعك...ونواحك لن يُخلصّك من معاناتك او ينتشلك من قهرك...لا تُضيّع عمرك و انت ترزح تحت ضغط حالة التردد المتردية...فلا انت حي تُرجى منك فائدة و لا ميت ينعاك اهلك ويهيلون التراب عليك، بعدها يَنفّضون من حولك ثم ينفضون ايديهم منك كانك لم تكن شيئاً مذكورا... انت حينما تعيش في سويداوية كآبتك تدخل غرفة الانعاش باختيارك... تتأرجح بين حياة وموت كالذي وصفه الله في محكم كتابه " ( الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها و لا يحيا ).
...الفروسية ان تحرق كفنك الذي لبسته مبكراً، وتبدأ حياتك من جديد كمولود حديث...ذروة الرجولة ان تتمنطق بايمانك وتطلق رصاصة الرحمة على جبين ضعفك فترديه قتيلا.بعدها لوّح بقبضتك للحياة...ارم قفاز التحدي في وجه ما يعترضك،فالانتصار على الحياة لا يتحقق الا بتحطيم صنم خوفك المصنوع من مخيال وهمك،والمنسوج من قش ترددك.فاتقِ الله في نفسك ،فانت خلقت لتحيا،تبني،تعبد الله كانك تراه او يراك.السعادة الحقيقة ان تكون قريباً من الله او ان تستشعره على الدوام بقربك "،بان تردد قول رسولك صلوات الله عليه وهو خليل الرحمن،واقرب المخلوقات الى الله :ـ اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني الى نفسي طرفة عين،والجواب الرباني بـ :ـ { * ان للمتقين مفازا } .
اشحن ذاتك بإعلى طاقة كونية ايجابية بناءةً لتحل محل طاقتك السلبية السالبة المدمرة ، فلا تلبث الا قليلا حتى تنقلب حياتك راساً على عقب بلمسة شفائية تذهلك،فلا تستهين بذاتك بعد اليوم...فانت عالم قائم بذاته . ـ { وتحسب نفسك انك جرم صغير / وفيك انطوى الالم الاكبر ـ }. ترياقك للخروج من كآبتك السوداء التوكل على ربك حق التوكل لا التواكل على الذات او انتظار الفرج من مخلوق مثلك...{ اللهم اصلح لي شأني كله...لا اله الا انت } . خطوتك الاولى كي ترتقي على سلم العشق الالهي الواحد الاحد ان تملآ قلبك باليقين الخالص...ان تعبأ نفسك بحسن الظن بالله،و تُنقي نيتك من الشوائب حتى لا تشوبها شائبة كما تنقي الحنطة من الحصى والزوان،و تُحصّن ذاتك من الانفلات بالشهوات وكل ما يُغضب الله.
اذآك ، ستجد بمشيئة الله الف طاقة يُسرٍ فُتحت لك في جدار العسر الذي كنت تظنه اصعب اختراقاً من جدار برلين،و اكثر حصانة من خط بارليف...عندها ستغمرك مصابيح الايمان المشعة بنور اليقين التي تبدد حُلكة لياليك ...لهذا احرص على مرافقة اهل الله من الانقياء الاتقياء ، الاموات منهم و الاحياء و مجانبة المشعوذين الكذبة من تجار صكوك الغفران وبائعي الوهم الكذوب.من حقك ان تسأل كيف يكون ذلك ؟!. ببساطة شديدة يكون ذلك بملازمة الاحياء من اهل الله وخاصته لكي تأخذ منهم مشافهة ما ينير دربك...اما الاموات بداوم قرآءة سيرهم العطرة لتتمثل شخصياتهم الوضاءة الندية.
ادر ظهرك للمهزومين من مواجهة الحياة...واحذر دعاة الاحباط المفلسين روحياً وفكرياً خاصة المتشدقين منهم و المتفيهقين.هؤلاء خزانات من الامراض،والحقائق العلمية تؤكد ان الامراض العُصابية / النفسية سريعة العدوى تنتقل كالانفولنزا. " ... هؤلاء كالوباء منتشرون في الاماكن العامة،في الصالونات السياسية،في الزواريب الضيقة،في الدوائر الحكومية،في الشركات الخاصة،على الارصفة،في المسلسلات السوداء والكتب الصفراء...خذ بنصيحة الاجداد الذي صاغها الموروث الشعبي بعد طويل تجربة وعميق خبرة: : ـ " رافق المسعد تسعد ورافق الشقي تشقى"...ذروة الشقاء و قمة الكوميديا السوداء كان في تعامل الحكومة / وزارة الداخلية مع الشبان الخمسة ـ " مشاريع الانتحار" ـ الباحثين عن حقهم في الحياة،فجرى حجزهم ثم توقيعهم على تعهد بحفظ " الامن و النظام".... الم يكن الاجدر بالحكومة الرشيدة صاحبة الراي السديد والفكر الرشيد ان تجد لهؤلاء البائسين اليائسين فرص عمل اولاً لإخراجهم من محنتهم ثم توقيعهم على تعهد بعدم ازعاج الامن والنظام بمحاولة الانتحار،اي ان تضع الحصان امام العربة لا العكس ؟!.علاج الحكومة لهذه الحالة كان علاجاً مضحكاً كعلاج الشيخوخة بعقاقير عشبية جرى تركيبها عند عطار مريض يعاني من الف علة وعلة...ونستدير نحو الشباب مع ادراكنا ان صاحب الحاجة ارعن :ـ الم يكن الاجدر بكم نصب " خربوش" اعتصام في ساحة مجلس النواب وعدم مغادرته الا عند الحاقكم بقائمة الـ " 109 " المعينين عنوة من اقارب و محاسيب النواب رضي الله عنهم و ارضاهم الذين ضربوا المثل الامثل بتحويل الاردن الى ساحة للعدالة وتكافؤ للفرص...؟!.
كن مع الله يكن الله معك. لن يخذلك ابداً ..لن يتركك يتلاعب بك شياطين الانس والجان. اقترب من ربك وتقّرب اليه فانه ارحم عليك من امك و ابيك ... لن يُضيّعك...هو خالقك الاعلم بك من نفسك، والعارف خفايا سريرتك...امش واثق الخطى،رافع الراس فان الله قد كرمّك بان خلقك في احسن تقويم. لا تبق مشدوداً عَصبياً و عُصابياً كمن يسير على خيطٍ رفيع،نفخة ريحٍ تُسقطه....البطولة ليس ان لا تسقط لكن العظمة ان تنهض بعد سقوطك نافضاً عنك غبار الهزيمة ،مُذللاً الصعاب المعرقلة لمسيرتك...قف على قدميك و ارسل قامتك عالياً ثم إصنع شيئاً ذا قيمة مهما يكن صغيراً لك او لمن حولك، ستشعر عندها انك انسان ذو معنى...،ذو قيمة...و ستُفتح الابواب الموصدة امامك دون عناء...ومن دون ان تشعر ستمتد يد الله لتأخذ بيدك الى ما فيه خيرك... عندئذٍ ستسابق الريح بإذن الله.،ولكم في رسول الله اسوة حسنة حيث كان عليه السلام اجود من الريح المرسلة.
المهم ان تتحرك ...ولا تتسّمر مكانك. كالمسمارِ..الحركة حياة ، والسكون موت... الصوفي النفّري رحمه الله قال ذات فيض روحي : ـ " العلم الساكن كالجهل المستقر ". . .والموروث الشعبي حضنا على الحركة : ـ " في الحركة بركة " ، لكن اياك ان تشكو همّك لاحد سوى ربك،فما جدوى ان تشتكي لمخلوق عاجز مثلك،فاحرص ان لا تطلب الفرج من غيره. فهو الملك الغني المغني الكريم الوهاب العاطي المعطي.منذ اللحظة اكتب هذه الآية على جبينك لتراها في مرآة حياتك على مدار الساعة : ـ " ولا تيأسوا من روح الله و لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون"... فاليأس صنو الكفر بالله ـ والعياذ بالله ـ .في لحظات الضيق لا تتحرج من ان تصرخ صرخة تُدوي في اركان المعمورة كلها : ـ يا رب لك اسلمت وبك اعتصمت وعليك توكلت،...ثم سترى الكون كله طوع بنانك.
النكتة السوداء ان الشبان الخمسة ـ هداهم الله ـ يطلبون النجدة والعون من حكومة غارقة حتى انفها في في مشكلات لا حصر لها،المديونية الثقيلة واحدة منها بسبب تراكم سياسات خاطئة ،ونخب فاشلة جرت البلد الى التهلكة لانهم قادوا البلد بعقلية المزرعة وذهنية المنفعة التي لا تفكر الا بالغنيمة وليكن بعدي الطوفان حتى وصلنا الى النقطة الحرجة من دون ان يملك واحدنا قارباً للنجاة او مغارة يعتصم فيها حتى ولا قطعة خشب يتعربش بها.ولا بد من مكاشفة اهل الحل والربط باهم العوامل التي جرتنا الى ما نحن فيه :ـ
(1) : ـ عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وما حدث العكس تماما اختيار اهل الثقة المزعومة على حساب اهل العلم والمعرفة والخبرة والكفاءة . ( 2 ) : ـ تفشي المحسوبية والواسطة وانتشار الفساد الاداري بشكل لافت وغير مسبوق . ( 3 ) : ـ سياسة الطبطبة على الفساد والفاسدين وقمع كل من يتكلم عن المسكوت عليه،خاصة ما يخص فساد النخبة من ذوي الخمس والسبع نجوم . ( 4) : ـ الدور القذر الذي لعبته كتيبة التدخل السريع من الكتبة المنتفعين من الحكومات المتلاحقة في الدفاع عن الفاسدين وتبرير الفساد وتزيينه و كأننا نعيش في دولة مثالية،ناهيك عن الدفاع عن اخطاء الحكومات والتصدي لمن يتصدى لإخطائها حتى لو كان على حق. (5) : ـ ضعف المجالس النيابية كافة في الرقابة والمحاسبة باستثناء مجلس 1989 الوحيد الناجي الوحيد من التزوير والعبث ـ ربما بالصدفة او عدم الخبرة آنذاك ـ . (6) :ـ غياب الشفافية بالمطلق في كل السياسات الحكومية حتى اصبح التعتيم هو الاصل والشفافية ليست الاستتثناء بل من المحرمات ( 7) :ـ عدم تطبيق القانون على ديناصورات الفساد وتطبيقه على الكتاكيت الصغار . ( 8) :ـ غياب الارادة السياسية بملاحقة كبار الفاسدين وتطهير البلد من شرورهم . ( 9) :ـ عدم وجود مؤسسات قوية لوقف زحف تسونامي الفساد الذي جرف الجميع واصبح اللعب ـ عالمكشوف وبلا حياء ـ . (10) غياب الصحافة الحرة الاستقصائية نتيجة غياب وتغييب الحريات العامة بتطبيق قانون العقوبات على الصحافيين وتجميد قانون المطبوعات بـ " فريز محكم وشديد الاغلاق"، وحجب المعلومات بذرائع مختلفة وجُلها ضعيفة وواهية.
لا شك ان المقدمات الخاطئة تؤدي الى نتائج مدمرة.ما حدث و ما يحدث عندنا، لم يفاجئنا لكنه صدمنا من ضخامة حجمه وبقاء الحال على حاله من دون معالجة... ما يحزننا اكثر ان نرى سفينتنا تغرق يوما بعد يوم ونحن نتفرج عليها بلا حول لنا ولا قوة.....حسبنا الله ونعم الوكيل.... مدونة بسام الياسين




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :