إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

«عصافيري»


احمد حسن الزعبي
بقينا نردد طويلاً أغنية "جزيرة الكنز" الشهيرة خمسة عشر رجلاً ماتوا من اجل صندوق...الى ان قرأنا أول أمس في الصحف عن ستة عشر رجلا سجنوا من اجل كيلو قطايف..تفاصيل القصة :أنه في خلدا وأمام محل للقطايف اختلف بعض الزبائن على ترتيب الدور ليتحول الخلاف بسرعة البرق الى مشاجرة عرمرمية استخدمت فيها الحجارة والعصي والمواسير استمرت لأكثر من ساعة ونصف نتج عنها بعض الإصابات وستة عشر رجلاً أوقفوا في النظارة لليوم التالي..!! عشرات الرجال الرجال يتورطون بمشاجرة ثمنها الفعلي "دينار"واحد، عشرات الرجال الرجال يديرون مصالح ويربون أجيالا ويشغلون مواقع وظيفية او تجارات خاصة فرّقتهم وأودعتهم الطوارئ والسجن :"40حبة" قطايف عصافيري!!.
مشاجرة أخرى بين عشريتين في إحدى القرى على موقف سيارة ..بالمناسبة قد يكونون هم أنفسهم الذين وقفوا قبل رمضان في جاهة أحد شباب القرية ليغدقوا المديح وحسن المصاهرة وذكر سجاياهم الطيبة لبعضهم بعضاَ...ها هم أنفسهم يستخدمون الأسلحة النارية والبيضاء والأوتوماتيكية من اجل "موقف سيارة"...ترى ماذا كانوا سيفعلون لو أن الشجار على "موقف سياسي"؟؟..
مشاجرة ثالثة بين عائلتين عريقتين بسبب "الفتيش" انتهت ببعض الاصابات وتكسير زجاج النوافذ كل عشيرة عمرها أكثر من 600عام في البلد تنزلق "بفتيشة" ثمنها "شلن" !!...على ما يبدو رمضان ليس موسماً للقطايف "العصافيري" فقط ..سامحوني فهو أيضاَ موسم للعقول العصافيري لدى البعض...
في ثاني يوم رمضاني يقتل سبعيني زوجته وابنه وابنته، وآخر يقتل ستينيا في الأزرق، و ثالث أطلق النار بعنجهية على "حامي الدخيل" في الزرقاء، ورابع سحّر زوجته وقتلها..
لماذا في رمضان تتورم المشاجرات وتصغر الأسباب المؤدية لها؟؟؟..لماذا تصبح الجرائم أكثر نوعية وإيلاماً وبشاعة وشيطنةً ... الجواب: هذه كلها مؤشرات مهمة تثبت كم أصبحت "الأنا" تسبق الــ"نحن" ؛ وكيف باتت الفردية هي التي تحكم تصرفاتنا وسلوكنا ونزعتنا في كل شيء...لم نعد مجتمعاً جماعياً يقبل الآخر ويتنازل للآخر ويفهم الاخر ويحب الآخر ويريد أن يعيش مع الآخر .. "النفس" ولا سواها هي المبتغى وهي التي تستحق أن تسحق الآخر وتستعبد الاخر وتتغول على الآخر ولأجلها ترتكب ابشع الجرائم !! ... تخيّلوا جوع ساعات "معدودة" واختيارية ماذا يفعل بنا ،ماذا لو تحوّل الجوع الى جوع "أيام" لا سمح الله... في كل كتاب مدرسي هناك وحدة عن "الاحتمالات" و"القسمة الطويلة" والزوايا والهندسة والتفاضل والتكامل..لكن لا يوجد درس عملي واحد يعلمنا كيف نبتسم بوجه الاخر، كيف نقبل الآخر..كيف نروض أنفسنا على التحمل...نحن على استعداد على افتعال مجزرة تنتهي بتكسير رؤوس وإراقة دماء و"كفالات" محكمية...على أن "نمطّ الشفتين التي بنص صباحنا" مجاناً وبدون جهد!!...صدقا صارت أنفسنا بحاجة الى إعادة تاهيل وأرواحنا بحاجة الى "صيانة"...
الابتسامة في المجتمعات المتحابة والمرتاحة والمتفاهمة صدقة...لكن في مجتمعاتنا وظروفنا ونزقنا صارت الابتسامة "زكاة"!!...
فإما أن تتزكّى علينا بابتسامتك !! وإما غطيني يا كرمة العلي.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :