عمان جو - بأزقتها وحجارتها ومطرزاتها وموروثها الثقافي العابر للزمن، تستعصي فلسطين المحتلة وجوهرتها القدس بمهابتها ومكانتها وهويتها العربية التاريخية على الاحتلال الإسرائيلي وسرديته المتهاوية بدليل ما يمارسه من إبادة ممنهجة في أنحاء الأرض التي بارك الله فيها في إشارة الى ردة فعل من لا يملك دليلا على ادعائه.
فالتحوّلات العميقة في الوعي العالمي والغربي على وقع جرائم الاحتلال، فتحت ثغرة بدأت تتّسع يوما بعد يوم، في جدار الزيف الصهيوني، الذي صادر الحقيقة منذ عقود النكبة، ليتصاعد الانحياز العالمي للحق الفلسطيني، في وجه القهر وآلته وضد 'اقتلاع فلسطين من فلسطينيتها، وقتل فلسطينية الفلسطيني'.
ويؤكد متحدثون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أنه لا بد من 'نزع تلك الهالة التي رسمها التضليل الاسرائيلي في المخيال الشعبي الغربي خاصة بعد أن بدأ يعي الجريمة المتواصلة منذ تم غرز إسرائيل في الأرض العربية'، مشيرين الى أن التضليل الاسرائيلي نجح على مدى عقود في اقتحام الموسيقا العالمية والسينما في بلورة مخيال غربي وعالمي مناصر لكيان غريب عن محيطه العربي لكن قوة الحق الفلسطيني غيرت المعادلة وأعادت العقل العالمي الى جادة الصواب.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، أكد إن الثقافة الفلسطينية عموماً والمقدسية قوية بما يكفي للدفاع عن الثقافة المقدسية العربية في مواجهة محاولات الطمس والإلغاء الإسرائيلي ومصادرة الهوية، لافتا إلى أن القدس وحدها شهدت إغلاق أكثر من 100 مؤسسة ثقافية، ويمنع الاحتلال إقامة أي فعالية أو مهرجان أو نشاط ثقافي أو فني أو مسرحي.
وأشار الى إمعان الاحتلال في استلاب وتدمير المشهد الثقافي بصياغة قوانين عنصرية، مثل قانون الكنيست عام 2018 الذي أقر منع دعم الأعمال الثقافية والفنية، وارتفعت وتيرة الحرب والإبادة للثقافة الفلسطينية بعد السابع من تشرين الأول 2023 والعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، لتفقد الساحة الثقافية الكثير من المبدعين في مختلف المجالات من شعراء وكتّاب وفنانين ومؤرخين، ممن ارتقوا شهداء خلال العدوان، فضلا عن تعمد الاحتلال تدمير المباني التاريخية والمواقع التراثية والمتاحف والمساجد والكنائس التاريخية والمؤسسات الثقافية من مراكز ومسارح ودور نشر ومكتبات عامة وجامعات ومدارس وجداريات فنية.
وبرغم كل ذلك، أكد كنعان أن الثقافة الفلسطينية بكل أشكالها ومجالاتها تتميز بقدرتها على النضال والكفاح، وبقوتها في ترسيخ هويتها ونشر السردية والرواية الفلسطينية والمقدسية التي تحاول إسرائيل طمسها من خلال الترويج لرواية تلمودية مزيفة.، مشيرا الى أن المثقف الفلسطيني ابتكر أساليب ووسائل تخطت الحدود، وتجاوزت الأسر والتضييق الإسرائيلي لتساهم في تشكيل رأي عام عالمي يُناصر القضية الفلسطينية، وهو انعكس في مواقف سياسية ودبلوماسية وثقافية غربية تدين إسرائيل وعدوانها المخالف للشرعية والقانون والقيم الثقافية الدولية.
واشار الى أن الأردن نجح بقيادته صاحبة الوصاية على المقدسات بتسجيل القدس القديمة وأسوارها في قائمة التراث العالمي عام 1981 والتراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982، ومساندة فلسطين في إدراج مواقع أخرى بعد قبول اليونسكو لفلسطين عضواً كامل عام 2011.
القدس في قلب الصراع.
فالصراع ضد الصهيونية وتضليلها مفتوح على كل المديات وأخطرها الثقافي باعتباره سلاحًا للصمود والمقاومة ضد الاحتلال الذي لا يفتأ يزيّف ويطمس هوية القدس العربية الإسلامية المسيحية، لتشريد أهلها واستبدالهم بمستوطنين يهود غرباء عن الجغرافيا، كما يؤكد الفنان المقدسي شهاب قواسمي.
ويستدرك قواسمي موضحًا، 'أنا لا أرسم القدس لإظهار جمالياتها أو الحنين إليها أو التغزل بها فقط، بل أيضا لأستنفر الذاكرة والوعي في مواجهة السرقة والتدمير، وأرسم كي تبقى مدينة الأوابد الخالدة إرثًا للأجيال القادمة'، لافتًا إلى أنه في سبعينيات القرن الماضي، كانت إسرائيل تصادر اللوحات الفنية، وتتلفها وتعتقل الفنانين الفلسطينيين بتهمة التحريض والمقاومة، وكانت تنظر إلى الريشة بيد الفنان كما تنظر إلى بندقية المقاومة.
وعلى جبهة مقاومة التضليل الاسرائيلي ودحضه حول فلسطين والقدس، يبرز اسم المؤرخ الدكتور محمد هاشم غوشة الذي أعد الموسوعة الفلسطينية بالإنجليزية، والتي تتناول تاريخ فلسطين بالتقصّي العلمي الذي ينسف ادعاءات الاحتلال من أساساتها.
وتتألف الموسوعة من 24 مجلدًا، ويُعد أكبر عمل توثيقي أكاديمي عن القدس وفلسطين، إذ يبلغ نحو 7000 صفحة، ويضم وثائق ومصادر من الفترة العثمانية، واستغرق إنجازه اثني عشر عامًا من البحث والتوثيق المتواصل.
وأسهم غوشه المتخصص في تاريخ العمارة الإسلامية في نقل الخبرة البحثية العربية في دراسات القدس والعمارة الإسلامية إلى الأوساط الأكاديمية الأوروبية.
وتتركز أبحاث غوشة الذي ألّف نحو 100 كتاب تاريخي ومعماري وأثري عن القدس وفلسطين والحضارة، على مدينة القدس وتراثها الحضاري، إذ نشر أكثر من 150 بحثًا ودراسة متخصصة.
ويُعد كتابه 'قبة الصخرة المشرّفة' توثيقا علميًا دقيقًا للقبة بعمارتها وزخرفيا وهندستها، على نحو يتيح إعادة بناء أو ترميم المبنى بدقة تامة وفق حالته الراهنة، وقد وصف عالم الآثار الأميركي روبرت شيك هذا الكتاب بأنه أهم ما صدر عن قبة الصخرة.
وفي كتابه 'المسجد الأقصى' الصادر عام 2014، اعتمد على البحث الميداني والتوثيق المعماري والفوتوغرافي، وسجلات المحاكم الشرعية والأرشيفات العثمانية، جامعًا معالم المسجد وآثاره ونقوشه في عمل علمي متكامل، كما تتبع أعمال المستشرق السويسري ماكس فان برشم، وصنف كتابًا مستقلًا عن النقوش التاريخية في القدس، أعاد من خلاله هذه النقوش إلى الواجهة العلمية، وبيّن قيمتها بوصفها مصادر أصلية لفهم التاريخ العمراني والديني والسياسي للمدينة، مؤكدًا دورها في توثيق الذاكرة المادية للقدس عبر العصور. كما أجرى مسحًا ميدانيًا في كل فلسطين، وثق من خلاله 50 ألف نقش عربي تاريخي تحكي تاريخ هذا البلد وقصته مع الحضارة.
حبكات الزيِّ والتطريز التراثي تنقض الوهم الصهيوني.
في حبكات الزيِّ والتطريز التراثي المقدسي يكمن تاريخ عربي ينقض الوهم الصهيوني، حسب مصمِّمة الأزياء التراثية الفلسطينية الكنعانية امتياز أبو عواد، التي ترى في التراث هوية حيّة تنبض بحجارة المدينة، وفي أزقتها، وفي تفاصيل حياتها اليومية.
وتحفر أبو عواد عميقًا في التاريخ الذي يعاند الروايات التضليلية للصهيونية ويدحضها، ولا يمكن للزيف فصل خلود القدس روحيًا وثقافيًا وحضاريًا عن جذوره الكنعانية العربية.
وتضيف: المسجد الأقصى يشكِّل قلب التراث المقدسي وروحه، بمصلياته وساحاته وأبوابه وقبابه، بوصفها منظومة حضارية متكاملة ارتبطت بالحياة اليومية للمقدسيين دينيًا وثقافيًا واجتماعيًا.
فالعرب، تقول أبو عواد، مدّوا وصالاً لا تنفصم عراه بين المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة التي تنهض شاهدًا على العمق المسيحي الأصيل في القدس التي ينقض تاريخها العربي الإسلامي كل الرواية الاسرائيلية، لافتة إلى أن هذا التاريخ انبنى أساسًا على قبول التعدد واحتضانه، لا على الإقصاء والإلغاء الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني.
وإذ تذكر أسواق القدس؛ وسوق القطانين والعطارين واللحامين، فإنما لتؤكد المصمّمة الفلسطينية ابو عواد، أنها فضاءات اجتماعية وكأنها تنطق بلهجة المدينة وتفوح بروائحها وتشدو بأغانيها الشعبية، وتسرد حكايات أهلها عبر القرون.
الزي المقدسي التقليدي، خاصة أثواب النساء المطرزة، يحمل رموزًا كنعانية ونباتية وجغرافية تعبّر عن المكان والانتماء. فكل غرزة تحكي قصة، ولكل لون دلالته المرتبطة بالمدينة وأحيائها.
أما المطبخ المقدسي، بوصفه أحد أعمدة التراث الثقافي، فتتوارث العائلات وصفاته جيلًا بعد جيل؛ فالمفتول، والمقلوبة، والكعك المقدسي ليست مجرد طعام فحسب، بل طقوس اجتماعية مرتبطة بالحياة اليومية وبالمواسم والمناسبات، تقول أبو عواد.
ومثل الزي الفلسطيني والمطبخ وأسواق القدس وأسوارها وحجارتها لا تفتأ الأمثال الشعبية والحكايات والأغاني والميجانا التي ترددها الألسن فوق سفوح الجبال والوديان وبين حقول الزيتون، تشكل الأرشيف الثقافي الحي الذي يرتسم في وجدان الفلسطيني عامة وإبن القدس خاصة حسب أبو عواد في مواجهة الانتهاكات الصارخة للذاكرة الفلسطينية.
وتتساءل أبوعواد بحرقة: كيف لغازٍ غريبٍ عن المدينة أن يعرف معنى ثوب عروس في قرى القدس؟ وكيف له أن يدرك ثوب الأغباني نسبة للقماش الحريري المسمى بهذا الاسم والمستورد من حمص وحلب، وكيف له أن يفقه التطريز على القبّة وجوانب الثوب والأكمام؟ هل يعرف معنى 'الساعة' و'الشربات' والورود التي تُنسج على جوانب ثوب العروس؟ وما معنى فستان 'السارما' المنسوج من قماش قطني مخملي أو حريري باللون البنفسجي أو أي لون آخر. ومثل ذلك وغيره الكثير هل يدرك هؤلاء الأغراب معنى ثوب القدس الأساوري الذي يُعد من أندر وأفخم الأثواب الفلسطينية، وهو ثوب مديني أرستقراطي، فذلك تاريخ يستحيل على من جاء من أقاصي الدنيا إلا التسليم بأن صاغ هذه الثقافات الراسخة هو صاحب الأرض التي يتغنى بها وبسمائها.
المجتمع المدني الفلسطيني في مواجهة التهويد.
الباحث في الشأن المقدسي عزيز محمود العصا، يوضح أن المجتمع المدني المقدسي يضم (507) منظمات، تتوزع في مجالات التعليم والرياضة والثقافة والفنون والصحة، ومؤسسات العمل الخيري ولجان الزكاة والشباب والمؤسسات الدينية وسواها.
وأكد أن الاحتلال يقرّ بعدم قدرته على الهيمنة على المجتمع المدني المقدسي، ويعترف بقدرة هذا المجتمع التطوعي المتفاني في خدمة مدينته المقدسة على المحافظة على عروبة المدينة، وإعاقة أفعال الاحتلال الهادفة إلى تهويد المدينة ومحو هويتها العربية.
ولفت إلى أن الوصاية الهاشمية تولي اهتمامًا كبيرًا بأوقاف القدس والأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية، التي تحفظ للمدينة عروبتها، وقدرة المجتمع المقدسي على التأثير في إعادة صياغة الهوية العربية للمدينة، دون الخشية مما يمتلكه الاحتلال من القوة المفرطة والأموال التي يضخها بأرقام فلكية لتهويد القدس.
وأشار إلى أن هناك أياما للثقافة الوطنية الفلسطينية والتراث والتطريز الفلسطيني، تقام خلالها فعاليات للحفاظ على الموروث الثقافي وصونه وحمايته، بوصفه مرتكزا للهوية الفلسطينية.
عمان جو - بأزقتها وحجارتها ومطرزاتها وموروثها الثقافي العابر للزمن، تستعصي فلسطين المحتلة وجوهرتها القدس بمهابتها ومكانتها وهويتها العربية التاريخية على الاحتلال الإسرائيلي وسرديته المتهاوية بدليل ما يمارسه من إبادة ممنهجة في أنحاء الأرض التي بارك الله فيها في إشارة الى ردة فعل من لا يملك دليلا على ادعائه.
فالتحوّلات العميقة في الوعي العالمي والغربي على وقع جرائم الاحتلال، فتحت ثغرة بدأت تتّسع يوما بعد يوم، في جدار الزيف الصهيوني، الذي صادر الحقيقة منذ عقود النكبة، ليتصاعد الانحياز العالمي للحق الفلسطيني، في وجه القهر وآلته وضد 'اقتلاع فلسطين من فلسطينيتها، وقتل فلسطينية الفلسطيني'.
ويؤكد متحدثون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أنه لا بد من 'نزع تلك الهالة التي رسمها التضليل الاسرائيلي في المخيال الشعبي الغربي خاصة بعد أن بدأ يعي الجريمة المتواصلة منذ تم غرز إسرائيل في الأرض العربية'، مشيرين الى أن التضليل الاسرائيلي نجح على مدى عقود في اقتحام الموسيقا العالمية والسينما في بلورة مخيال غربي وعالمي مناصر لكيان غريب عن محيطه العربي لكن قوة الحق الفلسطيني غيرت المعادلة وأعادت العقل العالمي الى جادة الصواب.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، أكد إن الثقافة الفلسطينية عموماً والمقدسية قوية بما يكفي للدفاع عن الثقافة المقدسية العربية في مواجهة محاولات الطمس والإلغاء الإسرائيلي ومصادرة الهوية، لافتا إلى أن القدس وحدها شهدت إغلاق أكثر من 100 مؤسسة ثقافية، ويمنع الاحتلال إقامة أي فعالية أو مهرجان أو نشاط ثقافي أو فني أو مسرحي.
وأشار الى إمعان الاحتلال في استلاب وتدمير المشهد الثقافي بصياغة قوانين عنصرية، مثل قانون الكنيست عام 2018 الذي أقر منع دعم الأعمال الثقافية والفنية، وارتفعت وتيرة الحرب والإبادة للثقافة الفلسطينية بعد السابع من تشرين الأول 2023 والعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، لتفقد الساحة الثقافية الكثير من المبدعين في مختلف المجالات من شعراء وكتّاب وفنانين ومؤرخين، ممن ارتقوا شهداء خلال العدوان، فضلا عن تعمد الاحتلال تدمير المباني التاريخية والمواقع التراثية والمتاحف والمساجد والكنائس التاريخية والمؤسسات الثقافية من مراكز ومسارح ودور نشر ومكتبات عامة وجامعات ومدارس وجداريات فنية.
وبرغم كل ذلك، أكد كنعان أن الثقافة الفلسطينية بكل أشكالها ومجالاتها تتميز بقدرتها على النضال والكفاح، وبقوتها في ترسيخ هويتها ونشر السردية والرواية الفلسطينية والمقدسية التي تحاول إسرائيل طمسها من خلال الترويج لرواية تلمودية مزيفة.، مشيرا الى أن المثقف الفلسطيني ابتكر أساليب ووسائل تخطت الحدود، وتجاوزت الأسر والتضييق الإسرائيلي لتساهم في تشكيل رأي عام عالمي يُناصر القضية الفلسطينية، وهو انعكس في مواقف سياسية ودبلوماسية وثقافية غربية تدين إسرائيل وعدوانها المخالف للشرعية والقانون والقيم الثقافية الدولية.
واشار الى أن الأردن نجح بقيادته صاحبة الوصاية على المقدسات بتسجيل القدس القديمة وأسوارها في قائمة التراث العالمي عام 1981 والتراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982، ومساندة فلسطين في إدراج مواقع أخرى بعد قبول اليونسكو لفلسطين عضواً كامل عام 2011.
القدس في قلب الصراع.
فالصراع ضد الصهيونية وتضليلها مفتوح على كل المديات وأخطرها الثقافي باعتباره سلاحًا للصمود والمقاومة ضد الاحتلال الذي لا يفتأ يزيّف ويطمس هوية القدس العربية الإسلامية المسيحية، لتشريد أهلها واستبدالهم بمستوطنين يهود غرباء عن الجغرافيا، كما يؤكد الفنان المقدسي شهاب قواسمي.
ويستدرك قواسمي موضحًا، 'أنا لا أرسم القدس لإظهار جمالياتها أو الحنين إليها أو التغزل بها فقط، بل أيضا لأستنفر الذاكرة والوعي في مواجهة السرقة والتدمير، وأرسم كي تبقى مدينة الأوابد الخالدة إرثًا للأجيال القادمة'، لافتًا إلى أنه في سبعينيات القرن الماضي، كانت إسرائيل تصادر اللوحات الفنية، وتتلفها وتعتقل الفنانين الفلسطينيين بتهمة التحريض والمقاومة، وكانت تنظر إلى الريشة بيد الفنان كما تنظر إلى بندقية المقاومة.
وعلى جبهة مقاومة التضليل الاسرائيلي ودحضه حول فلسطين والقدس، يبرز اسم المؤرخ الدكتور محمد هاشم غوشة الذي أعد الموسوعة الفلسطينية بالإنجليزية، والتي تتناول تاريخ فلسطين بالتقصّي العلمي الذي ينسف ادعاءات الاحتلال من أساساتها.
وتتألف الموسوعة من 24 مجلدًا، ويُعد أكبر عمل توثيقي أكاديمي عن القدس وفلسطين، إذ يبلغ نحو 7000 صفحة، ويضم وثائق ومصادر من الفترة العثمانية، واستغرق إنجازه اثني عشر عامًا من البحث والتوثيق المتواصل.
وأسهم غوشه المتخصص في تاريخ العمارة الإسلامية في نقل الخبرة البحثية العربية في دراسات القدس والعمارة الإسلامية إلى الأوساط الأكاديمية الأوروبية.
وتتركز أبحاث غوشة الذي ألّف نحو 100 كتاب تاريخي ومعماري وأثري عن القدس وفلسطين والحضارة، على مدينة القدس وتراثها الحضاري، إذ نشر أكثر من 150 بحثًا ودراسة متخصصة.
ويُعد كتابه 'قبة الصخرة المشرّفة' توثيقا علميًا دقيقًا للقبة بعمارتها وزخرفيا وهندستها، على نحو يتيح إعادة بناء أو ترميم المبنى بدقة تامة وفق حالته الراهنة، وقد وصف عالم الآثار الأميركي روبرت شيك هذا الكتاب بأنه أهم ما صدر عن قبة الصخرة.
وفي كتابه 'المسجد الأقصى' الصادر عام 2014، اعتمد على البحث الميداني والتوثيق المعماري والفوتوغرافي، وسجلات المحاكم الشرعية والأرشيفات العثمانية، جامعًا معالم المسجد وآثاره ونقوشه في عمل علمي متكامل، كما تتبع أعمال المستشرق السويسري ماكس فان برشم، وصنف كتابًا مستقلًا عن النقوش التاريخية في القدس، أعاد من خلاله هذه النقوش إلى الواجهة العلمية، وبيّن قيمتها بوصفها مصادر أصلية لفهم التاريخ العمراني والديني والسياسي للمدينة، مؤكدًا دورها في توثيق الذاكرة المادية للقدس عبر العصور. كما أجرى مسحًا ميدانيًا في كل فلسطين، وثق من خلاله 50 ألف نقش عربي تاريخي تحكي تاريخ هذا البلد وقصته مع الحضارة.
حبكات الزيِّ والتطريز التراثي تنقض الوهم الصهيوني.
في حبكات الزيِّ والتطريز التراثي المقدسي يكمن تاريخ عربي ينقض الوهم الصهيوني، حسب مصمِّمة الأزياء التراثية الفلسطينية الكنعانية امتياز أبو عواد، التي ترى في التراث هوية حيّة تنبض بحجارة المدينة، وفي أزقتها، وفي تفاصيل حياتها اليومية.
وتحفر أبو عواد عميقًا في التاريخ الذي يعاند الروايات التضليلية للصهيونية ويدحضها، ولا يمكن للزيف فصل خلود القدس روحيًا وثقافيًا وحضاريًا عن جذوره الكنعانية العربية.
وتضيف: المسجد الأقصى يشكِّل قلب التراث المقدسي وروحه، بمصلياته وساحاته وأبوابه وقبابه، بوصفها منظومة حضارية متكاملة ارتبطت بالحياة اليومية للمقدسيين دينيًا وثقافيًا واجتماعيًا.
فالعرب، تقول أبو عواد، مدّوا وصالاً لا تنفصم عراه بين المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة التي تنهض شاهدًا على العمق المسيحي الأصيل في القدس التي ينقض تاريخها العربي الإسلامي كل الرواية الاسرائيلية، لافتة إلى أن هذا التاريخ انبنى أساسًا على قبول التعدد واحتضانه، لا على الإقصاء والإلغاء الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني.
وإذ تذكر أسواق القدس؛ وسوق القطانين والعطارين واللحامين، فإنما لتؤكد المصمّمة الفلسطينية ابو عواد، أنها فضاءات اجتماعية وكأنها تنطق بلهجة المدينة وتفوح بروائحها وتشدو بأغانيها الشعبية، وتسرد حكايات أهلها عبر القرون.
الزي المقدسي التقليدي، خاصة أثواب النساء المطرزة، يحمل رموزًا كنعانية ونباتية وجغرافية تعبّر عن المكان والانتماء. فكل غرزة تحكي قصة، ولكل لون دلالته المرتبطة بالمدينة وأحيائها.
أما المطبخ المقدسي، بوصفه أحد أعمدة التراث الثقافي، فتتوارث العائلات وصفاته جيلًا بعد جيل؛ فالمفتول، والمقلوبة، والكعك المقدسي ليست مجرد طعام فحسب، بل طقوس اجتماعية مرتبطة بالحياة اليومية وبالمواسم والمناسبات، تقول أبو عواد.
ومثل الزي الفلسطيني والمطبخ وأسواق القدس وأسوارها وحجارتها لا تفتأ الأمثال الشعبية والحكايات والأغاني والميجانا التي ترددها الألسن فوق سفوح الجبال والوديان وبين حقول الزيتون، تشكل الأرشيف الثقافي الحي الذي يرتسم في وجدان الفلسطيني عامة وإبن القدس خاصة حسب أبو عواد في مواجهة الانتهاكات الصارخة للذاكرة الفلسطينية.
وتتساءل أبوعواد بحرقة: كيف لغازٍ غريبٍ عن المدينة أن يعرف معنى ثوب عروس في قرى القدس؟ وكيف له أن يدرك ثوب الأغباني نسبة للقماش الحريري المسمى بهذا الاسم والمستورد من حمص وحلب، وكيف له أن يفقه التطريز على القبّة وجوانب الثوب والأكمام؟ هل يعرف معنى 'الساعة' و'الشربات' والورود التي تُنسج على جوانب ثوب العروس؟ وما معنى فستان 'السارما' المنسوج من قماش قطني مخملي أو حريري باللون البنفسجي أو أي لون آخر. ومثل ذلك وغيره الكثير هل يدرك هؤلاء الأغراب معنى ثوب القدس الأساوري الذي يُعد من أندر وأفخم الأثواب الفلسطينية، وهو ثوب مديني أرستقراطي، فذلك تاريخ يستحيل على من جاء من أقاصي الدنيا إلا التسليم بأن صاغ هذه الثقافات الراسخة هو صاحب الأرض التي يتغنى بها وبسمائها.
المجتمع المدني الفلسطيني في مواجهة التهويد.
الباحث في الشأن المقدسي عزيز محمود العصا، يوضح أن المجتمع المدني المقدسي يضم (507) منظمات، تتوزع في مجالات التعليم والرياضة والثقافة والفنون والصحة، ومؤسسات العمل الخيري ولجان الزكاة والشباب والمؤسسات الدينية وسواها.
وأكد أن الاحتلال يقرّ بعدم قدرته على الهيمنة على المجتمع المدني المقدسي، ويعترف بقدرة هذا المجتمع التطوعي المتفاني في خدمة مدينته المقدسة على المحافظة على عروبة المدينة، وإعاقة أفعال الاحتلال الهادفة إلى تهويد المدينة ومحو هويتها العربية.
ولفت إلى أن الوصاية الهاشمية تولي اهتمامًا كبيرًا بأوقاف القدس والأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية، التي تحفظ للمدينة عروبتها، وقدرة المجتمع المقدسي على التأثير في إعادة صياغة الهوية العربية للمدينة، دون الخشية مما يمتلكه الاحتلال من القوة المفرطة والأموال التي يضخها بأرقام فلكية لتهويد القدس.
وأشار إلى أن هناك أياما للثقافة الوطنية الفلسطينية والتراث والتطريز الفلسطيني، تقام خلالها فعاليات للحفاظ على الموروث الثقافي وصونه وحمايته، بوصفه مرتكزا للهوية الفلسطينية.
عمان جو - بأزقتها وحجارتها ومطرزاتها وموروثها الثقافي العابر للزمن، تستعصي فلسطين المحتلة وجوهرتها القدس بمهابتها ومكانتها وهويتها العربية التاريخية على الاحتلال الإسرائيلي وسرديته المتهاوية بدليل ما يمارسه من إبادة ممنهجة في أنحاء الأرض التي بارك الله فيها في إشارة الى ردة فعل من لا يملك دليلا على ادعائه.
فالتحوّلات العميقة في الوعي العالمي والغربي على وقع جرائم الاحتلال، فتحت ثغرة بدأت تتّسع يوما بعد يوم، في جدار الزيف الصهيوني، الذي صادر الحقيقة منذ عقود النكبة، ليتصاعد الانحياز العالمي للحق الفلسطيني، في وجه القهر وآلته وضد 'اقتلاع فلسطين من فلسطينيتها، وقتل فلسطينية الفلسطيني'.
ويؤكد متحدثون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أنه لا بد من 'نزع تلك الهالة التي رسمها التضليل الاسرائيلي في المخيال الشعبي الغربي خاصة بعد أن بدأ يعي الجريمة المتواصلة منذ تم غرز إسرائيل في الأرض العربية'، مشيرين الى أن التضليل الاسرائيلي نجح على مدى عقود في اقتحام الموسيقا العالمية والسينما في بلورة مخيال غربي وعالمي مناصر لكيان غريب عن محيطه العربي لكن قوة الحق الفلسطيني غيرت المعادلة وأعادت العقل العالمي الى جادة الصواب.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، أكد إن الثقافة الفلسطينية عموماً والمقدسية قوية بما يكفي للدفاع عن الثقافة المقدسية العربية في مواجهة محاولات الطمس والإلغاء الإسرائيلي ومصادرة الهوية، لافتا إلى أن القدس وحدها شهدت إغلاق أكثر من 100 مؤسسة ثقافية، ويمنع الاحتلال إقامة أي فعالية أو مهرجان أو نشاط ثقافي أو فني أو مسرحي.
وأشار الى إمعان الاحتلال في استلاب وتدمير المشهد الثقافي بصياغة قوانين عنصرية، مثل قانون الكنيست عام 2018 الذي أقر منع دعم الأعمال الثقافية والفنية، وارتفعت وتيرة الحرب والإبادة للثقافة الفلسطينية بعد السابع من تشرين الأول 2023 والعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، لتفقد الساحة الثقافية الكثير من المبدعين في مختلف المجالات من شعراء وكتّاب وفنانين ومؤرخين، ممن ارتقوا شهداء خلال العدوان، فضلا عن تعمد الاحتلال تدمير المباني التاريخية والمواقع التراثية والمتاحف والمساجد والكنائس التاريخية والمؤسسات الثقافية من مراكز ومسارح ودور نشر ومكتبات عامة وجامعات ومدارس وجداريات فنية.
وبرغم كل ذلك، أكد كنعان أن الثقافة الفلسطينية بكل أشكالها ومجالاتها تتميز بقدرتها على النضال والكفاح، وبقوتها في ترسيخ هويتها ونشر السردية والرواية الفلسطينية والمقدسية التي تحاول إسرائيل طمسها من خلال الترويج لرواية تلمودية مزيفة.، مشيرا الى أن المثقف الفلسطيني ابتكر أساليب ووسائل تخطت الحدود، وتجاوزت الأسر والتضييق الإسرائيلي لتساهم في تشكيل رأي عام عالمي يُناصر القضية الفلسطينية، وهو انعكس في مواقف سياسية ودبلوماسية وثقافية غربية تدين إسرائيل وعدوانها المخالف للشرعية والقانون والقيم الثقافية الدولية.
واشار الى أن الأردن نجح بقيادته صاحبة الوصاية على المقدسات بتسجيل القدس القديمة وأسوارها في قائمة التراث العالمي عام 1981 والتراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982، ومساندة فلسطين في إدراج مواقع أخرى بعد قبول اليونسكو لفلسطين عضواً كامل عام 2011.
القدس في قلب الصراع.
فالصراع ضد الصهيونية وتضليلها مفتوح على كل المديات وأخطرها الثقافي باعتباره سلاحًا للصمود والمقاومة ضد الاحتلال الذي لا يفتأ يزيّف ويطمس هوية القدس العربية الإسلامية المسيحية، لتشريد أهلها واستبدالهم بمستوطنين يهود غرباء عن الجغرافيا، كما يؤكد الفنان المقدسي شهاب قواسمي.
ويستدرك قواسمي موضحًا، 'أنا لا أرسم القدس لإظهار جمالياتها أو الحنين إليها أو التغزل بها فقط، بل أيضا لأستنفر الذاكرة والوعي في مواجهة السرقة والتدمير، وأرسم كي تبقى مدينة الأوابد الخالدة إرثًا للأجيال القادمة'، لافتًا إلى أنه في سبعينيات القرن الماضي، كانت إسرائيل تصادر اللوحات الفنية، وتتلفها وتعتقل الفنانين الفلسطينيين بتهمة التحريض والمقاومة، وكانت تنظر إلى الريشة بيد الفنان كما تنظر إلى بندقية المقاومة.
وعلى جبهة مقاومة التضليل الاسرائيلي ودحضه حول فلسطين والقدس، يبرز اسم المؤرخ الدكتور محمد هاشم غوشة الذي أعد الموسوعة الفلسطينية بالإنجليزية، والتي تتناول تاريخ فلسطين بالتقصّي العلمي الذي ينسف ادعاءات الاحتلال من أساساتها.
وتتألف الموسوعة من 24 مجلدًا، ويُعد أكبر عمل توثيقي أكاديمي عن القدس وفلسطين، إذ يبلغ نحو 7000 صفحة، ويضم وثائق ومصادر من الفترة العثمانية، واستغرق إنجازه اثني عشر عامًا من البحث والتوثيق المتواصل.
وأسهم غوشه المتخصص في تاريخ العمارة الإسلامية في نقل الخبرة البحثية العربية في دراسات القدس والعمارة الإسلامية إلى الأوساط الأكاديمية الأوروبية.
وتتركز أبحاث غوشة الذي ألّف نحو 100 كتاب تاريخي ومعماري وأثري عن القدس وفلسطين والحضارة، على مدينة القدس وتراثها الحضاري، إذ نشر أكثر من 150 بحثًا ودراسة متخصصة.
ويُعد كتابه 'قبة الصخرة المشرّفة' توثيقا علميًا دقيقًا للقبة بعمارتها وزخرفيا وهندستها، على نحو يتيح إعادة بناء أو ترميم المبنى بدقة تامة وفق حالته الراهنة، وقد وصف عالم الآثار الأميركي روبرت شيك هذا الكتاب بأنه أهم ما صدر عن قبة الصخرة.
وفي كتابه 'المسجد الأقصى' الصادر عام 2014، اعتمد على البحث الميداني والتوثيق المعماري والفوتوغرافي، وسجلات المحاكم الشرعية والأرشيفات العثمانية، جامعًا معالم المسجد وآثاره ونقوشه في عمل علمي متكامل، كما تتبع أعمال المستشرق السويسري ماكس فان برشم، وصنف كتابًا مستقلًا عن النقوش التاريخية في القدس، أعاد من خلاله هذه النقوش إلى الواجهة العلمية، وبيّن قيمتها بوصفها مصادر أصلية لفهم التاريخ العمراني والديني والسياسي للمدينة، مؤكدًا دورها في توثيق الذاكرة المادية للقدس عبر العصور. كما أجرى مسحًا ميدانيًا في كل فلسطين، وثق من خلاله 50 ألف نقش عربي تاريخي تحكي تاريخ هذا البلد وقصته مع الحضارة.
حبكات الزيِّ والتطريز التراثي تنقض الوهم الصهيوني.
في حبكات الزيِّ والتطريز التراثي المقدسي يكمن تاريخ عربي ينقض الوهم الصهيوني، حسب مصمِّمة الأزياء التراثية الفلسطينية الكنعانية امتياز أبو عواد، التي ترى في التراث هوية حيّة تنبض بحجارة المدينة، وفي أزقتها، وفي تفاصيل حياتها اليومية.
وتحفر أبو عواد عميقًا في التاريخ الذي يعاند الروايات التضليلية للصهيونية ويدحضها، ولا يمكن للزيف فصل خلود القدس روحيًا وثقافيًا وحضاريًا عن جذوره الكنعانية العربية.
وتضيف: المسجد الأقصى يشكِّل قلب التراث المقدسي وروحه، بمصلياته وساحاته وأبوابه وقبابه، بوصفها منظومة حضارية متكاملة ارتبطت بالحياة اليومية للمقدسيين دينيًا وثقافيًا واجتماعيًا.
فالعرب، تقول أبو عواد، مدّوا وصالاً لا تنفصم عراه بين المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة التي تنهض شاهدًا على العمق المسيحي الأصيل في القدس التي ينقض تاريخها العربي الإسلامي كل الرواية الاسرائيلية، لافتة إلى أن هذا التاريخ انبنى أساسًا على قبول التعدد واحتضانه، لا على الإقصاء والإلغاء الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني.
وإذ تذكر أسواق القدس؛ وسوق القطانين والعطارين واللحامين، فإنما لتؤكد المصمّمة الفلسطينية ابو عواد، أنها فضاءات اجتماعية وكأنها تنطق بلهجة المدينة وتفوح بروائحها وتشدو بأغانيها الشعبية، وتسرد حكايات أهلها عبر القرون.
الزي المقدسي التقليدي، خاصة أثواب النساء المطرزة، يحمل رموزًا كنعانية ونباتية وجغرافية تعبّر عن المكان والانتماء. فكل غرزة تحكي قصة، ولكل لون دلالته المرتبطة بالمدينة وأحيائها.
أما المطبخ المقدسي، بوصفه أحد أعمدة التراث الثقافي، فتتوارث العائلات وصفاته جيلًا بعد جيل؛ فالمفتول، والمقلوبة، والكعك المقدسي ليست مجرد طعام فحسب، بل طقوس اجتماعية مرتبطة بالحياة اليومية وبالمواسم والمناسبات، تقول أبو عواد.
ومثل الزي الفلسطيني والمطبخ وأسواق القدس وأسوارها وحجارتها لا تفتأ الأمثال الشعبية والحكايات والأغاني والميجانا التي ترددها الألسن فوق سفوح الجبال والوديان وبين حقول الزيتون، تشكل الأرشيف الثقافي الحي الذي يرتسم في وجدان الفلسطيني عامة وإبن القدس خاصة حسب أبو عواد في مواجهة الانتهاكات الصارخة للذاكرة الفلسطينية.
وتتساءل أبوعواد بحرقة: كيف لغازٍ غريبٍ عن المدينة أن يعرف معنى ثوب عروس في قرى القدس؟ وكيف له أن يدرك ثوب الأغباني نسبة للقماش الحريري المسمى بهذا الاسم والمستورد من حمص وحلب، وكيف له أن يفقه التطريز على القبّة وجوانب الثوب والأكمام؟ هل يعرف معنى 'الساعة' و'الشربات' والورود التي تُنسج على جوانب ثوب العروس؟ وما معنى فستان 'السارما' المنسوج من قماش قطني مخملي أو حريري باللون البنفسجي أو أي لون آخر. ومثل ذلك وغيره الكثير هل يدرك هؤلاء الأغراب معنى ثوب القدس الأساوري الذي يُعد من أندر وأفخم الأثواب الفلسطينية، وهو ثوب مديني أرستقراطي، فذلك تاريخ يستحيل على من جاء من أقاصي الدنيا إلا التسليم بأن صاغ هذه الثقافات الراسخة هو صاحب الأرض التي يتغنى بها وبسمائها.
المجتمع المدني الفلسطيني في مواجهة التهويد.
الباحث في الشأن المقدسي عزيز محمود العصا، يوضح أن المجتمع المدني المقدسي يضم (507) منظمات، تتوزع في مجالات التعليم والرياضة والثقافة والفنون والصحة، ومؤسسات العمل الخيري ولجان الزكاة والشباب والمؤسسات الدينية وسواها.
وأكد أن الاحتلال يقرّ بعدم قدرته على الهيمنة على المجتمع المدني المقدسي، ويعترف بقدرة هذا المجتمع التطوعي المتفاني في خدمة مدينته المقدسة على المحافظة على عروبة المدينة، وإعاقة أفعال الاحتلال الهادفة إلى تهويد المدينة ومحو هويتها العربية.
ولفت إلى أن الوصاية الهاشمية تولي اهتمامًا كبيرًا بأوقاف القدس والأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية، التي تحفظ للمدينة عروبتها، وقدرة المجتمع المقدسي على التأثير في إعادة صياغة الهوية العربية للمدينة، دون الخشية مما يمتلكه الاحتلال من القوة المفرطة والأموال التي يضخها بأرقام فلكية لتهويد القدس.
وأشار إلى أن هناك أياما للثقافة الوطنية الفلسطينية والتراث والتطريز الفلسطيني، تقام خلالها فعاليات للحفاظ على الموروث الثقافي وصونه وحمايته، بوصفه مرتكزا للهوية الفلسطينية.
التعليقات