إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • اخبار محلية

  • رسائل وطنية تنزف بين المجالي والدغمي… من الذي وضع على الرف وقد حمل الوطن على أكتافه؟

رسائل وطنية تنزف بين المجالي والدغمي… من الذي وضع على الرف وقد حمل الوطن على أكتافه؟


عمان جو- إسلام عزام
في لحظة سياسية وأدبية نادرة، جرت مراسلات مؤثرة بين رئيس مجلس النواب الأسبق عبدالكريم الدغمي والكاتب والصحفي المعروف عبدالهادي راجي المجالي، كشفت عن وجع السياسة الأردنية كما يراه رجالها من الداخل، وحملت كلماتها نبرة شديدة الصدق، رافعة الغطاء عن ألم دفين، وحنين صاخب، وتعب مشترك من مشهد لا يتغير.

الرسالتان بخط اليد، والمكتوبتان بلغة تجمع الشعر بالفكرة، والسخرية بالوجع، كانتا رداً وعتباً، وبوحاً في زمن الصمت الطويل، بين صديقين سارا طويلاً على دروب الدولة، فوجد أحدهما نفسه خارج الصورة، بينما بقي الآخر يصرخ أن لا أحد يليق بالوطن سواه.

يبدأ عبدالهادي المجالي رسالته قائلاً:

"صباح الخير يا عبدالكريم الدغمي، صباح الورد والسكر... لا أريد أن أهاتفك، لأن المكالمة بيننا تشبه زغب الطائر الذي غفى في العش، مع أول هبة ريح يختفي. أريد أن أكتب لك، فالكتابة توثق الجرح والدمع.

يقولون: عبدالكريم توارى عن الأنظار، وبعضهم يقول لاذ بالصمت، وبعضهم يلمح لي حين يأتي (طاريك الحلو) بأنك تمضي الليل مع الندامى والشعر والفرح. ليكن، فعلى الأقل نحن أوفياء للقصيدة، بخلاف من باعوا اليسار على طاولة (صاحب العطوفة)، ومن حلقوا اللحى عند أول دفعة تحت الحساب... نحن الذين طوينا ليالي المفرق والكرك ولم تطونا الليالي.

صباحك ورد، ولكن اسمح لي أن أقول: أحدهم همس في أذني قائلاً: عبدالكريم "حطوه على الرف". ضحكت، وتذكرت مظفر النواب، ذاك الذي على حليب الجنون تربى، مثلك تماماً، حتى الفرح تآمر عليه.

أنت الوحيد في الأردن الذي مضى في هذا العمر فرحاً بالنزف، فانزف، فنحن مع كل قطرة دم ننزفها نغسل وجه البلد. وضعوك على الرف؟ لا يحق لك أن تصمت. لا تصمت، فالصمت خطيئة، وأبو ذر الغفاري لم يكن متمرداً بل عاشقاً، مات وحيداً لكنه ترك لنا الطريق.

تذكر مظفر... الذي مات بعيداً، وحنّ لدجلة حتى موته. النخلات حزنت عليه. لا تصمت، فإنك تركتنا على الطريقة نسير، فهل يتخلى راهب عن محرابه؟ أو يتوب وتر عن العود؟ أصرخ، فهذا وطن لا يليق إلا بنا... ونحن لا نليق إلا به.

وأسلم لك... عبدالهادي راجي المجالي."

جاء رد عبدالكريم الدغمي على ذات النغمة، موجعًا، ثابتًا، محملًا بالحكمة والصدق، فقال:

"أخي الحبيب عبد الهادي، يسعد صباحك. أنت لا تكتب لي، ولكنك كما قلت تحاول أن تستفز الحزن الساكن في قلبي، على وطن بنيناه في الصدور ولم يبقَ لنا فيه غير القبور.

غير أنني ملزم بأن أرد على الذين قالوا إنني وُضعت على الرف. وعلى رأي الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري: أي رف يتسع لنا؟ من هم الذين وضعوني؟ وهل يجرؤ أحد على ذلك؟ أنا وضعتني الناس في البرلمان ٣٥ سنة متواصلة... ولم يضعني غيرهم.

الحر يا صديقي ليس دمية تُفصل لها المناصب، بقدر ما يملك من انبطاح!

أنا عشت مع الناس ومع الحكومات، وحاولت الإصلاح ما استطعت، لكنني أدفع وجع المواقف حنظلًا يسري في دمي، وقوى الفساد كانت -وأعترف- أقوى مني ومن كثيرين. أنت شاهد على ذلك.

قررت ترك هذه المؤسسة حين صارت ديكورًا مشوهاً، لا يصلح إلا للمجاملة. قراري بالابتعاد لم يكن انسحابًا، بل حفاظًا على كرامة ومسيرة. وأنا اخترت حريتي، كما اخترت طريقي منذ زمن، ولا أبدله وأنا في خريف العمر.

عاش الوطن، عاشت فلسطين من البحر إلى النهر، والأمل باق ما بقيت الدنيا. وأعيد قول صديقنا مظفر:
"إننا أمة لو جهنم صبت على رأسها واقفة
ما حنى الدهر قامتها أبداً."

واسلم لأخيك... عبدالكريم الدغمي."




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :