كمائن ترامب أنتجت أسئلة أردنية: طاقم السفارة و«المحتوى الإعلامي» والحكومة… أين يبدأ الخطأ وينتهي التقصير؟
عمان جو - بسام البدارين - لا أحد يعلم بعد ما الذي دار في اللقاء المغلق بين الرئيس الأمريكي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، لكن الجميع يعلم الآن أنه ليس من الإنصاف قراءة مناورات الأردن الاختراقية مع الإدارة الأمريكية الهائجة من زاوية أو ضمن سياق ترتيبات الرئيس ترامب الإعلامية التي هاجمت اللقاء وأجندته بشراسة، فيما غابت مقابلها بوضوح ملموس ترتيبات إعلامية أردنية من الصنف المهني الفني الذي يمكنه تسليط الأضواء على الحقائق والوقائع أو تقديم مادة في السياق المعاكس.
واضح ومن باب التحليل السياسي الفني، أن السردية الأردنية التي قدمت لطاقم الإدارة الأمريكية قبل لقاء مشحون كما وصفته تقارير وكالات الأنباء، بقيت في الغرف المغلقة ولم تحظ بسردية موازية في المحتوى الإعلامي، مع أن المسؤولين عن الإدارة الدبلوماسية والبروتوكول الإعلامي من الجانب الأردني حظوا بمقاعد في الصف الأول ضمن الوفد الرسمي.
الرأي العام الأردني وبعد ساعات فقط من اللقاء المثير ملكياً مع ترامب، التقط ما هو جوهري في المسألة؛ حيث ضغوط مباشرة على الأردن من الصنف الثقيل، وحيث بروتوكول الرئيس الأمريكي أعد بعض الكمائن المرتبطة بالميكروفونات والكاميرات، فيما الرئيس ذاته مارس استعراضاته المغرورة بالطريقة التي يفضلها أمام الكاميرات، وفقاً لوصف المحلل السياسي الإسلامي الدكتور رامي العياصرة.
انعكاسات اللقاء في دعم وإسناد المواقف الملكية الثابتة المعلنة برزت صباح اليوم التالي، حيث استقبال شعبي لتأكيد مساندة الملك، وتصريحات حادة تحت قبة البرلمان بعنوان هجمة منظمة إضافية ضد الأردن يمارسها الرئيس الأمريكي، وفقاً للتعبير الذي استخدمه القطب البرلماني صالح العرموطي.
وثمة سؤال في الإيقاع التقني والهندسي يفرض نفسه فوراً: عندما يتعلق الأمر ببناء الصورة الإعلامية حصراً.. أين يبدأ الخطأ؟
برزت بعض النواقص ذات البعد الفني، وهو الأمر الذي يبرر فيما يبدو اضطرار القيادة ووزير الخارجية لاحقاً للقاء مع ترامب لإصدار سلسلة تأكيدات عبر تغريدات ومشاركات إعلامية على الهواء المباشر تحت يافطة وجود وجهة نظر أردنية وأخرى عربية في الرد على خطة الرئيس ترامب.
تلك النواقص فنية الطابع تنتج تساؤلات، بعضها مرتبط بتحضيرات الطاقم الذي يدير السفارة الأردنية في العاصمة واشنطن حيث خمول وكسل لا ينكره مسؤولون ومراقبون أمريكيون أصدقاء للأردن.
وبعض تلك التساؤلات ارتبط بالجهد التقني الفني الذي لم يرافق خطاب الثوابت والسردية الأردنية بالرغم من وجود أصحاب الاختصاص في الاستشارة الإعلامية في الصف الأول من الوفد الرسمي، خصوصاً حينما تبين الجميع أن الرئيس ترامب أدخل الكاميرات والمراسلين فجأة، وأعد جيداً للمزيد من الاستعراض.
هنا تبرز بعض المشكلات فنية الطابع، مثل سوء الترجمة، والافتقار للجاهزية المهنية في بناء رواية إعلامية قبل اللقاء، وغياب مفهوم اللوبي الإعلامي قبل وأثناء وبعد اللقاء، خلافاً لوجود قدوة على الاستدراك وعدم وجود أصدقاء من المراسلين الأمريكيين يمكنهم المساعدة في توضيح وشرح الموقف الأردني أثناء لهاث الميكروفونات خلف الإثارة التي ينتجها رئيس أمريكي تصفه مؤسسات بلاده بأنه غير متوقع.
السفارة الأردنية في واشنطن قد تكون الوحيدة التي تحظى بميزانية مالية مستقلة وكبيرة قياساً بغيرها في عواصم العالم. رغم ذلك، لم يتلمس المراقبون تأثيراً فعالاً بعدما وزع طاقم ترامب الأسئلة مسبقاً على غالبية المراسلين لأغراض الاستعراض الذي سمعه العالم.
تلك بطبيعة الحال، أسئلة ستطرح بدلالاتها الرمزية والفنية أردنياً لاحقاً.
لكن التقصير الإداري لا يمكن إنكاره، وإن كان الشارع الأردني في لحظة تاريخية ومفصلية بعنوان الممانعة والرفض لما يخطط الرئيس ترامب لفرضه على الجميع، ليس فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة فقط ولكن فيما يتعلق بمشروع ضم الضفة الغربية أيضاً.
في الجزء الذي يظهر وجود أخطاء فنية وإدارية، بات على المؤسسات الرسمية أن تعيد تشخيص وتقييم الموقف.
ولا يمكنها لوم الأطراف التي وصلتها إيماءات إعلامية لم تكن موفقة، أو تلك الأطراف صاحبة المصلحة في التشكيك والتشويه فقط، فيما الخطاب الرسمي الأردني المركزي وجد أن مرحلة ما بعد استعراض الرئيس ترامب مساء الثلاثاء أمست مواتية لإعادة طرح خطاب الثوابت تحت عنوان الأردن للأردنيين، ومصلحة الأردنيين أولاً، وأيضاً تحت عنوان الالتزام بالموقف العربي الموحد تجنباً لمشكلات المواجهة المباشرة مع الرئيس ترامب.
انطلاق الاستراتيجية الأردنية من مساحة «مصلحة الشعب الأردني أولاً» قاعدة عمل أساسية لا يمكن إنكار جاذبيتها.
لكن الأدوات الاستشارية والمعنية بالشرح والتفصيل، واجبها هنا وضع النقاط فوق بعض الحروف، وشرح ما الذي يعنيه ذلك بصيغة محددة مادام الشعب الأردني متعطشاً لإسناد المرجعية الملكية في موقفها الجذري.
ذلك في الواقع، واجب حكومة شكلت على أساس التكنوقراط الاقتصادي ولا تريد التحدث مع الشعب في المسائل السياسية الأساسية، وإن تحدثت فإنها تتكلم متأخرة أو بعد الحدث، كما حصل في تصريحات ظهرت، الأربعاء، بلسان رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان تزامناً مع جلسة برلمان انفعالية.
قبل ذلك، يمكن استنتاج الخلاصة التي تقول إن المناورة التي قدمت كمادة أساسية بعنوان استقبال نحو 2000 طفل مريض من قطاع غزة لأغراض الاستشفاء، كانت محطة مهمة بتوقيع مرجعي حاصرت الرئيس ترامب ومنعته من التلويح بحجب المساعدات عن الشعب الأردني، فيما الاستناد إلى فكرة وجود خطة عربية قادمة في الطريق مع تصور مصري فلسطيني سعودي، قد يكون الخطوة الأكثر إنتاجية في تبريد الرؤوس الحامية في واشنطن.
المعنى هنا أن التكتيك الأردني ناضل وجاهد لكيلا يترك خطة ترامب وحيدة على الطاولة فيما يبدو، أو ظهر بأن المناورات التكتيكية القيادية تنشط وتنتج بدون وجود فريق إسناد مسيس يمتلك مهارات مواتية أو ملائمة للظرف الحساس.
محلياً -وهذا مهم- تفاصيل الإنزال الأردني في حديقة ترامب مساء الثلاثاء لها انعكاسات وتطرح أسئلة داخلية وطنياً وعربياً.
الأردن يسهم في صياغة مشروع موحد تحت عنوان تفكيك رواية ترامب وخطته الخاصة بتهجير أبناء قطاع غزة، بذكاء ونعومة وبدون اصطدام واحتكاك مباشر.
تلك منجزات بالتأكيد، لكن الظرف حساس والقصور والتقصير مرة أخرى مرتبط بمسألة الأدوات وإنتاجيتها، لا بل بقدراتها أيضاً.
«القدس العربي»
واضح ومن باب التحليل السياسي الفني، أن السردية الأردنية التي قدمت لطاقم الإدارة الأمريكية قبل لقاء مشحون كما وصفته تقارير وكالات الأنباء، بقيت في الغرف المغلقة ولم تحظ بسردية موازية في المحتوى الإعلامي، مع أن المسؤولين عن الإدارة الدبلوماسية والبروتوكول الإعلامي من الجانب الأردني حظوا بمقاعد في الصف الأول ضمن الوفد الرسمي.
الرأي العام الأردني وبعد ساعات فقط من اللقاء المثير ملكياً مع ترامب، التقط ما هو جوهري في المسألة؛ حيث ضغوط مباشرة على الأردن من الصنف الثقيل، وحيث بروتوكول الرئيس الأمريكي أعد بعض الكمائن المرتبطة بالميكروفونات والكاميرات، فيما الرئيس ذاته مارس استعراضاته المغرورة بالطريقة التي يفضلها أمام الكاميرات، وفقاً لوصف المحلل السياسي الإسلامي الدكتور رامي العياصرة.
انعكاسات اللقاء في دعم وإسناد المواقف الملكية الثابتة المعلنة برزت صباح اليوم التالي، حيث استقبال شعبي لتأكيد مساندة الملك، وتصريحات حادة تحت قبة البرلمان بعنوان هجمة منظمة إضافية ضد الأردن يمارسها الرئيس الأمريكي، وفقاً للتعبير الذي استخدمه القطب البرلماني صالح العرموطي.
وثمة سؤال في الإيقاع التقني والهندسي يفرض نفسه فوراً: عندما يتعلق الأمر ببناء الصورة الإعلامية حصراً.. أين يبدأ الخطأ؟
برزت بعض النواقص ذات البعد الفني، وهو الأمر الذي يبرر فيما يبدو اضطرار القيادة ووزير الخارجية لاحقاً للقاء مع ترامب لإصدار سلسلة تأكيدات عبر تغريدات ومشاركات إعلامية على الهواء المباشر تحت يافطة وجود وجهة نظر أردنية وأخرى عربية في الرد على خطة الرئيس ترامب.
تلك النواقص فنية الطابع تنتج تساؤلات، بعضها مرتبط بتحضيرات الطاقم الذي يدير السفارة الأردنية في العاصمة واشنطن حيث خمول وكسل لا ينكره مسؤولون ومراقبون أمريكيون أصدقاء للأردن.
وبعض تلك التساؤلات ارتبط بالجهد التقني الفني الذي لم يرافق خطاب الثوابت والسردية الأردنية بالرغم من وجود أصحاب الاختصاص في الاستشارة الإعلامية في الصف الأول من الوفد الرسمي، خصوصاً حينما تبين الجميع أن الرئيس ترامب أدخل الكاميرات والمراسلين فجأة، وأعد جيداً للمزيد من الاستعراض.
هنا تبرز بعض المشكلات فنية الطابع، مثل سوء الترجمة، والافتقار للجاهزية المهنية في بناء رواية إعلامية قبل اللقاء، وغياب مفهوم اللوبي الإعلامي قبل وأثناء وبعد اللقاء، خلافاً لوجود قدوة على الاستدراك وعدم وجود أصدقاء من المراسلين الأمريكيين يمكنهم المساعدة في توضيح وشرح الموقف الأردني أثناء لهاث الميكروفونات خلف الإثارة التي ينتجها رئيس أمريكي تصفه مؤسسات بلاده بأنه غير متوقع.
السفارة الأردنية في واشنطن قد تكون الوحيدة التي تحظى بميزانية مالية مستقلة وكبيرة قياساً بغيرها في عواصم العالم. رغم ذلك، لم يتلمس المراقبون تأثيراً فعالاً بعدما وزع طاقم ترامب الأسئلة مسبقاً على غالبية المراسلين لأغراض الاستعراض الذي سمعه العالم.
تلك بطبيعة الحال، أسئلة ستطرح بدلالاتها الرمزية والفنية أردنياً لاحقاً.
لكن التقصير الإداري لا يمكن إنكاره، وإن كان الشارع الأردني في لحظة تاريخية ومفصلية بعنوان الممانعة والرفض لما يخطط الرئيس ترامب لفرضه على الجميع، ليس فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة فقط ولكن فيما يتعلق بمشروع ضم الضفة الغربية أيضاً.
في الجزء الذي يظهر وجود أخطاء فنية وإدارية، بات على المؤسسات الرسمية أن تعيد تشخيص وتقييم الموقف.
ولا يمكنها لوم الأطراف التي وصلتها إيماءات إعلامية لم تكن موفقة، أو تلك الأطراف صاحبة المصلحة في التشكيك والتشويه فقط، فيما الخطاب الرسمي الأردني المركزي وجد أن مرحلة ما بعد استعراض الرئيس ترامب مساء الثلاثاء أمست مواتية لإعادة طرح خطاب الثوابت تحت عنوان الأردن للأردنيين، ومصلحة الأردنيين أولاً، وأيضاً تحت عنوان الالتزام بالموقف العربي الموحد تجنباً لمشكلات المواجهة المباشرة مع الرئيس ترامب.
انطلاق الاستراتيجية الأردنية من مساحة «مصلحة الشعب الأردني أولاً» قاعدة عمل أساسية لا يمكن إنكار جاذبيتها.
لكن الأدوات الاستشارية والمعنية بالشرح والتفصيل، واجبها هنا وضع النقاط فوق بعض الحروف، وشرح ما الذي يعنيه ذلك بصيغة محددة مادام الشعب الأردني متعطشاً لإسناد المرجعية الملكية في موقفها الجذري.
ذلك في الواقع، واجب حكومة شكلت على أساس التكنوقراط الاقتصادي ولا تريد التحدث مع الشعب في المسائل السياسية الأساسية، وإن تحدثت فإنها تتكلم متأخرة أو بعد الحدث، كما حصل في تصريحات ظهرت، الأربعاء، بلسان رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان تزامناً مع جلسة برلمان انفعالية.
قبل ذلك، يمكن استنتاج الخلاصة التي تقول إن المناورة التي قدمت كمادة أساسية بعنوان استقبال نحو 2000 طفل مريض من قطاع غزة لأغراض الاستشفاء، كانت محطة مهمة بتوقيع مرجعي حاصرت الرئيس ترامب ومنعته من التلويح بحجب المساعدات عن الشعب الأردني، فيما الاستناد إلى فكرة وجود خطة عربية قادمة في الطريق مع تصور مصري فلسطيني سعودي، قد يكون الخطوة الأكثر إنتاجية في تبريد الرؤوس الحامية في واشنطن.
المعنى هنا أن التكتيك الأردني ناضل وجاهد لكيلا يترك خطة ترامب وحيدة على الطاولة فيما يبدو، أو ظهر بأن المناورات التكتيكية القيادية تنشط وتنتج بدون وجود فريق إسناد مسيس يمتلك مهارات مواتية أو ملائمة للظرف الحساس.
محلياً -وهذا مهم- تفاصيل الإنزال الأردني في حديقة ترامب مساء الثلاثاء لها انعكاسات وتطرح أسئلة داخلية وطنياً وعربياً.
الأردن يسهم في صياغة مشروع موحد تحت عنوان تفكيك رواية ترامب وخطته الخاصة بتهجير أبناء قطاع غزة، بذكاء ونعومة وبدون اصطدام واحتكاك مباشر.
تلك منجزات بالتأكيد، لكن الظرف حساس والقصور والتقصير مرة أخرى مرتبط بمسألة الأدوات وإنتاجيتها، لا بل بقدراتها أيضاً.
«القدس العربي»
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات