إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

العتوم يكتب: الوساطة الروسية بين إسرائيل وإيران


عمان جو- الدكتور حسام العتوم
روسيا الاتحادية ، لمن لا يعرفها في منطقتنا العربية و الشرق أوسطية ، دولة عظمى ، وقطب شرقي عملاق مساحة – الأولى في العالم (أكثر من 18 مليون كلم2 ) ، و إمكانات اقتصادية على مستوى المصادر الطبيعية هائلة من ( بترول ، و غاز، وفحم، ومعادن نادرة و ثمينة) . وهي ميزان العالم . و تقود توجه تعددية الأقطاب الذي يرتكز على فكر المفكر الروسي الوطني و القومي ألكسندر دوغين ، وهو توجه مناهض لاحادية القطب . و هي عظمى ليس بقوة ما تملك من سلاح تقليدي ، و بحري ، و فضائي متميز ، و قوة نار نووية هي الأولى في العالم ، و لكن بقوة تمسكها بالقانون الدولي ، لدرجة تمثل فيها عالميا مايكروفون العالم في الأمم المتحدة و مجلس الأمن ، وهي داعية للسلام . بينما يمثل القطب الواحد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية العصا ، و الجزرة ، و السلام معا . وتبدو بأن السلطة العالمية بيد أمريكا وحتى بعد الشرخ الذي فصلها عن الاتحاد الأوروبي مؤخرا بعد تفهمها لمجريات الحرب الأوكرانية لصالح لروسيا ، بينما تلتزم روسيا بأخلاقيات القانون الدولي و يدها على الزناد من زاوية تحقيق السلام العادل تحت النار .

و روسيا اليوم تنفرد عالميا بين الدول العظمى بقدرتها على محاورة الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب ، و إسرائيل – نتنياهو ، و إيران – مسعود بزشكيان ( الرئيس ) ، و أية الله خامنئي ( المرشد الأعلى ) ، وسط الحرب الجارية بين إسرائيل و إيران منذ تاريخ 13 حزيران الجاري 2025 ، تلقت مبادرة من سمو رئيس الإمارات المتحدة الشيخ محمد بين زايد ال نهيان لدخول حلبة السلام بين إسرائيل و إيران ، استلمها الرئيس فلاديمير بوتين ووافق عليها . و الشيخ محمد بن زايد يقيم علاقات شخصية و دافئة مع الرئيس بوتين لدرجة استضافته في منزله في موسكو مؤخرا . و المعروف في المقابل بأنها حرب خاطئة ، و هدفها تدميري ، و تكررت سابقا عام 2024 ، و غير محسوبة نتائجها بدقة من طرف إسرائيل التي بدأت الحرب و تجاوزت سقف المفاوضات في سلطنة عمان بعد ست جلسات متتابعة ، وكان من الممكن الوصول لنتائج حميدة على الأرض بين أمريكا بإسم إسرائيل و إيران ، فاستعجلت إسرائيل الضربة و اخترقت الداخل الإيراني لوجستيا ، و الحقت الأذى بقائد الجيش الإيراني و حزمة من العلماء النوويين ، و بالبنية التحتية الإيرانية المتتشرة فوق الأرض . و اخترقت مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 51 التي تسمح للدولة المعتدى عليها بالرد بالمثل .قابلتها إيران بضربات وسط إسرائيل طالت البنية التحتية الإسرائيلية ، و أجبرت الإسرائيليين للنزول للملاجيء ، و دخول مرحلة الرعب رغم المكابرة . و هتافات إسرائيلية شعبية معتذرة من إيران و داعية للسلام ، ولكن بعدما طفح الكيل بتمادي إسرائيل .
ليس لدى روسيا اصطفافات سياسية و عسكرية مع أمريكا أو إسرائيل أو إيران ، لكن العلاقات الاقتصادية قائمة ، و هي طبيعية كما كل دول العالم .و بالمناسبة موسكو هي من بنت المفاعلات النووية الإيرانية في منطقة ( بوشهر) لأغراض سلمية ، و أعلنت إيران عدة مرات بأنها مستمرة في تخصب اليورانيوم لأغراض سلمية ، و بهدف تشغيل مصانعها ، و ليس بهدف انتاج قنبلة نووية كما تشيع إسرائيل و ترتجف ، و تحاول اقناع راعيتها أمريكا بذلك. و هو الهاجس المرعب الذي يلاحقها بينما هي ، أي إسرائيل كيان و دولة نووية السلاح ، تملك ترسانة نووية هي الوحيدة في المنطقة القريبة من العرب ،وفوق الاراضي الفلسطينية المحتلة . و حاولت اخفاءها ، لكن الخبير الإسرائيلي مردخاي فعنونو كشفها لصحيفة ( صنداي تايمز ) البريطانية عام 1986.و سبق لوزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو أن هدد غزة بإستخدام النووي ضدها . و تفاهم روسي- أمريكي حديث بعد وصول ترامب للبيت الأبيض في الجولة الثانية ، و خط تواصل لروسيا مع إسرائيل ، ومد ديمغرافي روسي و يهودي في الداخل الإسرائيلي ، رغم عدم إنسجام إسرائيل مع روسيا حول موضوع الحرب الأوكرانية ، و عدم اتفاق روسيا مع إسرائيل في موضوع مواصلة احتلالها لفلسطين و مناطق عربية ، جنوب لبنان ، وفي الجولان .و علاقات روسية متميزة مع إيران و مستقرة .
إسرائيل كيان إستعماري ، احتلالي ، توسعي، يخشى دول الجوار العربية و أبعد مثل إيران ، و سبق لها أن وجهت ضربة للمفاعل النووي العراقي عام 1982 ،و ساهمت بمحاصرة العراق بالتعاون مع حلف ( الناتو ) و أسقطت بغداد ، و أعدمت صدام حسين و بجهد أمريكي – إيراني مشترك ، رغم أنه رئيس منتخب ، و هو الذي أدانته روسيا – بوتين .و طاردت إسرائيل إمكانات ليبيا النووية ، و نجحت و بالتعاون من جديد مع دول (الناتو) في تفكيك القوة النووية الليبية ،و ساهمت في إعدام الرئيس معمر القذافي . و الغريب في أمر إسرائيل هو أنها نووية السلاح و تخشى الجهود النووية العربية و الإيرانية السلمية المجاورة .و كلنا نعرف بأن النادي النووي العالمي ، و الوكالة الدولية للطاقة يراقبون المشهد النووي العالمي بدقة و لوجستيا ، وكان ممكنا الوصول مع إيران لمرحلة التفتيش النووي من دون الحاجة لتبادل ضربات مسيرات و صاروخية متبادلة مؤذية للمنطقة الشرق أوسطية و للعالم .
و النظام الإيراني راديكالي أيدولوجي متطرف ،و الإسرائيلي نازي متطرف ،و تخشى إسرائيل امتلاك إيران لمفاعلات نووية و لو لأغراض سلمية ، فقط لرايكالية النظام الذي يرفع شعار " الموت لإسرائيل " ، و يدعم المقاومة العربية في فلسطين ، و في لبنان ، و في اليمن ، وفي العراق . وليس صحيحا كما يشاع بأن إيران تعادي العرب و ليس إسرائيل ، ولم يسبق للعرب أن هاجموا إيران مثلا خارج اطار الحرب العراقية – الإيرانية ( 1980 – 1988 ) التي افتعلها الغرب الأمريكي لأسباب لها علاقة بالحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي فقط ، لذلك زود الغرب إيران بالسلاح ، و زود الاتحاد السوفيتي العراق بالسلاح في المقابل . و بنتيجة صفر/ صفر و مقتل الملايين من الطرفين من العسكر و المدنيين .
روسيا – بوتين ، لافروف ، أوشاكوف ، قادرة على قيادة حوار ثلاثي ( أمريكي – إسرائيلي – إيراني ) منفرد . و رفض الرئيس فلاديمير بوتين للتو الأجابة على سؤال لوكالة فرانس برس في جلسة صحفية – إعلامية في موسكو حول احتمال اغتيال المرشد الأعلى الإيراني أية الله خامئني من قبل إسرائيل و أمريكا أو بشكل منفرد ، فالرئيس بوتين لا يناصر الاغتيالات و شن الحروب من دون سبب مقنع . و حربه في أوكرانيا دفاعية ، تحريرية ، وكما قال بوتين نفسه ( لو كان ترامب رئيسا لأمريكا في الجولة الرئاسية الأولى لما وقعت الحرب الأوكرانية) . و أدانت روسيا – بوتين الهجوم الإسرائيلي على إيران بتاريخ 13 حزيران الجاري . وتقف روسيا مع الحوارطويل المدى للوصول لنتيجة مقنعة توصل لسلام إسرائيلي – إيراني في حدود الممكن .
نعرف بأن دستور الحروب النووية ينص على أن مثل هكذا حروب مرعبة من الممكن أن تحصل في حالة الهجوم النووي المباغت ، أو في حالة الهجوم التقليدي المكثف و المستمر .ومن يقود الحروب النووية المدمرة على وجه الأرض هو التطرف سواء كان نازيا أو أيدولوجيا . و لو امتلك أودلف هتلر السلاح النووي لاستخدمه حينها في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، و لقد سبق للولايات المتحدة الأمريكية استخدامه على شكل قنبلتين نوويتين فور تصنيعها للقنبلة النووية عام 1945 ضد اليابان في حادثتي ( هيروشيما و ناكازاكي ) . لكن الاتحاد السوفيتي لم يستخدم السلاح النووي منذ اختراعه عام 1949 . و روسيا – بوتين أصدرت استراتيجية نووية حديثة مفادها بأن استخدام النووي العسكري من طرفها لا يكون إلا حالة اندلاع حرب نووية مفاجئة ضدها أو تقليدية مكثفة مستمرة . و بينما يتمسك الغرب بحلف ( الناتو ) خوفا من احتمال غزو روسيا لأوروبا عام 2030 مثلا ، و الذي هو محض هاجس سرابي غير واقعي ، فإن الاتحاد السوفيتي أعلن تفكيكه و حلف (وارسو ) معا عام 1990 . و الان يعلن الرئيس فلاديمير بوتين من موسكو بأن بلاده روسيا لا تخشى إعلان حلف ( الناتو ) في اجتماعه القادم بتاريخ 24 / 25 حزيران 2025 في هولندا تطوير قدراته العسكرية ، و هو الذي يصرف على العسكرة أكثر من تريليون دولار ، أي أكثر من مما تصرفه العسكرة العالمية مجتمعة .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :