عمان جو- الدكتور محمد تيسير الطحان

في خضم السنوات الأخيرة، لم تعد بيئة العمل التقليدية تجدي نفعآ وتعطي الفائدة المرجوة فقد أخذ التحول الرقمي بيد المؤسسات إلى عالم مختلف تمامآ، مما ادى الى التغير في أدوات التواصل، وأشكال الإنتاج، وحتى طبيعة العلاقات بين القادة والموظفين وتأسيسآ على ذلك يمكننا طرح السؤال التالي ما نوع القيادة القادرة على التكيّف مع بيئة عمل لم تعد تعتمد فقط على المكاتب، والاماكن بل على الشاشات، والتطبيقات.

يمكن القول ان القيادة التحويلية ليست تلك التي تُصدر الأوامر من أعلى، بل التي تنزل إلى مستوى الفريق تلهمه، وتدفعه للتفكير خارج الحدود التقليدية في ظل بيئة رقمية متقلبة، تكون هذه القيادة أشبه بمنارة .

القائد التحويلي لا يتحدث فقط عن الرؤية، بل يعيشها، يزرعها في كل فرد من فريقه، ويجعلها تنبض في أدق تفاصيل المشروع.

في بيئة العمل الرقمية، حيث يمكن أن تكون فرق العمل موزعة بين عدة دول وقارات ، ويُدار المشروع من تطبيق على الهاتف، تتغير قواعد اللعبة هنا ولذلك لم يعد القائد يعتمد فقط على حضوره الجسدي أو سلطته الإدارية. بل أصبح مطالبًا ببناء الثقة من خلال الرسائل، والتحفيز عبر الاجتماعات الافتراضية، وتقدير جهود الموظفين الذين لم يلتقِ بهم وجهًا لوجه،هنا تظهر أهمية التحفيز الملهم،أحد أركان القيادة التحويلية في خلق جو من الحماسة والانتماء رغم البُعد الجغرافي.

ومن زاوية أخرى، يُعد التحفيز الفكري ركنًا أساسيًا في التعامل مع الموظف الرقمي فالفريق الذي يعمل باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، والتحليلات البيانية، والمنصات الرقمية، يحتاج إلى قائد يمنحه مساحة للتجريب، ويشجعه على اقتراح أفكار جديدة، لا إلى قائد يخشى الفشل أو يقدّس الروتين.

القيادة التحويلية أيضًا تضع الاعتبار الفردي في مقدمة أولوياتها. وهذا الجانب، وإن بدا بسيطًا، إلا أنه يصنع فرقًا كبيرًا في بيئة يغلب عليها التوتر الناتج عن سرعة التغيرات الرقمية.

وفي النهاية قد نملك أحدث التقنيات، وأذكى الأنظمة، وأسرع المنصات، لكن بدون قيادة إنسانية، مرنة، وقادرة على الإلهام، ستبقى هذه الأدوات فارغة من الروح القيادة التحويلية ليست مجرد نظرية، بل هي الفارق بين مؤسسة تُجبر موظفيها على اللحاق بالتحول الرقمي، وأخرى تجعلهم يركضون نحوه بإرادتهم، وإبداعهم، وإيمانهم وقناعاتهم.