*أعشق الصحافة والأدب منذ البدايات الأولى
*انا إنسان يؤمن بمستقبل أمته
*الصحافة الورقية الآن تعيد ترتيب أوراقها
*برأيي أن من يلتحقون بالمهن الإعلامية، يجب أن يخضعوا لمقابلات واختبارات تحريرية وشخصية ومهنيّة
مع أسرتي أستطيع أن أنهض بعبء الرسالة التي اخترتها مساراً لحياتي
عمان جو - حاورته لطيفة القاضي
الدكتور تيسير أبو عرجة هو أحد الشخصيات العامة و هو نائب رئيس جامعة البترا في الأردن،عميد كلية الصحافة والإعلام سابقا ،لديه بركان من العزيمة والإصرار ليتبوأ مكانه ،جسد طاقتة لخدمة العلم و البحث والدراسات المتعددة ،لديه من الحكمة و المعرفة تجسدت في أرقى صورها للوصول إلى الهدف المنشود .
أشكر الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة على إتاحة الفرصة لي لإجراء هذا الحوار الصريح جدا .والبداية
-كيف يعرف نفسه تيسير أبو عرجة؟
إنسان عشق الصحافة والأدب منذ البدايات الأولى وواصل القراءة وأكمل دراساته الجامعية والعليا في الصحافة ليصبح صحفياً وكاتباً وأستاذاً جامعياً، له بحوثه ومؤلفاته، محاولاً أن يجمع بين الكلمة في بعدها الإعلامي وبين القصيدة الشعرية.
– كانت رحلتك مع العلم والدراسة طويلة من القاهرة ثم باريس والجزائر والإمارات وصولا بالأردن ،كيف بدأت معك رحلة طلب العلم و الدراسة وصولا بنائب رئيس جامعة البترا؟
عندما حصلت على الثانوية العامة من المدرسة الفاضلية الثانوية بمدينة طولكرم الفلسطينية في الضفة الغربية، كان رصيدي قبلها في الحياة المدرسية عديد القصائد والخواطر التي كنت أنشرها في الصحف الأردنية وقتئذ واذكر منها الجهاد وفلسطين اليوميتين وعمان المساء الأسبوعية. ولفت نظري حينها وقتئذ أن الدراسة الجامعية الأقرب إلى نفسي هي الصحافة. وهذه الدراسة كتخصص أكاديمي لم تكن موجودة إلاّ في جامعة القاهرة، وكان معدلّي في الثانوية العامة يسمح لي بالالتحاق بهذه الجامعة الأكبر والأعرق في مصر والبلاد العربية. وبعد تخرجي عملت في صحافة الكويت لخمس سنوات رأيت بعدها إكمال الدراسات العليا في نفس التخصص وعدت إلى نفس الجامعة لأحصل على الدكتوراه في الصحافة، ثم بدأت بعد ذلك رحلتي الأكاديمية في تدريس الصحافة والإعلام في جامعة الجزائر لثلاث سنوات، ثم جامعة الإمارات لسبع سنوات ثم في جامعة البترا الخاصة في عمان منذ عام 1992 وكانت تحمل اسم جامعة البنات الأردنية، وهكذا أتيح لي أن أعيش في عدد من البلدان العربية وأتفاعل مع شعوبها ومع ثقافاتها وأن يكون لي صداقات ثقافية وإعلامية وأدبية من خلال عملي في الصحافة أو التدريس الجامعي. وكإنسان يؤمن بمستقبل أمته ويتطلع دائماً إلى أن تكون أمة عظيمة، فإنني حرصت في كل بلد عملت فيه أن تكون لي مشاركاتي العلمية والثقافية وأن أكون متفاعلاً مع الحياة والناس، وأن أقرأ الواقع الأدبي والثقافي وأتابع الحركة الثقافية والأدبية العربية في كل هذه العواصم التي أقمت فيها.
-الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة ،ما هو تقيمك للأداء الإعلامي في الأردن خاصة و الوطن العربي على العموم؟
إن هناك مظاهر عامة، وخصوصيات ذات صلة بالواقع الخاص بكل دولة عربية على حدة، ولكن يمكن وضع اليد على عدد من الإشارات التي تميز الإعلام العربي والأداء الإعلامي العربي في الوقت الحاضر، وذلك على النحو التالي:
– ضعف بيئة العمل الصحفي من حيث الأجور، والاستقرار الوظيفي، والتأمينات الصحية والاجتماعية.
قيود حرية التعبير ، والغرامات العالية، والعقوبات المغلّظة أحياناً.
– ضعف المهنية الصحفية، مما يوقع المؤسّسات الصحفية في مشكلات قانونية وتحريرية، وعدم التمكن من الكتابة الصحفية.
– مشكلات إدارية ناشئة عن دخول البعض في عالم المهنة الصحفية، من ناشرين وأصحاب صحف ومواقع الكترونية، ليسوا على دراية بشؤون مهنة الصحافة ومتطلباتها الإدارية والمالية.
– الصعوبات التمويلية، والتحريرية التي تواجه الصحف الحزبية.
– صعوبة الحصول على المعلومات المهمة لعديد الملّفات ذات الصلة بحياة الناس وقضاياهم الحيوية.
-حدثني دكتور تيسير عن الخطط التي تعتزم جامعة البترا القيام بها مستقبلا للتطوير و صقل مهارات و خبرات الطلاب؟
في جامعة البترا، كلية للإعلام، جاءت تطويراً طبيعياً لقسم الصحافة والإعلام الذي نشأ في كلية الآداب منذ نشأة الجامعة في أوائل التسعينيات. وهذه الكليّة تضم حالياً قسمين علميين هما: الصحافة والاعلام والإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى برنامج يمنح الماجستير في الصحافة والإعلام. ويوجد في الكلية عدد من الاستيديوهات الإذاعية والتلفزيونية، والمختبرات الحاسوبية المتطورة التي تخدم التحرير والمونتاج. وتشهد الخطط الدراسية في الكليّة تطويراً مستمراً يواكب المستجدات والمتغيرات التي تشهدها تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ويجري حالياً إعادة النظر في الخطة الدراسية لقسم الصحافة والإعلام وتطويرها وتعزيز موادها بكل مستجدات الإعلام الرقمي والبيئة الإعلامية الرقمية. وهناك صحيفة الكترونية لتدريب الطلبة باسم ” منبر البترا” وتستقطب الكلية عدداً مهماً من الكوادر التدريسية المؤهلة والمدربة من خريجي الجامعات المرموقة، عربياً وعالمياً، إضافة إلى وجود مجموعة من المبعوثين في الجامعات البريطانية. ويوجد ضمن الخطة الدراسية لكل من القسمين، مشروع للتخرج يتم إعداده ومناقشته بصورة علنية، ويتركز حول إعداد المجلات والصحف والحملات الإعلانية، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية والبرامج الوثائقية. كما يوجد ست ساعات معتمدة إجباريّة للتدريب العملي يقضيها الطلبة داخل المؤسسات الإعلامية، الصحفية، والإذاعية والتلفزيونية داخل الأردن.
-لقد لعب الإعلام دورا كبيرا في تغير المجريات السياسية ،ما هو السبب في ذلك؟
الإعلام والسياسة كانا دائماً متلازمين، فالإعلام أقوى سلاح بيد السلطة، أية سلطة وهو وسيلتها لبسط إرادتها والتعريف بسياساتها وبرامجها . والإعلام بحدّ ذاته هو سلطة، وسلطة قوية جداً بما يملكه من قدرات رقابية وتأثيريّة. وهو من أهم الوسائل التي يتم استخدامها للتأثير في الرأ ي العام. وهناك نظرية في الإعلام شهيرة تسمى نظرية الأجندة، أي ترتيب الأولويات، وهي تعبر عن مدى أهمية الإعلام في حياة الدول والشعوب. وقد قيل منذ زمن بعيد أن الإعلام سلاح ذو حدين، بمعنى أنه يستخدم للبناء أو الهدم، وهكذا يتحول الإعلام، بكل إمكاناته إلى سلاح مهم في يد الجهات التي تملكه، وتستطيع نشره وتمويله. وهناك دراسات عديدة توضح الدور الكبير الذي مارسه ويمارسه الإعلام العربي، بفضائياته وإذاعاته، وخصوصاً منذ انطلاق سنوات الربيع العربي وتداعياتها الحاضرة. وقد ساهمت بعض الأصوات الإعلامية العربية للأسف في كثير من الخسارات العربية الراهنة التي بدأت مع بروز الطائفية والمذهبية. والتناحر الإعلامي وصراع الأجندات. كما أن الوطن العربي خسر العديد من أبنائه الصحفيين والمراسلين الذين كانوا يمارسون مهامهم الإعلامية في المناطق الكثيرة الساخنة.
-توجد مقولة تقول (ليس من الضرورة بأن الذي يعمل في الوسط الإعلامي ان يكون خريجا من كليات الإعلام و ملما بأدوات الصحافة) ما هو مدى صحة هذا الكلام؟
لا شك أن كليات الصحافة والإعلام وفرّت للعالم العربي طاقات شابة كثيرة متعلمة ومتخصصة وقادرة على أن تعمل في كل فروع المهنة الصحفية والإعلامية، وهناك كليات منتشرة حالياً في البلدان العربية كافة، ساهمت بتخريج عناصر كفؤ تسلمت الكثير من المواقع الإعلامية، وأثبتت وجودها، علماً بأنه ليس شرطاً أن يصبح كل من درس الإعلام إعلامياً، لأن أهم شروط الإعلامي أن يكون لديه الموهبة والشغف والقدرات اللغوية والتعبيرية وحب الثقافة وقوة الشخصية والقدرات الحوارية، وهذه قد يفتقر إليها البعض من دارسي الإعلام. ولكن كليات الإعلام معنيّة بفتح أبواب الأمل والمستقبل لمنتسبيها من الدارسين بتشجيعهم على ارتياد المهن التي تناسب ميولهم وقدراتهم وإمكانياتهم الثقافية، فمن لا يستطيع أن يكون محرراً صحفياً أو كاتباً متمكناً أو مذيعاً ناجحاً، يمكن أن يتوجه إلى المهن ذات الصلة ، مثل الإخراج والمونتاج والإعداد والتصوير، وهي مطلوبة في الحقل الإعلامي.
إن دراسة الإعلام أصبحت بوابة مهمة لإمداد المؤسسات الإعلامية بالإعلاميين، نظراً لما تتوفر عليه من أساتذة أكفاء واستوديوهات ومختبرات، ولكن المطلوب هو الحرص على هؤلاء الدارسين من كافة الجوانب المهنية والفكرية والأخلاقية، إذ أن الثقافة القانونية مهمة لمساعدتهم في تجاوز مشكلات النشر وحساسياته.
-الأستاذ الدكتور أبو عرجة ، كثير من خريجي الإعلام يعاني من عدم القدرة على الحصول على وظيفة ،لما تلعبه الواسطة من دور كبير في مجال الإعلام،ما هو تعليقكم على ذلك؟
برأيي أن من يلتحقون بالمهن الإعلامية، يجب أن يخضعوا لمقابلات واختبارات تحريرية وشخصية ومهنيّة، لأن هذه المهنة تعتبر مهنة إبداعية، وليست مجرد وظيفة عادية أو بيروقراطية، هي مهنة الكتابة والتحرير والتفكير والإبداع، وعليه فإن الواسطة معناها أنني افتح الباب لتعيين شخص زائد عن الحاجة، أو صاحب أداء ضعيف لا يليق بالمستوى الذي تطمح إليه المؤسّسة الإعلامية التي تعتمد على مخاطبة الجمهور ورضاه ومحاورته وإقناعه. كما أن المؤسّسات الإعلامية العريقة، تخضع من يلتحقون بها للتدريب المكثف، والمستمر، حتى يكون أداؤهم ملائماً ومقنعاً.
-هل برأيكم بأنه سوف يدوم عمر الصحافة المكتوبة او الورقية في ظل تزايد استخدام وسائل الإعلام الرقمية و السوشيال ميديا ،من قبل الشباب و القراء للحصول على المعلومة،حيث أنه من الملاحظ بأن وسائل الإعلام الحديثة تلقي رواجا كبيرا ؟
– الصحافة الورقية تعاني حالياً من شح الإمكانات المالية، بسبب ضعف التوزيع، وضعف المداخيل الإعلانية، وانخفاض معدلات القراءة بشكل كبير، وقد وجدنا عديد الصحف الورقية تختفي من المسرح، وتتوقف عن الصدور، وذلك كله بسبب ثورة الأنترنت، وانتشار الإعلام الرقمي، الذي يتيح المتابعة الإعلامية بكل سهولة ويسر وبدون أي جهد وبدون تكلفة، وأصبح الهاتف النقال وسيلة مهمة تمكّن حاملها من متابعة الأخبار, في التوّ واللحظة، وبإمكانه التفاعل معها، وبإمكانه أن يكون صانعاً للخبر والصورة فيها.
وعليه فإن الصحافة الورقية الآن تعيد ترتيب أوراقها، وتفكر في كيفية البقاء والاستمرار، وكيفية الاستفادة صحفياً وإعلانياً من مواقعها الإخبارية ونسخها الالكترونية، ناهيك عن حاجتها للدعم الرسمي أو الحكومي أو الحزبي، حسب الجهة التي تصدرها وتملكها.
-كيف ترى دكتور تيسير مستقبل الإعلام و الصحافة بعد عشر سنوات،هل سوف يأتي وقت و تختفي الصحف الورقية؟
أما تحديد السنة التي سيتوقف فيها الإعلام المطبوع عن الظهور بصورة كاملة، فهي غير قابلة للتحديد، لكنها ليست بعيدة على أي حال، والأمر مرتبط بمدى تعامل الناس مع الأنترنت، ومدى اعتمادهم على الصحف الالكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي، وهذا يختلف من بيئة عربية إلى أخرى.
-الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة،هل شبكات التواصل الاجتماعي مصدر المعلومات الصحيحة ويمكن الاعتماد عليها في البحث العلمي و الدراسة ؟
ليس من شك أن منصات التواصل الاجتماعي تحظى حالياً بالمتابعة بنسب عالية جداً، ومن المستويات الثقافية والعمرية على اختلافها. وهي توفر لمتابعيها مساحات خاصة للتعبير، والتواصل، بطريقة سهلة وغير مسبوقة، وباستخدام الهاتف النقّال، وفيها أيضاً نافذة للاطلاع على وسائل الإعلام، وعلى ما يتم ترديده من أخبار ومعلومات على الشبكات نفسها، ولكن هذه المنصّات حملت معها الغث والسمين، واختلط الخبر بالشائعة، وأصبحت أداة لأصحاب الأجندات، كل يبث ما يعبر عن مصالحه والخطاب الذي يخدمه ويروقه، وعليه فإنها أصبحت أساسية في حياة الفرد لا غنى عنها، لكن كل إنسان وهو يقرأ أو يكتب ويتابع عليه أن يدرك أبعاد ما يقرأ ويعرف أن هذا الضّخ المعلوماتي الهائل، قد يشوه الكثير من عدم الصدقية، ومن سوء المقصد. ولكن ، ورغم ذلك، فإن هذه الوسائل التواصلية لها إيجابياتها الكثيرة، ولها دورها في التعريف بالنقاط المضيئة في مجتمعاتنا، بما تقوم به من حملات إعلاميّة أحياناً لصلح القضايا الحيوية والأكاديمية في حياة الناس. وأصبح لها تأثيرها المقدر على الرأي العام اليومي.
-شهد وقتنا الحالي التدني الكبير في مستوى الإعلام ،حيث يشهد الإعلام تدهور ملحوظ من ناحية البرامج والمواد المطروحة لملايين من المشاهدين،ما هو السبب الأساسي؟
إن الضعف الذي يظهر فيه الإعلام التلفزيوني العربي، ناشئا عن الاتجاه نحو الإثارة الإعلامية، ومرتبط بتداعيات الربيع العربي، وأصبح التقديم التلفزيوني لا يقوم على الحوار الهادئ والمناقشة الرصينة، وبسط الحقائق أمام الجمهور، ولكن يتم الاعتماد على بعض المذيعين الذين أصبحوا خطباء أو أوصياء على الأمة يمارسون خطابهم الديماغوجي بالانفعال الشديد والصراخ والاستعراض. إضافة الى الضعف الذي يعتري البرامج الحوارية، التي بدلاً من أن تكون مهمتها إغناء المشهد السياسي والفكري العام، فإنها تقوم بتعميق الخلافات العربية، وتركز على الاختلافات المذهبية والفقهية، وتستحضر صفحات التاريخ التي تؤجج الخلافات والنزاعات. هذا في الوقت الذي نجد فيه متابعة مهمة من المشاهد العربي والمستمع العربي للقنوات الإعلامية الغربية التي تبث باللغة العربية، وهو الاعلام الذي يحرص على القوة والوضوح وسلامة اللغة، علماً بأنه يخدم في الأصل مصالح وأجندات الدول التي تملكه وتنفق عليه.
-ما هي أهم هواياتك ؟
أما عن أوقات الفراغ خارج إطار العمل والدوام في الجامعة، فإنني أراها ملائمة لقراءة ما يروق لي قراءته من نتاجات أدبية وفكرية منوعة.
-كلمة شكر تريد ان تقولها ، لمن؟
الشكر الذي أوجهه هو لأسرتي الصغيرة، زوجتي وولدي وابنتي، الذين معهم، أستطيع أن أنهض بعبء الرسالة التي اخترتها مساراً لحياتي، في القراءة والكتابة والعمل الجامعي والثقافي.
دون أن أنسى أن أقدم الشكر والتحية لجامعة البترا التي أعمل فيها منذ عام 1992، وهي بالنسبة لي المكان الأجمل والأرحب والحضن الدافيء للفكر والإبداع
“عزة الشرع”خلال مسيرتي الإعلامية الطويلة حافظت على موقعي كمذيعة كي استحق أن يطلق علي الإعلامية عزة
*أعشق الصحافة والأدب منذ البدايات الأولى
*انا إنسان يؤمن بمستقبل أمته
*الصحافة الورقية الآن تعيد ترتيب أوراقها
*برأيي أن من يلتحقون بالمهن الإعلامية، يجب أن يخضعوا لمقابلات واختبارات تحريرية وشخصية ومهنيّة
مع أسرتي أستطيع أن أنهض بعبء الرسالة التي اخترتها مساراً لحياتي
عمان جو - حاورته لطيفة القاضي
الدكتور تيسير أبو عرجة هو أحد الشخصيات العامة و هو نائب رئيس جامعة البترا في الأردن،عميد كلية الصحافة والإعلام سابقا ،لديه بركان من العزيمة والإصرار ليتبوأ مكانه ،جسد طاقتة لخدمة العلم و البحث والدراسات المتعددة ،لديه من الحكمة و المعرفة تجسدت في أرقى صورها للوصول إلى الهدف المنشود .
أشكر الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة على إتاحة الفرصة لي لإجراء هذا الحوار الصريح جدا .والبداية
-كيف يعرف نفسه تيسير أبو عرجة؟
إنسان عشق الصحافة والأدب منذ البدايات الأولى وواصل القراءة وأكمل دراساته الجامعية والعليا في الصحافة ليصبح صحفياً وكاتباً وأستاذاً جامعياً، له بحوثه ومؤلفاته، محاولاً أن يجمع بين الكلمة في بعدها الإعلامي وبين القصيدة الشعرية.
– كانت رحلتك مع العلم والدراسة طويلة من القاهرة ثم باريس والجزائر والإمارات وصولا بالأردن ،كيف بدأت معك رحلة طلب العلم و الدراسة وصولا بنائب رئيس جامعة البترا؟
عندما حصلت على الثانوية العامة من المدرسة الفاضلية الثانوية بمدينة طولكرم الفلسطينية في الضفة الغربية، كان رصيدي قبلها في الحياة المدرسية عديد القصائد والخواطر التي كنت أنشرها في الصحف الأردنية وقتئذ واذكر منها الجهاد وفلسطين اليوميتين وعمان المساء الأسبوعية. ولفت نظري حينها وقتئذ أن الدراسة الجامعية الأقرب إلى نفسي هي الصحافة. وهذه الدراسة كتخصص أكاديمي لم تكن موجودة إلاّ في جامعة القاهرة، وكان معدلّي في الثانوية العامة يسمح لي بالالتحاق بهذه الجامعة الأكبر والأعرق في مصر والبلاد العربية. وبعد تخرجي عملت في صحافة الكويت لخمس سنوات رأيت بعدها إكمال الدراسات العليا في نفس التخصص وعدت إلى نفس الجامعة لأحصل على الدكتوراه في الصحافة، ثم بدأت بعد ذلك رحلتي الأكاديمية في تدريس الصحافة والإعلام في جامعة الجزائر لثلاث سنوات، ثم جامعة الإمارات لسبع سنوات ثم في جامعة البترا الخاصة في عمان منذ عام 1992 وكانت تحمل اسم جامعة البنات الأردنية، وهكذا أتيح لي أن أعيش في عدد من البلدان العربية وأتفاعل مع شعوبها ومع ثقافاتها وأن يكون لي صداقات ثقافية وإعلامية وأدبية من خلال عملي في الصحافة أو التدريس الجامعي. وكإنسان يؤمن بمستقبل أمته ويتطلع دائماً إلى أن تكون أمة عظيمة، فإنني حرصت في كل بلد عملت فيه أن تكون لي مشاركاتي العلمية والثقافية وأن أكون متفاعلاً مع الحياة والناس، وأن أقرأ الواقع الأدبي والثقافي وأتابع الحركة الثقافية والأدبية العربية في كل هذه العواصم التي أقمت فيها.
-الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة ،ما هو تقيمك للأداء الإعلامي في الأردن خاصة و الوطن العربي على العموم؟
إن هناك مظاهر عامة، وخصوصيات ذات صلة بالواقع الخاص بكل دولة عربية على حدة، ولكن يمكن وضع اليد على عدد من الإشارات التي تميز الإعلام العربي والأداء الإعلامي العربي في الوقت الحاضر، وذلك على النحو التالي:
– ضعف بيئة العمل الصحفي من حيث الأجور، والاستقرار الوظيفي، والتأمينات الصحية والاجتماعية.
قيود حرية التعبير ، والغرامات العالية، والعقوبات المغلّظة أحياناً.
– ضعف المهنية الصحفية، مما يوقع المؤسّسات الصحفية في مشكلات قانونية وتحريرية، وعدم التمكن من الكتابة الصحفية.
– مشكلات إدارية ناشئة عن دخول البعض في عالم المهنة الصحفية، من ناشرين وأصحاب صحف ومواقع الكترونية، ليسوا على دراية بشؤون مهنة الصحافة ومتطلباتها الإدارية والمالية.
– الصعوبات التمويلية، والتحريرية التي تواجه الصحف الحزبية.
– صعوبة الحصول على المعلومات المهمة لعديد الملّفات ذات الصلة بحياة الناس وقضاياهم الحيوية.
-حدثني دكتور تيسير عن الخطط التي تعتزم جامعة البترا القيام بها مستقبلا للتطوير و صقل مهارات و خبرات الطلاب؟
في جامعة البترا، كلية للإعلام، جاءت تطويراً طبيعياً لقسم الصحافة والإعلام الذي نشأ في كلية الآداب منذ نشأة الجامعة في أوائل التسعينيات. وهذه الكليّة تضم حالياً قسمين علميين هما: الصحافة والاعلام والإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى برنامج يمنح الماجستير في الصحافة والإعلام. ويوجد في الكلية عدد من الاستيديوهات الإذاعية والتلفزيونية، والمختبرات الحاسوبية المتطورة التي تخدم التحرير والمونتاج. وتشهد الخطط الدراسية في الكليّة تطويراً مستمراً يواكب المستجدات والمتغيرات التي تشهدها تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ويجري حالياً إعادة النظر في الخطة الدراسية لقسم الصحافة والإعلام وتطويرها وتعزيز موادها بكل مستجدات الإعلام الرقمي والبيئة الإعلامية الرقمية. وهناك صحيفة الكترونية لتدريب الطلبة باسم ” منبر البترا” وتستقطب الكلية عدداً مهماً من الكوادر التدريسية المؤهلة والمدربة من خريجي الجامعات المرموقة، عربياً وعالمياً، إضافة إلى وجود مجموعة من المبعوثين في الجامعات البريطانية. ويوجد ضمن الخطة الدراسية لكل من القسمين، مشروع للتخرج يتم إعداده ومناقشته بصورة علنية، ويتركز حول إعداد المجلات والصحف والحملات الإعلانية، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية والبرامج الوثائقية. كما يوجد ست ساعات معتمدة إجباريّة للتدريب العملي يقضيها الطلبة داخل المؤسسات الإعلامية، الصحفية، والإذاعية والتلفزيونية داخل الأردن.
-لقد لعب الإعلام دورا كبيرا في تغير المجريات السياسية ،ما هو السبب في ذلك؟
الإعلام والسياسة كانا دائماً متلازمين، فالإعلام أقوى سلاح بيد السلطة، أية سلطة وهو وسيلتها لبسط إرادتها والتعريف بسياساتها وبرامجها . والإعلام بحدّ ذاته هو سلطة، وسلطة قوية جداً بما يملكه من قدرات رقابية وتأثيريّة. وهو من أهم الوسائل التي يتم استخدامها للتأثير في الرأ ي العام. وهناك نظرية في الإعلام شهيرة تسمى نظرية الأجندة، أي ترتيب الأولويات، وهي تعبر عن مدى أهمية الإعلام في حياة الدول والشعوب. وقد قيل منذ زمن بعيد أن الإعلام سلاح ذو حدين، بمعنى أنه يستخدم للبناء أو الهدم، وهكذا يتحول الإعلام، بكل إمكاناته إلى سلاح مهم في يد الجهات التي تملكه، وتستطيع نشره وتمويله. وهناك دراسات عديدة توضح الدور الكبير الذي مارسه ويمارسه الإعلام العربي، بفضائياته وإذاعاته، وخصوصاً منذ انطلاق سنوات الربيع العربي وتداعياتها الحاضرة. وقد ساهمت بعض الأصوات الإعلامية العربية للأسف في كثير من الخسارات العربية الراهنة التي بدأت مع بروز الطائفية والمذهبية. والتناحر الإعلامي وصراع الأجندات. كما أن الوطن العربي خسر العديد من أبنائه الصحفيين والمراسلين الذين كانوا يمارسون مهامهم الإعلامية في المناطق الكثيرة الساخنة.
-توجد مقولة تقول (ليس من الضرورة بأن الذي يعمل في الوسط الإعلامي ان يكون خريجا من كليات الإعلام و ملما بأدوات الصحافة) ما هو مدى صحة هذا الكلام؟
لا شك أن كليات الصحافة والإعلام وفرّت للعالم العربي طاقات شابة كثيرة متعلمة ومتخصصة وقادرة على أن تعمل في كل فروع المهنة الصحفية والإعلامية، وهناك كليات منتشرة حالياً في البلدان العربية كافة، ساهمت بتخريج عناصر كفؤ تسلمت الكثير من المواقع الإعلامية، وأثبتت وجودها، علماً بأنه ليس شرطاً أن يصبح كل من درس الإعلام إعلامياً، لأن أهم شروط الإعلامي أن يكون لديه الموهبة والشغف والقدرات اللغوية والتعبيرية وحب الثقافة وقوة الشخصية والقدرات الحوارية، وهذه قد يفتقر إليها البعض من دارسي الإعلام. ولكن كليات الإعلام معنيّة بفتح أبواب الأمل والمستقبل لمنتسبيها من الدارسين بتشجيعهم على ارتياد المهن التي تناسب ميولهم وقدراتهم وإمكانياتهم الثقافية، فمن لا يستطيع أن يكون محرراً صحفياً أو كاتباً متمكناً أو مذيعاً ناجحاً، يمكن أن يتوجه إلى المهن ذات الصلة ، مثل الإخراج والمونتاج والإعداد والتصوير، وهي مطلوبة في الحقل الإعلامي.
إن دراسة الإعلام أصبحت بوابة مهمة لإمداد المؤسسات الإعلامية بالإعلاميين، نظراً لما تتوفر عليه من أساتذة أكفاء واستوديوهات ومختبرات، ولكن المطلوب هو الحرص على هؤلاء الدارسين من كافة الجوانب المهنية والفكرية والأخلاقية، إذ أن الثقافة القانونية مهمة لمساعدتهم في تجاوز مشكلات النشر وحساسياته.
-الأستاذ الدكتور أبو عرجة ، كثير من خريجي الإعلام يعاني من عدم القدرة على الحصول على وظيفة ،لما تلعبه الواسطة من دور كبير في مجال الإعلام،ما هو تعليقكم على ذلك؟
برأيي أن من يلتحقون بالمهن الإعلامية، يجب أن يخضعوا لمقابلات واختبارات تحريرية وشخصية ومهنيّة، لأن هذه المهنة تعتبر مهنة إبداعية، وليست مجرد وظيفة عادية أو بيروقراطية، هي مهنة الكتابة والتحرير والتفكير والإبداع، وعليه فإن الواسطة معناها أنني افتح الباب لتعيين شخص زائد عن الحاجة، أو صاحب أداء ضعيف لا يليق بالمستوى الذي تطمح إليه المؤسّسة الإعلامية التي تعتمد على مخاطبة الجمهور ورضاه ومحاورته وإقناعه. كما أن المؤسّسات الإعلامية العريقة، تخضع من يلتحقون بها للتدريب المكثف، والمستمر، حتى يكون أداؤهم ملائماً ومقنعاً.
-هل برأيكم بأنه سوف يدوم عمر الصحافة المكتوبة او الورقية في ظل تزايد استخدام وسائل الإعلام الرقمية و السوشيال ميديا ،من قبل الشباب و القراء للحصول على المعلومة،حيث أنه من الملاحظ بأن وسائل الإعلام الحديثة تلقي رواجا كبيرا ؟
– الصحافة الورقية تعاني حالياً من شح الإمكانات المالية، بسبب ضعف التوزيع، وضعف المداخيل الإعلانية، وانخفاض معدلات القراءة بشكل كبير، وقد وجدنا عديد الصحف الورقية تختفي من المسرح، وتتوقف عن الصدور، وذلك كله بسبب ثورة الأنترنت، وانتشار الإعلام الرقمي، الذي يتيح المتابعة الإعلامية بكل سهولة ويسر وبدون أي جهد وبدون تكلفة، وأصبح الهاتف النقال وسيلة مهمة تمكّن حاملها من متابعة الأخبار, في التوّ واللحظة، وبإمكانه التفاعل معها، وبإمكانه أن يكون صانعاً للخبر والصورة فيها.
وعليه فإن الصحافة الورقية الآن تعيد ترتيب أوراقها، وتفكر في كيفية البقاء والاستمرار، وكيفية الاستفادة صحفياً وإعلانياً من مواقعها الإخبارية ونسخها الالكترونية، ناهيك عن حاجتها للدعم الرسمي أو الحكومي أو الحزبي، حسب الجهة التي تصدرها وتملكها.
-كيف ترى دكتور تيسير مستقبل الإعلام و الصحافة بعد عشر سنوات،هل سوف يأتي وقت و تختفي الصحف الورقية؟
أما تحديد السنة التي سيتوقف فيها الإعلام المطبوع عن الظهور بصورة كاملة، فهي غير قابلة للتحديد، لكنها ليست بعيدة على أي حال، والأمر مرتبط بمدى تعامل الناس مع الأنترنت، ومدى اعتمادهم على الصحف الالكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي، وهذا يختلف من بيئة عربية إلى أخرى.
-الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة،هل شبكات التواصل الاجتماعي مصدر المعلومات الصحيحة ويمكن الاعتماد عليها في البحث العلمي و الدراسة ؟
ليس من شك أن منصات التواصل الاجتماعي تحظى حالياً بالمتابعة بنسب عالية جداً، ومن المستويات الثقافية والعمرية على اختلافها. وهي توفر لمتابعيها مساحات خاصة للتعبير، والتواصل، بطريقة سهلة وغير مسبوقة، وباستخدام الهاتف النقّال، وفيها أيضاً نافذة للاطلاع على وسائل الإعلام، وعلى ما يتم ترديده من أخبار ومعلومات على الشبكات نفسها، ولكن هذه المنصّات حملت معها الغث والسمين، واختلط الخبر بالشائعة، وأصبحت أداة لأصحاب الأجندات، كل يبث ما يعبر عن مصالحه والخطاب الذي يخدمه ويروقه، وعليه فإنها أصبحت أساسية في حياة الفرد لا غنى عنها، لكن كل إنسان وهو يقرأ أو يكتب ويتابع عليه أن يدرك أبعاد ما يقرأ ويعرف أن هذا الضّخ المعلوماتي الهائل، قد يشوه الكثير من عدم الصدقية، ومن سوء المقصد. ولكن ، ورغم ذلك، فإن هذه الوسائل التواصلية لها إيجابياتها الكثيرة، ولها دورها في التعريف بالنقاط المضيئة في مجتمعاتنا، بما تقوم به من حملات إعلاميّة أحياناً لصلح القضايا الحيوية والأكاديمية في حياة الناس. وأصبح لها تأثيرها المقدر على الرأي العام اليومي.
-شهد وقتنا الحالي التدني الكبير في مستوى الإعلام ،حيث يشهد الإعلام تدهور ملحوظ من ناحية البرامج والمواد المطروحة لملايين من المشاهدين،ما هو السبب الأساسي؟
إن الضعف الذي يظهر فيه الإعلام التلفزيوني العربي، ناشئا عن الاتجاه نحو الإثارة الإعلامية، ومرتبط بتداعيات الربيع العربي، وأصبح التقديم التلفزيوني لا يقوم على الحوار الهادئ والمناقشة الرصينة، وبسط الحقائق أمام الجمهور، ولكن يتم الاعتماد على بعض المذيعين الذين أصبحوا خطباء أو أوصياء على الأمة يمارسون خطابهم الديماغوجي بالانفعال الشديد والصراخ والاستعراض. إضافة الى الضعف الذي يعتري البرامج الحوارية، التي بدلاً من أن تكون مهمتها إغناء المشهد السياسي والفكري العام، فإنها تقوم بتعميق الخلافات العربية، وتركز على الاختلافات المذهبية والفقهية، وتستحضر صفحات التاريخ التي تؤجج الخلافات والنزاعات. هذا في الوقت الذي نجد فيه متابعة مهمة من المشاهد العربي والمستمع العربي للقنوات الإعلامية الغربية التي تبث باللغة العربية، وهو الاعلام الذي يحرص على القوة والوضوح وسلامة اللغة، علماً بأنه يخدم في الأصل مصالح وأجندات الدول التي تملكه وتنفق عليه.
-ما هي أهم هواياتك ؟
أما عن أوقات الفراغ خارج إطار العمل والدوام في الجامعة، فإنني أراها ملائمة لقراءة ما يروق لي قراءته من نتاجات أدبية وفكرية منوعة.
-كلمة شكر تريد ان تقولها ، لمن؟
الشكر الذي أوجهه هو لأسرتي الصغيرة، زوجتي وولدي وابنتي، الذين معهم، أستطيع أن أنهض بعبء الرسالة التي اخترتها مساراً لحياتي، في القراءة والكتابة والعمل الجامعي والثقافي.
دون أن أنسى أن أقدم الشكر والتحية لجامعة البترا التي أعمل فيها منذ عام 1992، وهي بالنسبة لي المكان الأجمل والأرحب والحضن الدافيء للفكر والإبداع
“عزة الشرع”خلال مسيرتي الإعلامية الطويلة حافظت على موقعي كمذيعة كي استحق أن يطلق علي الإعلامية عزة
*أعشق الصحافة والأدب منذ البدايات الأولى
*انا إنسان يؤمن بمستقبل أمته
*الصحافة الورقية الآن تعيد ترتيب أوراقها
*برأيي أن من يلتحقون بالمهن الإعلامية، يجب أن يخضعوا لمقابلات واختبارات تحريرية وشخصية ومهنيّة
مع أسرتي أستطيع أن أنهض بعبء الرسالة التي اخترتها مساراً لحياتي
عمان جو - حاورته لطيفة القاضي
الدكتور تيسير أبو عرجة هو أحد الشخصيات العامة و هو نائب رئيس جامعة البترا في الأردن،عميد كلية الصحافة والإعلام سابقا ،لديه بركان من العزيمة والإصرار ليتبوأ مكانه ،جسد طاقتة لخدمة العلم و البحث والدراسات المتعددة ،لديه من الحكمة و المعرفة تجسدت في أرقى صورها للوصول إلى الهدف المنشود .
أشكر الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة على إتاحة الفرصة لي لإجراء هذا الحوار الصريح جدا .والبداية
-كيف يعرف نفسه تيسير أبو عرجة؟
إنسان عشق الصحافة والأدب منذ البدايات الأولى وواصل القراءة وأكمل دراساته الجامعية والعليا في الصحافة ليصبح صحفياً وكاتباً وأستاذاً جامعياً، له بحوثه ومؤلفاته، محاولاً أن يجمع بين الكلمة في بعدها الإعلامي وبين القصيدة الشعرية.
– كانت رحلتك مع العلم والدراسة طويلة من القاهرة ثم باريس والجزائر والإمارات وصولا بالأردن ،كيف بدأت معك رحلة طلب العلم و الدراسة وصولا بنائب رئيس جامعة البترا؟
عندما حصلت على الثانوية العامة من المدرسة الفاضلية الثانوية بمدينة طولكرم الفلسطينية في الضفة الغربية، كان رصيدي قبلها في الحياة المدرسية عديد القصائد والخواطر التي كنت أنشرها في الصحف الأردنية وقتئذ واذكر منها الجهاد وفلسطين اليوميتين وعمان المساء الأسبوعية. ولفت نظري حينها وقتئذ أن الدراسة الجامعية الأقرب إلى نفسي هي الصحافة. وهذه الدراسة كتخصص أكاديمي لم تكن موجودة إلاّ في جامعة القاهرة، وكان معدلّي في الثانوية العامة يسمح لي بالالتحاق بهذه الجامعة الأكبر والأعرق في مصر والبلاد العربية. وبعد تخرجي عملت في صحافة الكويت لخمس سنوات رأيت بعدها إكمال الدراسات العليا في نفس التخصص وعدت إلى نفس الجامعة لأحصل على الدكتوراه في الصحافة، ثم بدأت بعد ذلك رحلتي الأكاديمية في تدريس الصحافة والإعلام في جامعة الجزائر لثلاث سنوات، ثم جامعة الإمارات لسبع سنوات ثم في جامعة البترا الخاصة في عمان منذ عام 1992 وكانت تحمل اسم جامعة البنات الأردنية، وهكذا أتيح لي أن أعيش في عدد من البلدان العربية وأتفاعل مع شعوبها ومع ثقافاتها وأن يكون لي صداقات ثقافية وإعلامية وأدبية من خلال عملي في الصحافة أو التدريس الجامعي. وكإنسان يؤمن بمستقبل أمته ويتطلع دائماً إلى أن تكون أمة عظيمة، فإنني حرصت في كل بلد عملت فيه أن تكون لي مشاركاتي العلمية والثقافية وأن أكون متفاعلاً مع الحياة والناس، وأن أقرأ الواقع الأدبي والثقافي وأتابع الحركة الثقافية والأدبية العربية في كل هذه العواصم التي أقمت فيها.
-الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة ،ما هو تقيمك للأداء الإعلامي في الأردن خاصة و الوطن العربي على العموم؟
إن هناك مظاهر عامة، وخصوصيات ذات صلة بالواقع الخاص بكل دولة عربية على حدة، ولكن يمكن وضع اليد على عدد من الإشارات التي تميز الإعلام العربي والأداء الإعلامي العربي في الوقت الحاضر، وذلك على النحو التالي:
– ضعف بيئة العمل الصحفي من حيث الأجور، والاستقرار الوظيفي، والتأمينات الصحية والاجتماعية.
قيود حرية التعبير ، والغرامات العالية، والعقوبات المغلّظة أحياناً.
– ضعف المهنية الصحفية، مما يوقع المؤسّسات الصحفية في مشكلات قانونية وتحريرية، وعدم التمكن من الكتابة الصحفية.
– مشكلات إدارية ناشئة عن دخول البعض في عالم المهنة الصحفية، من ناشرين وأصحاب صحف ومواقع الكترونية، ليسوا على دراية بشؤون مهنة الصحافة ومتطلباتها الإدارية والمالية.
– الصعوبات التمويلية، والتحريرية التي تواجه الصحف الحزبية.
– صعوبة الحصول على المعلومات المهمة لعديد الملّفات ذات الصلة بحياة الناس وقضاياهم الحيوية.
-حدثني دكتور تيسير عن الخطط التي تعتزم جامعة البترا القيام بها مستقبلا للتطوير و صقل مهارات و خبرات الطلاب؟
في جامعة البترا، كلية للإعلام، جاءت تطويراً طبيعياً لقسم الصحافة والإعلام الذي نشأ في كلية الآداب منذ نشأة الجامعة في أوائل التسعينيات. وهذه الكليّة تضم حالياً قسمين علميين هما: الصحافة والاعلام والإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى برنامج يمنح الماجستير في الصحافة والإعلام. ويوجد في الكلية عدد من الاستيديوهات الإذاعية والتلفزيونية، والمختبرات الحاسوبية المتطورة التي تخدم التحرير والمونتاج. وتشهد الخطط الدراسية في الكليّة تطويراً مستمراً يواكب المستجدات والمتغيرات التي تشهدها تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ويجري حالياً إعادة النظر في الخطة الدراسية لقسم الصحافة والإعلام وتطويرها وتعزيز موادها بكل مستجدات الإعلام الرقمي والبيئة الإعلامية الرقمية. وهناك صحيفة الكترونية لتدريب الطلبة باسم ” منبر البترا” وتستقطب الكلية عدداً مهماً من الكوادر التدريسية المؤهلة والمدربة من خريجي الجامعات المرموقة، عربياً وعالمياً، إضافة إلى وجود مجموعة من المبعوثين في الجامعات البريطانية. ويوجد ضمن الخطة الدراسية لكل من القسمين، مشروع للتخرج يتم إعداده ومناقشته بصورة علنية، ويتركز حول إعداد المجلات والصحف والحملات الإعلانية، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية والبرامج الوثائقية. كما يوجد ست ساعات معتمدة إجباريّة للتدريب العملي يقضيها الطلبة داخل المؤسسات الإعلامية، الصحفية، والإذاعية والتلفزيونية داخل الأردن.
-لقد لعب الإعلام دورا كبيرا في تغير المجريات السياسية ،ما هو السبب في ذلك؟
الإعلام والسياسة كانا دائماً متلازمين، فالإعلام أقوى سلاح بيد السلطة، أية سلطة وهو وسيلتها لبسط إرادتها والتعريف بسياساتها وبرامجها . والإعلام بحدّ ذاته هو سلطة، وسلطة قوية جداً بما يملكه من قدرات رقابية وتأثيريّة. وهو من أهم الوسائل التي يتم استخدامها للتأثير في الرأ ي العام. وهناك نظرية في الإعلام شهيرة تسمى نظرية الأجندة، أي ترتيب الأولويات، وهي تعبر عن مدى أهمية الإعلام في حياة الدول والشعوب. وقد قيل منذ زمن بعيد أن الإعلام سلاح ذو حدين، بمعنى أنه يستخدم للبناء أو الهدم، وهكذا يتحول الإعلام، بكل إمكاناته إلى سلاح مهم في يد الجهات التي تملكه، وتستطيع نشره وتمويله. وهناك دراسات عديدة توضح الدور الكبير الذي مارسه ويمارسه الإعلام العربي، بفضائياته وإذاعاته، وخصوصاً منذ انطلاق سنوات الربيع العربي وتداعياتها الحاضرة. وقد ساهمت بعض الأصوات الإعلامية العربية للأسف في كثير من الخسارات العربية الراهنة التي بدأت مع بروز الطائفية والمذهبية. والتناحر الإعلامي وصراع الأجندات. كما أن الوطن العربي خسر العديد من أبنائه الصحفيين والمراسلين الذين كانوا يمارسون مهامهم الإعلامية في المناطق الكثيرة الساخنة.
-توجد مقولة تقول (ليس من الضرورة بأن الذي يعمل في الوسط الإعلامي ان يكون خريجا من كليات الإعلام و ملما بأدوات الصحافة) ما هو مدى صحة هذا الكلام؟
لا شك أن كليات الصحافة والإعلام وفرّت للعالم العربي طاقات شابة كثيرة متعلمة ومتخصصة وقادرة على أن تعمل في كل فروع المهنة الصحفية والإعلامية، وهناك كليات منتشرة حالياً في البلدان العربية كافة، ساهمت بتخريج عناصر كفؤ تسلمت الكثير من المواقع الإعلامية، وأثبتت وجودها، علماً بأنه ليس شرطاً أن يصبح كل من درس الإعلام إعلامياً، لأن أهم شروط الإعلامي أن يكون لديه الموهبة والشغف والقدرات اللغوية والتعبيرية وحب الثقافة وقوة الشخصية والقدرات الحوارية، وهذه قد يفتقر إليها البعض من دارسي الإعلام. ولكن كليات الإعلام معنيّة بفتح أبواب الأمل والمستقبل لمنتسبيها من الدارسين بتشجيعهم على ارتياد المهن التي تناسب ميولهم وقدراتهم وإمكانياتهم الثقافية، فمن لا يستطيع أن يكون محرراً صحفياً أو كاتباً متمكناً أو مذيعاً ناجحاً، يمكن أن يتوجه إلى المهن ذات الصلة ، مثل الإخراج والمونتاج والإعداد والتصوير، وهي مطلوبة في الحقل الإعلامي.
إن دراسة الإعلام أصبحت بوابة مهمة لإمداد المؤسسات الإعلامية بالإعلاميين، نظراً لما تتوفر عليه من أساتذة أكفاء واستوديوهات ومختبرات، ولكن المطلوب هو الحرص على هؤلاء الدارسين من كافة الجوانب المهنية والفكرية والأخلاقية، إذ أن الثقافة القانونية مهمة لمساعدتهم في تجاوز مشكلات النشر وحساسياته.
-الأستاذ الدكتور أبو عرجة ، كثير من خريجي الإعلام يعاني من عدم القدرة على الحصول على وظيفة ،لما تلعبه الواسطة من دور كبير في مجال الإعلام،ما هو تعليقكم على ذلك؟
برأيي أن من يلتحقون بالمهن الإعلامية، يجب أن يخضعوا لمقابلات واختبارات تحريرية وشخصية ومهنيّة، لأن هذه المهنة تعتبر مهنة إبداعية، وليست مجرد وظيفة عادية أو بيروقراطية، هي مهنة الكتابة والتحرير والتفكير والإبداع، وعليه فإن الواسطة معناها أنني افتح الباب لتعيين شخص زائد عن الحاجة، أو صاحب أداء ضعيف لا يليق بالمستوى الذي تطمح إليه المؤسّسة الإعلامية التي تعتمد على مخاطبة الجمهور ورضاه ومحاورته وإقناعه. كما أن المؤسّسات الإعلامية العريقة، تخضع من يلتحقون بها للتدريب المكثف، والمستمر، حتى يكون أداؤهم ملائماً ومقنعاً.
-هل برأيكم بأنه سوف يدوم عمر الصحافة المكتوبة او الورقية في ظل تزايد استخدام وسائل الإعلام الرقمية و السوشيال ميديا ،من قبل الشباب و القراء للحصول على المعلومة،حيث أنه من الملاحظ بأن وسائل الإعلام الحديثة تلقي رواجا كبيرا ؟
– الصحافة الورقية تعاني حالياً من شح الإمكانات المالية، بسبب ضعف التوزيع، وضعف المداخيل الإعلانية، وانخفاض معدلات القراءة بشكل كبير، وقد وجدنا عديد الصحف الورقية تختفي من المسرح، وتتوقف عن الصدور، وذلك كله بسبب ثورة الأنترنت، وانتشار الإعلام الرقمي، الذي يتيح المتابعة الإعلامية بكل سهولة ويسر وبدون أي جهد وبدون تكلفة، وأصبح الهاتف النقال وسيلة مهمة تمكّن حاملها من متابعة الأخبار, في التوّ واللحظة، وبإمكانه التفاعل معها، وبإمكانه أن يكون صانعاً للخبر والصورة فيها.
وعليه فإن الصحافة الورقية الآن تعيد ترتيب أوراقها، وتفكر في كيفية البقاء والاستمرار، وكيفية الاستفادة صحفياً وإعلانياً من مواقعها الإخبارية ونسخها الالكترونية، ناهيك عن حاجتها للدعم الرسمي أو الحكومي أو الحزبي، حسب الجهة التي تصدرها وتملكها.
-كيف ترى دكتور تيسير مستقبل الإعلام و الصحافة بعد عشر سنوات،هل سوف يأتي وقت و تختفي الصحف الورقية؟
أما تحديد السنة التي سيتوقف فيها الإعلام المطبوع عن الظهور بصورة كاملة، فهي غير قابلة للتحديد، لكنها ليست بعيدة على أي حال، والأمر مرتبط بمدى تعامل الناس مع الأنترنت، ومدى اعتمادهم على الصحف الالكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي، وهذا يختلف من بيئة عربية إلى أخرى.
-الأستاذ الدكتور تيسير أبو عرجة،هل شبكات التواصل الاجتماعي مصدر المعلومات الصحيحة ويمكن الاعتماد عليها في البحث العلمي و الدراسة ؟
ليس من شك أن منصات التواصل الاجتماعي تحظى حالياً بالمتابعة بنسب عالية جداً، ومن المستويات الثقافية والعمرية على اختلافها. وهي توفر لمتابعيها مساحات خاصة للتعبير، والتواصل، بطريقة سهلة وغير مسبوقة، وباستخدام الهاتف النقّال، وفيها أيضاً نافذة للاطلاع على وسائل الإعلام، وعلى ما يتم ترديده من أخبار ومعلومات على الشبكات نفسها، ولكن هذه المنصّات حملت معها الغث والسمين، واختلط الخبر بالشائعة، وأصبحت أداة لأصحاب الأجندات، كل يبث ما يعبر عن مصالحه والخطاب الذي يخدمه ويروقه، وعليه فإنها أصبحت أساسية في حياة الفرد لا غنى عنها، لكن كل إنسان وهو يقرأ أو يكتب ويتابع عليه أن يدرك أبعاد ما يقرأ ويعرف أن هذا الضّخ المعلوماتي الهائل، قد يشوه الكثير من عدم الصدقية، ومن سوء المقصد. ولكن ، ورغم ذلك، فإن هذه الوسائل التواصلية لها إيجابياتها الكثيرة، ولها دورها في التعريف بالنقاط المضيئة في مجتمعاتنا، بما تقوم به من حملات إعلاميّة أحياناً لصلح القضايا الحيوية والأكاديمية في حياة الناس. وأصبح لها تأثيرها المقدر على الرأي العام اليومي.
-شهد وقتنا الحالي التدني الكبير في مستوى الإعلام ،حيث يشهد الإعلام تدهور ملحوظ من ناحية البرامج والمواد المطروحة لملايين من المشاهدين،ما هو السبب الأساسي؟
إن الضعف الذي يظهر فيه الإعلام التلفزيوني العربي، ناشئا عن الاتجاه نحو الإثارة الإعلامية، ومرتبط بتداعيات الربيع العربي، وأصبح التقديم التلفزيوني لا يقوم على الحوار الهادئ والمناقشة الرصينة، وبسط الحقائق أمام الجمهور، ولكن يتم الاعتماد على بعض المذيعين الذين أصبحوا خطباء أو أوصياء على الأمة يمارسون خطابهم الديماغوجي بالانفعال الشديد والصراخ والاستعراض. إضافة الى الضعف الذي يعتري البرامج الحوارية، التي بدلاً من أن تكون مهمتها إغناء المشهد السياسي والفكري العام، فإنها تقوم بتعميق الخلافات العربية، وتركز على الاختلافات المذهبية والفقهية، وتستحضر صفحات التاريخ التي تؤجج الخلافات والنزاعات. هذا في الوقت الذي نجد فيه متابعة مهمة من المشاهد العربي والمستمع العربي للقنوات الإعلامية الغربية التي تبث باللغة العربية، وهو الاعلام الذي يحرص على القوة والوضوح وسلامة اللغة، علماً بأنه يخدم في الأصل مصالح وأجندات الدول التي تملكه وتنفق عليه.
-ما هي أهم هواياتك ؟
أما عن أوقات الفراغ خارج إطار العمل والدوام في الجامعة، فإنني أراها ملائمة لقراءة ما يروق لي قراءته من نتاجات أدبية وفكرية منوعة.
-كلمة شكر تريد ان تقولها ، لمن؟
الشكر الذي أوجهه هو لأسرتي الصغيرة، زوجتي وولدي وابنتي، الذين معهم، أستطيع أن أنهض بعبء الرسالة التي اخترتها مساراً لحياتي، في القراءة والكتابة والعمل الجامعي والثقافي.
دون أن أنسى أن أقدم الشكر والتحية لجامعة البترا التي أعمل فيها منذ عام 1992، وهي بالنسبة لي المكان الأجمل والأرحب والحضن الدافيء للفكر والإبداع
“عزة الشرع”خلال مسيرتي الإعلامية الطويلة حافظت على موقعي كمذيعة كي استحق أن يطلق علي الإعلامية عزة
التعليقات