إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

حبل المسؤولية وجدار الدولة


عمان جو-بقلم الدكتور محمد خالد العزام
في لهيب العاصفة الإعلامية التي تتأجج حول مفردة هنا أو عبارة هناك، يغيب لبّ القضية ويضيع صُلب الموقف. حديث م أمين عام التربية الدكتور نواف العجارمه، القامة التربوية التي تحمل في سجلها عبء التجارب وعمق الخبرات، لم يكن كلاماً عابراً. كان قراراً إنسانياً يسبق كونه إدارياً: تأجيل دوام المدارس ليواكب إيقاع الحياة القاسي، كقطرة الندى في ساعات العطش.
إذ تعد هذه الخطوة - في بساطتها الجليلة - نبضٌ صادقٌ لرجلٍ يسمع أنين الشارع ويحمل هَمّ المواطن على كتفيه وجسرٌ من الإحسان أقامه بين صرح الحكومة وواقع الناس.

لكن أولئك الناشطين؟ تنكّروا للظل الوارف الذي مُدّ لهم، واندفعوا كالعثّ نحو لهيب جملة واحدة: "اللي حبلها يولدها". حوّلوا الكلمة إلى متاهة أخفوا فيها صلب الموقف، وبدّدوا فيها معنى المساءلة.
ومما لا شك فيه ان هذه العبارة ليست شتيمة تُصطاد، بل مرآةٌ مصقولةٌ تكشف لكل مغامر حقيقة أفعاله وصيحةٌ في فلاة المسؤوليات المتناسلة، تذكيرٌ بأن لكل فعلٍ ثمراً، وكل زلّةٍ ثمناً.
إذ رأى من خلال قوله أن العدالة - تلك السدرة المغروسة في أرض الوطن - لا تنحني لأهواء العابثين، ولا تقبل أن يفرّ البستاني بعد أن بذر الشوك.

فمن نسج هذا الحبل المعقّد؟ من حوّل نقابة المعلمين من منبر للحكمة إلى ساحة للتحدي؟ هو ذاته من يجد اليوم الأبواب موصدة. واهمًا أن جدار الدولة هشٌّ فليتحمّل كسر معوله.
ومن تخيّل كذلك أن صرخاته تهز أركان القلعة، فليعلم أن صرح الأردن شيّدته أيادٍ عبر القرون، وأن عويل العابرين يذروه الريح.

فالعجارمة أكد أن الأردن - هذا الصرح الشامخ - ليس عُشةً من أقوالٍ تُلقى في بيانات بل هو جبلٌ أشمّ، قاعدته الشعب الأصيل وقمّته القيادة الحكيمة. لا تزعزعه أعاصير الإعلام العابرة، ولا توهنه استعراضات القوى الواهية.
ومن يحاول حصره في خطابٍ ناريٍّ أو تهديدٍ في بيان، كمن يحاول سكب البحر في كفّ طفل.

لقد آن وقت المحاسبة لا انتقاماً، بل تصحيحاً للمسار وانتهى زمن توظيف المؤسسات الوطنية في صراعاتٍ آنية.
ومن أخطأ فليصحح. من تورّط فليتحمّل العاقبة بإباء ومن أراد خير الأردن فليبدأ بإعادة الثقة إلى مؤسساته، وليحني الجباه لحكمة القيادة، ويصغي لصوت الشعب الواعي الذي لن يسمح أبداً بأن يصير وطنه مسرحاً لأهواء العابثين.

فالحبل الذي نُسج بالتهوّر لا يُقطع إلاّ بتضامن الأيادي النقية. والجدار الأردني الأشمّ باقٍ يظلّل الجميع، لمن أراد العودة إلى حِضن الوطن.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :