إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

خضوع أم ذكاء؟ .. علاقة أنشيلوتي وبيريز تصنع مجد ريال مدريد


عمان جو-تختلف معايير تقييم المدربين في كرة القدم.. قد يُقيم أحدهم بناء على إنجازاته، بينما يُقيم آخر وفقا لما أضافه لعلم التدريب، فيما يقاس نجاح ثالث بقدرته على بناء غرفة ملابس متحدة.

وإذا قررت أن تبحث للإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد، عن مكان بين الثلاثة ستجده قد جمع بينهم، بل وأضاف إلى ذلك بحفاظه على نجاحه لفترة طويلة بلغت 30 عاما.


لم يكن هذا النجاح ليتحقق لو أن علاقة أنشيلوتي برؤساء الأندية التي دربها غير صحية، ويكفي أن نذكر أنه تعامل مع اثنين من أنجح الرؤساء في تاريخ كرة القدم على مستوى الإنجازات، وهما سيلفيو برلسكوني وفلورنتينو بيريز.

تجنب الصدام

لن تجد أنشيلوتي المدرب الذي يتحدى الإدارات ويهاجمهم في وسائل الإعلام، كما يفعل أنطونيو كونتي على سبيل المثال، لكنه قرر أن يكون مسالما في هذه العلاقة لأبعد حد ممكن، وربما هذا السبب الرئيسي الذي جعل بيريز يقرر إعادته إلى تدريب ريال مدريد قبل 3 سنوات.

ولفهم الدرجة التي وصل لها أنشيلوتي في تجنب الصدام، علينا تذكر ذكرياته المثيرة في ميلان عندما كان برلسكوني يزور الفريق في غرفة الملابس ويطالبه بتطبيق خطة معينة، أو يرسل له ورقة أثناء المباراة لإجراء تغيير معين.

لم يكن أنشيلوتي هذا المدرب الذي يثور ويرفض أن يتدخل أحد في عمله، بل كان يتقبل الأمر بهدوء حتى وإن لم ينفذه.

واقعة زيدان

لم يكن الجرح الذي تركه المدرب الفرنسي زين الدين زيدان في قلب بيريز بالبسيط، لأن زيزو عندما رحل للمرة الثانية عن تدريب ريال مدريد، جاء ذلك بعد خلاف كبير مع الإدارة، ونتذكر خطاب الوداع الخاص به، والذي عبر خلاله عن رفض بعض تصرفات الرئيس.

ولمداوة هذا الجرح قرر بيريز أن يأتي بشخص يعرفه جيدا، ويتأكد أنه لن يكرر واقعة زيزو، لذا اتخذ القرار المفاجئ بعودة أنشيلوتي، بعد أن ظن الكثيرون أن مسيرة المدرب الإيطالي كانت ذاهبة إلى الانحدار وإدارة فرق وسط الجدول لحين الاعتزال.

وللموسم الثالث على التوالي أثبتت وجهة نظر بيريز صحتها، حيث إن الفريق يتمتع بالهدوء والاستقرار أي كانت النتائج تحت قيادة المخضرم الإيطالي.

لا للصفقات الشتوية

ربما هذه واحدة من أكبر النقاط التي تفتح باب للتصادم بين بيريز وأي مدرب آخر يقود ريال مدريد، حيث إن الرئيس لا يقتنع بأهمية إجراء صفقات في وسط الموسم، لأن اللاعب قد لا يجد الوقت المناسب للانسجام والدخول في المنظومة.

ولأن أنشيلوتي يعرف جيدا كيف يدير الأمور مع بيريز، وافق على هذا المبدأ حتى في أصعب المواقف خلال الموسم الحالي، عندما أصيب معظم مدافعي الفريق في كانون الأول/ديسمبر، وبات الفريق مقبلا على خوض السوبر الإسباني وثمن نهائي دوري أبطال أوروبا بصفوف ناقصة.

تقبل المخضرم الإيطالي قرار بيريز، رغم أن المدرب نفسه صرح بأن النادي قد يتعاقد مع مدافع جديد في الشتاء في أحد المؤتمرات الصحفية، لكنه عاد ليسحب كلمات، بل وأصبح يدافع عن فكرة بيريز بالاستمرار بنفس اللاعبين والقائمة حتى نهاية الموسم.



خزينة مغلقة

قد نتفهم أن بيريز لا يريد الإنفاق بسبب وجود أزمة اقتصادية أو معاناة الميرنجي من قيود بسبب اللعب المالي النظيف، لكن الواقع يقول غير ذلك، حيث إن ريال مدريد من أصحاب الميزانيات القوية للغاية، والتي تحقق أرباحا في كل عام.

ووصل الأمر إلى أن ريال مدريد كان النادي الوحيد الذي حقق أرباحا أثناء فترة الإغلاق عقب اندلاع جائحة كورونا قبل 4 سنوات.

لكن بيريز الذي يملك ميزانية تستطيع التوقيع مع كيليان مبابي وإيرلينج هالاند في نفس العام دون تهتز، ترك أنشيلوتي يخوض الموسم الحالي بدون وجود مهاجم سوبر يعوض رحيل كريم بنزيما في الصيف الماضي.

إشادة دائمة

لم تتوقف علاقة السلام بين بيريز وأنشيلوتي عند تقبل القرارات الصادمة على مستوى الميركاتو، بل وصل الأمر إلى حرص المدرب الإيطالي على توجيه شكر دائم للرئيس في التصريحات الصحفية التي يتدلي بها.

فمن المعتاد أن نجد أنشيلوتي يصرح عقب مباراة مهمة أنه يشكر بيريز على أنه أعاده إلى ريال مدريد مرة أخرى دون مناسبة تستدعي ذكر الرئيس، لكن المدرب الإيطالي حريص دائما على أن تصل علاقته مع بيريز إلى أفضل مستوى ممكن.

غرفة ملابس نموذجية

ربما هذه النقطة تجعلنا نحكم بأن علاقة أنشيلوتي وبيريز يحكمها الذكاء وليس الخضوع من المدرب الإيطالي، لأن إذا كان كارلو يخضع للرئيس ويحافظ على وجود علاقة مميزة معه بسبب سلطته، فلا مجال لوجود سلطة من اللاعبين على المدير الفني، ورغم ذلك نجد دائما علاقته باللاعبين أكثر من ممتازة.

ذكاء أنشيلوتي دائما ما يسيطر على علاقاته بالإدارات واللاعبين، لذا تجد فرق كارلو تتمتع بغرفة ملابس متحدة تسودها أجواء إيجابية، ولا يوجد مثال على ذلك أفضل من رؤية كيف يتعامل الأساسيون والبدلاء في الريال خلال الكلاسيكو الأخير أو بموقعة مانشستر سيتي بدوري أبطال أوروبا.


إن ما يصنعه كارلو خارج الخطوط مع الرؤساء واللاعبين لا يقل أهمية بأي قدر عما يقدمه من أفكار وخطط داخل الملعب، وربما أن النقطة الأولى صاحبة الفضل الأكبر في استمرار نجاح أنشيلوتي لمدة 30 عاما.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :