إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

قصةُ الدقائق الستة التي غيرت تاريخًا وكتبت آخر ..


عمان جو - مقال كتبه "عمر ابو زيد" - 

في عام 2005  في الخامس والعشرين من شهر مايو، كان الموعد وكان اللقاء بين فريقين من أكبرِ أندية أوروبا.


كان النهائي الأقوى لبطولةِ دوري الأبطالِ الأوروبي بين عملاقينِ من عمالقةِ القارةِ العجوز، إيه سي ميلان الفائز بستةِ ألقابٍ سابقة في مُواجهةِ ليفربول الذي يمتلكُ أربعةَ كؤوسٍ من ذوات الأُذنين في خزائنه.


ولكونِ ميلان هو الجانب الأقوى قبل تلك المواجهة، فقد دخل المباراةَ بحظوظٍ هي الأوفر في حملِ الكأسِ السابعة، لكنها كانت ليلةً ستُخلَفُ فيها كلَّ الظنون، وسيخرُج فيها الفريق الإنجليزي عن كل ما هو مُتوَقَّعٌ ومألوف.


ليلةٌ سنتعلَّم منها الكثير، وسيتذكر أحداثها كلُّ من عايشها أو سمِع عنها..
في تلك الليلة من ليالي إسطنبول الشهيرة، وبنهايةِ الشوطِ الأولِ من المباراة، كانت النتيجة تُشير إلى تقدُم الميلان بثلاثةِ أهدافٍ دون رَد. فقد افتتح "باولو مالديني" التسجيل في أُولى دقائِق اللقاء قبل أن يرى "هاري كِويل" مباراته تنتهي مُبكرًا في الدقيقةِ 23، فيخرُج مُصابًا لتكون آخر مُشاركاتِ "فلاديمير سميتشر" البديل مع الفريق الأحمر.


وبينما كان ليفربول في صراعٍ مع عدم التوفيقِ ما بين إصابةٍ تُلِّمُ بأحد ركائزه وبين فُرَصٍ ضائعةٍ لم تُترجم في صورةِ أهداف، فإذا بالأرجنتيني "هيرنان كريسبو" يضرِب موعدًا لن ينساه مع التاريخِ ويُحرِز هدفين في الدقيقتين 39 و44 ليضمَنَ للميلان تقدُمًا مُريحًا بفارِقِ ثلاثةِ أهداف. لقد كان الميلان بكُل بساطةٍ يُترجِم حظوظه قبل المُباراة إلى واقعٍ ملموس يغرق فيه ليفربول.


الجميع يرى في ليفربول الأن فريقًا غير ذلك الذي أبهَر جماهيره منذ بداية البطولة، رائحة الهزيمة تفوح من جميع أركان ملعب أتاتورك الأوليمبي بعد شوطٍ أول خلا من كِبرياءِ وعَظمةِ ليفربول، شوطٌ كامل دون أي بادرةِ أملٍ زائف على تغيير المصير القاتم.


ومع بدايةِ الشوطِ الثاني، يُشارِك "دييتمار هامان"، بطلُ ما خلف الكواليس في هذه الليلة. فعلى الرغمِ من أنه لم يُسجل يومها، إلا أن حضوره في وسطِ ميدان فريقه كان له عظيم الأثر في سيطرةِ ليفربول على مُجريات الأمور.


وفي كلِ مرةٍ أشاهِد فيها هذه المُباراة -وعلى الرغم من أنني لست من مُشجعي ليفربول- أجِدُ نفسي أهمِسُ لنفسي بكلماتٍ ليست بغريبةٍ على جماهير الريدز، تعلوا فيها نبرةُ صوتي تدريجيًا إلى أن تأتي الدقيقة الرابعة والخمسون حين يُحرِزُ القائِدُ "جيرارد" هدفَ فريقه الأول من رأسيةٍ يعود معها الريدز إلى أجواءِ المُباراة.


الأن تستطيع أن ترى ليفربول الذي سيظل آداءه عالقًا بذهنك ما دُمتَ مشجعًا..
الآن فقط أدعوك لمُشاهدةِ أكثر الأوقات جنونًا ومتعةً في تاريخِ دوري الأبطال..
فلم تكد تنقضي دقيقتان فقط من بعد الهدفِ الأول شهدتا على هيمنةٍ واضحةٍ لليفربول، حتى كانت الكرةَ في أحضانِ شِباكِ الحارس البرازيلي "ديدا" للمرةِ الثانية بعد قذيفةٍ أطلقها البديل الرائع "سميتشر" من مسافةٍ بعيدةٍ ليتقلص الفارِق إلى هدفٍ وحيد.


هدفٌ رأته جماهير الريدز بعيدًا منذ خمسة وأربعين دقيقةٍ فقط، والأن يراه الجميع أقرب ما يكون. تعادلًا لم يكُن مُستحقًا في شوط المُباراةِ الأول، بينما هو الأن أقل ما يستحقه الفريق الإنجليزي.


"لن تسير وحيدًا" دَوَتْ وعَلَتْ وصُمَّت لها الآذان، فكان يهتزُّ لها لاعبوا الميلان خشيةً قبل أن يرقص لها لاعبوا ليفربول طربًا. وما هي إلا ثلاث دقائقٍ أُخرى بعد الهدف الثاني، كانت كافيةً حتى يحصُل "جيرارد" على فُرصةِ التعديلِ مُتمثِلةً في ركلة جزاءٍ أُلقيت مسؤوليةِ تنفيذها على عاتِقِ لاعِبِ الوسطِ الإسباني الشاب "تشابي ألونسو".


وفي لحظةِ تنفيذه لركلةِ الجزاءِ رأى الجميع حُلم التعادُلِ يتبخر مع ضياعِها، قبل أن ترتد القلوب إلى مواضِعها وتعود العيون إلى محاجِرها بعد أن تمكن من مُتابعةِ الكُرةِ إلى المرمى مُحرزًا هدف التعادُل.


وعلى الرغم من الفرحة العارمة التي اجتاحت مُدرجات جماهير الريدز، إلا أن بعض المخاوِفِ قد انتابتهم من تقدُمِ الميلان مرةً أُخرى في النتيجةِ بعد أن شاهد الجميع "جيمي تراوري" يُنقِذُ هدفًا من على خط المرمى، كما راقبوا "دوديك" وهو يقوم بتصدٍ مُزدوج في الأشواط الإضافية قبل ان يحتكم الفريقان إلى ركلاتِ الترجيحِ من نُقطة الجزاء.


تلك الركلات التي ستستمتِع بمُشاهدتها إن كنت على الحِيادِ من الفريقين، ولكنها بكُلِّ تأكيد ستُدمِر أعصابَ من يُتابِعها وهو منتمٍ لأحدِ الجانبين، خصوصًا مع وجودِ كأسٍ كذات الأذنين في انتظار الفائز.


وفي هذه المرحلة من الصراعِ على اللقب، أثبت الريدز أنهم الجانبِ الأقوى، تمامًا كما كانوا خلال شوطِ اللقاءِ الثاني، خاصةً في وجودِ حارسٍ كـ"دوديك" (صاحب الأرجُلِ الهُلامية) مُلهَمٌ بحارِس ليفربول السابق "بروس جروبيلار" وبما قام به في نهائي روما عام 1984.


فقد قام بتصدٍ رائعٍ لركلة "شيفيتشينكو" الأخيرة ليفوز ليفربول باللقب الخامس ويحتفظ بالكأسِ في خزائنه مدى الحياة.


كيف يُعقل هذا ؟!


فريقٌ مُتأخرٌ بثلاثةِ أهدافٍ وهو في أسوأ حالاتِه، يعود في تلك النتيجةِ في ستةِ دقائقٍ فقط أمام واحدٍ من أعتى الفِرق في عالمِ كُرةِ القدم ؟!


قد تكون هذه الليلة بالنسبةِ لجماهير ليفربول هي أعظم ما شاهدوه أو سمعوا عنه، ولكن الشيء المؤكد بالنسبة لي وأنا على الحِيادِ من الطرفين هو أن تلك الستة دقائِق قد غيرت تاريخًا وكتبت تاريخًا آخر.


ستةُ دقائِق فقط مابين الدقيقةِ 54 والدقيقةِ 60 ظهر فيها المعدن الحقيقي لليفربول، فترةٌ قصيرةٌ جدًا كانت وراء إنجازٍ كبيرٍ تحقق.


إنجازٌ خرج به الليفر يومها عن المألوف...


إنجازٌ أكد على شخصيةِ ليفربول وعلى وفاء جماهيره...




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :