وهم القوة… منظومة تقف على ركائز هشة
عمان جو-على ركائز هشة تنذر بانهيارها، اقتصاد يعيش على الديون لا على الإنتاج، وشعب يصمت لا لأنه راضٍ أو مطمئن، بل لأنه محاصر بالخوف، محروم من العدالة، ومستنزَف بالقلق اليومي. هذه ليست قوة، بل وهم يُدار بالخطابات، فيما الواقع ينهار تحت وطأة العجز. وليس الاقتصاد وحده ما يكشف هذا الوهم، بل أيضًا التلفزيون الوطني الذي يُفترض أن يكون مرآة المجتمع، فحين تُقصى الدراما ويُدفن الفن في بيروقراطية البث، تتحول الشاشة إلى إعلان طويل عن العجز، وتصبح رمزًا لهشاشة المنظومة نفسها. التلفزيون الذي يرفض أن ينتج الدراما يرفض أن يمنح الشعب ذاكرة حيّة، ويشارك في قتل الأحلام على الهواء مباشرة. الأمثلة العالمية والعربية تكشف الفضيحة بوضوح: BBC لم تكن لتصبح مدرسة إعلامية لولا إنتاجها المستمر لبرامجها ومسلسلاتها، وNetflix لم تكتفِ بعرض أعمال الآخرين بل بنت قوتها على إنتاج أغلبية مسلسلاتها وأفلامها الخاصة لتغزو العالم، وتلفزيون دبي حين كان ينتج الدراما كان من أفضل القنوات العربية وفتح الباب أمام انتشار الفن الإماراتي والخليجي، أما التلفزيون الكويتي فقد صنع ذاكرة كاملة للفن العربي عبر إنتاجاته المستمرة التي أطلقت نجومًا وأعمالًا خالدة في وجدان الناس. في المقابل، التلفزيون الوطني عندنا يكتفي بالبروباغندا ويُقصي الدراما ويحوّل الشاشة إلى جهاز بيروقراطي بلا روح. إن أي منظومة تبني شرعيتها على الصمت لا على الرضا، وعلى الخوف لا على العدالة، وعلى بروباغندا التلفزيون لا على الدراما الحقيقية، هي منظومة تكتب بنفسها شهادة سقوطها المؤجل. فالقوة الحقيقية لا تُقاس بقدرة السلطة على إسكات الناس أو تزيين الفشل عبر الشاشة، بل بقدرتها على إقناعهم، وبقدرة التلفزيون على أن يكون مصنعًا للأمل لا مقبرة للأحلام. أما الركائز الهشة فهي لا تُبقي إلا على وهم قصير العمر، سرعان ما ينكشف أمام أول اختبار حقيقي، والتلفزيون بلا دراما هو وطن بلا ذاكرة، والشاشة التي تقتل الأحلام لا تُعيد إنتاج القوة بل تُعيد إنتاج العجز، والوهم لا يحمي وطنًا بل يتركه عاريًا أمام أول ريح.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات




الرد على تعليق