إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية
  • الرئيسية
  • تقارير خاصة

  • إقلاق الأردنيين بتشريعات «الغرامات»: من المسؤول وكيف سيصوت المواطن في انتخابات 2024؟

إقلاق الأردنيين بتشريعات «الغرامات»: من المسؤول وكيف سيصوت المواطن في انتخابات 2024؟


عمان جو - بسام البدارين -سواء حصل المحظور السياسي فعلاً أم “لم يحصل بعد” فيما يختص بملف قانون الجرائم الإلكترونية الأردني، فلا بد من وقفة تأملية تنتظر ما هو مربك ومريب وخالط لكل الأوراق لاحقاً عندما تبدأ منظومة العدالة في الاستجابة وفقاً لظروف البيئة التشريعية والواقع بالاشتباك مع التفاصيل.
التشريع الجديد للجريمة الإلكترونية حولته لسلطة التشريع حكومة اختيرت على أساس محاصصة تمثل المكونات المناطقية والعشائرية والجهوية للشعب مع أقل كمية ممكنة من بهارات التكنوقراط. وفي سلطة التشريع من أقر القانون وبصيغة تقلق الأردنيين جميعاً، نواب اختارهم الشعب الذي يرى الآن بأن ممثليه المنتخبين في انتخابات وسمت بالهندسة هم ليسوا مصدر الامتثال فقط لما تريده الحكومة من قانوني الجرائم الإلكترونية ومخالفات السير، بل هؤلاء الممثلون للشعب هم مصدر إزعاج وإقلاق راحة الشعب. بصورة واضحة وجلية، لا يريد المشرعون المحليون الإصغاء لنغمة “الشعب مصدر السلطات” التي يرددها في كل المنابر المعارض الشيخ سالم الفلاحات، وأعضاء البرلمان الأردني يعلمون مسبقاً بأن قواعدهم الانتخابية “لن تسألهم ولن تعاقبهم” في الانتخابات المقبلة، بل لم ولن تراقب أداءهم أصلاً.
المعادلة مختلة في الحالة الديمقراطية المحلية فقط؛ لأن عضو البرلمان يعلم مسبقاً أن ناخبيه من أبناء منطقته الانتخابية هم المحطة الأخيرة في عملية جلوسه على مقعده في البرلمان، والأهم أن هؤلاء ليسوا أصحاب صلة وتأثير حقيقي في الانتخابات التالية.
لذلك، يعبر قانون “مرعب” ومقلق لراحة الأردنيين بالقياس التشريعي الذي خططت له الحكومة وفقط خلال 6 أيام. وأغلب التقدير أن الساخطين على القانون اليوم في معظمهم سيعودون إلى اختيار المرشحين أنفسهم الذين أخافوهم في الانتخابات التالية، ومن المرجح ان السلطات تعرف ذلك جيداً. والتيار الإسلامي نفسه يعلم ذلك، بدلالة عملية التحفيز المنهجية التي يتبناها قادته لدفع الناس وبكثافة إلى صناديق الاقتراع في انتخابات 2024 على أمل تحقيق تفاضل عددي وكمي يغير بالمعطيات وينتخب بموجبه الناس على أساس “سياسي” وليس على أساس عشائري أو مناطقي.
المثير أكثر اليوم أن معادلة أولوية الأردنيين ليست الإصلاح السياسي ولا العمل الحزبي، ولا تصلح كقاعدة متقدمة في التشخيص والتحليل اليوم لسبب بسيط، وهو أن نواب الثقل الاجتماعي المناطقي والعشائري على حد تعبير عضو مجلس الأعيان خالد رمضان، هم الذين تحمسوا لفرض تشريعات ترهق جيوب الأردنيين بالغرامات، خصوصاً في مجال منصات التواصل الاجتماعي التي لم تعد متنفساً يحتوي الاحتقان.
هنا سياسياً وانتخابياً، تبرز المفارقة التي لا يمكن توقع نتائجها لاحقاً، فممثلو التيار الكلاسيكي في سلطة التشريع يقفون اليوم وراء “الإرهاق المالي” الذي أصاب المواطنين جراء غرامات قانوني السير والجرائم الإلكترونية، ومن سوء المنقلب سياسياً أن نواب المعارضة الأقلية الذين تندد بهم السلطة والعشيرة معاً هم الذين حاولوا التصدي للغرامات المرهقة خلال مناقشات القانونين.
معادلة مقلوبة تماماً بكل المعايير تعني بأن تأثيرات تشريعات الغرامات في ظل وضع معيشي يتجه أكثر نحو الصعوبة، قد تتجاوز كل التوقعات على الإيقاع الشعبي العام. هل سيؤثر المشهد التشريعي في انتخابات 2024؟
سؤال من الصعب الإجابة عليه الآن، خصوصاً في ظل الذاكرة القصيرة بالعادة للأردنيين، لكن ما يبدو عليه المشهد أن التيار الإسلامي حصراً يحاول الاستثمار في المشهد، لأن الناخب الأردني الآن بين خيارين لا ثالث لهما.
الخيار الأول هو الالتزام بالنمط الكلاسيكي والعودة تصويتاً لصالح مرشح المنطقة أو القبيلة أو رأس المال… ذلك ثلاثي من المرشحين سيطر على إيقاعات التشريع لسنوات طويلة ودون أي وقفة تميل لصالح التنمية السياسية أو حتى مناقشة القضايا الكبيرة.
جرب ذلك الخيار مرة تلو الأخرى وفي ظل أنيميا الاهتمام بالانتخابات عند الطبقة المسيسة، أو في مدن الكثافة السكانية، تمكن الثلاثي المشار إليه من التحكم والسيطرة دوماً.
والخيار الثاني هو الالتفات لما يتحدث عنه المعارض مراد عضايلة والمعارض سالم فلاحات وغيرهما، من ضرورة الانقلاب على تحالفات الواقع والمشاركة بفعالية في صناديق الاقتراع والتصويت للمرشح المسيس لأنه الكفيل ليس فقط بإعادة دراسة التشريعات، ولكن بالتأسيس لسلطة تشريع حقيقية منتجة.
في الخلاصة، ثمة شبه إجماع على أن بوصلة الناخب الأردني تائهة إلى حد بعيد ولم تختبر العمل الحزبي. لكن ذلك حصل دوماً قبل صدور تشريعات تؤسس لمنطق الجباية في ظل ضع معيشي صعب. لذلك، حقاً وفعلاً، كل الاحتمالات واردة، والرأي القائل إن الناخب الأردني يستطيع المزاحمة الآن وإظهار قدراته على قلب المعادلات هو رأي جدير بالتأمل والتوقف، لكن العمل المطلوب كبير جداً وجذري ودائم.

«القدس العربي»




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :