أنا وهي .. وحصان طروادة
عمان جو-الكاتب أجمل الطويقات
*لقاءٌ بلا موعد*
قابلتُها صدفةً بلا ميعاد. كنتُ يومها شابًا غضًّا، لم تختبرني الحياة بعد، يملؤني الأمل ويحدوني الحلم والنجاح.
كانت هي – أو هكذا خُيِّل إلي – آيةً في الفتنة والجمال. عيناها تُثيران الاضطراب في القلب، وشفاهها تخفي ابتسامةً لا تُشبه إلّا الخديعة الحلوة.
رقصت على وجنتيها الضحكات، وتبرّجت بالحضور حتى تلعثم في وصفها البيان، وساحت الحروف في محرابها خاشعةً أمام بريقها الفاتن.
*العشق جنون*
جنَّ جنوني بها... عشقتها، وهام فؤادي بأطيافها، وتعلَّقت بأهداب ظلّها كطفلٍ يبحث عن دفء أمّه.
«يا لروعتها! يا لسحرها!» كانت تلك التي أبحث عنها منذ وعيتُ قلبي، لكنها – كعادة الجميلات – منحتني نظرة وسلبت مني العمر كلّه.
لم تمنحني حبَّها، ولم تفتح لي بابها. بخيلةٌ هي في وصلها ووصالها. كنت أترقّبها في الزقاق وأطراف الممرات، علّها تمرّ وتُسعفني بنظرةٍ أو ابتسامةٍ تُعيد الحياة إلى عروقي.
*ذاكرةٌ لا تنام*
ها أنا ذا، وقد جاوزتُ الأربعين، وأمضيتُ سنين عمري أفتّش في تفاصيلها عن نسيانٍ لم يأتِ.
ما نسيتها، بل تربّعت على القلب، وأغلقت على النسيان أبوابه.
*رحلةُ التلهي والنسيان*
طوّفت بين الأصدقاء والخلّان، وشغلتني الوظيفة والدراسات، وقرأت عددا من الكتب والمجلات، وطارحت الأدب وأحاديث البطولات، وهزّني صوت الهجيني والتعليلات، لكنها كانت أقوى من كل الأصوات؛ إذ تختبئ بين السطور، وتنبعث من فراغ الصفحات.
*محاولةُ تطهير*
ولأضعف سطوتها عليّ، قرأت سور القرآن، وردّدت بعض الآيات، وقطفت من بستان النبوة أحاديث تُنقّي القلب من غفلته.
استمعتُ إلى التفسير والسير والوعظ والمختصرات، لكن حبّها ظلَّ يسري في دمي كما تسري الخمرةُ في عروق سكرانٍ عتيق.
حتى رقَّ قلبي للعشّاق مثلي، وغفرتُ لهم ولنفسـي ألف خطيئة.
*عودةُ الفتنة*
غزاني الشيب، وخفَّ بريق الشباب، لكنها ما زالت هناك... متربّعة في الزاوية ذاتها من القلب، تضحك بدهاءٍ وتهمس في أذني أن لا خلاص منها.
هي الفاتنة التي أحببتها منذ عشرين عامًا، ولم أعلم إلّا متأخرًا أني كنت أسيرًا في خدعتها الكبرى.
*الكشفُ الأخير*
لقد أدرك النبيّ – عليه الصلاة والسلام – حقيقتها حين وصفها بأنّها «حلوة خضرة»، وحذّر منها إذ قال إنّها «جيفة»، تُغري العيون وتهلك القلوب.
إنّها الدنيا...
تُقبل علينا متبرّجةً بزينة، تُغرينا بوعدٍ لا يُنجز، وتُشيّعنا يوم الرحيل عزلاً من كلّ ما جمعناه.
«فيا أيها العاشقون، تمهّلوا في عشقكم، واسألوا أنفسكم:
أهي عشيقتكم من لحمٍ ودم، أم دنيا خضعتم لسحرها؛ فغلبتكم فتنتها؟
حين ظننت أني أحبّها، كنت في الحقيقة أحبّ وهمًا اسمه الدنيا...
﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾
*لقاءٌ بلا موعد*
قابلتُها صدفةً بلا ميعاد. كنتُ يومها شابًا غضًّا، لم تختبرني الحياة بعد، يملؤني الأمل ويحدوني الحلم والنجاح.
كانت هي – أو هكذا خُيِّل إلي – آيةً في الفتنة والجمال. عيناها تُثيران الاضطراب في القلب، وشفاهها تخفي ابتسامةً لا تُشبه إلّا الخديعة الحلوة.
رقصت على وجنتيها الضحكات، وتبرّجت بالحضور حتى تلعثم في وصفها البيان، وساحت الحروف في محرابها خاشعةً أمام بريقها الفاتن.
*العشق جنون*
جنَّ جنوني بها... عشقتها، وهام فؤادي بأطيافها، وتعلَّقت بأهداب ظلّها كطفلٍ يبحث عن دفء أمّه.
«يا لروعتها! يا لسحرها!» كانت تلك التي أبحث عنها منذ وعيتُ قلبي، لكنها – كعادة الجميلات – منحتني نظرة وسلبت مني العمر كلّه.
لم تمنحني حبَّها، ولم تفتح لي بابها. بخيلةٌ هي في وصلها ووصالها. كنت أترقّبها في الزقاق وأطراف الممرات، علّها تمرّ وتُسعفني بنظرةٍ أو ابتسامةٍ تُعيد الحياة إلى عروقي.
*ذاكرةٌ لا تنام*
ها أنا ذا، وقد جاوزتُ الأربعين، وأمضيتُ سنين عمري أفتّش في تفاصيلها عن نسيانٍ لم يأتِ.
ما نسيتها، بل تربّعت على القلب، وأغلقت على النسيان أبوابه.
*رحلةُ التلهي والنسيان*
طوّفت بين الأصدقاء والخلّان، وشغلتني الوظيفة والدراسات، وقرأت عددا من الكتب والمجلات، وطارحت الأدب وأحاديث البطولات، وهزّني صوت الهجيني والتعليلات، لكنها كانت أقوى من كل الأصوات؛ إذ تختبئ بين السطور، وتنبعث من فراغ الصفحات.
*محاولةُ تطهير*
ولأضعف سطوتها عليّ، قرأت سور القرآن، وردّدت بعض الآيات، وقطفت من بستان النبوة أحاديث تُنقّي القلب من غفلته.
استمعتُ إلى التفسير والسير والوعظ والمختصرات، لكن حبّها ظلَّ يسري في دمي كما تسري الخمرةُ في عروق سكرانٍ عتيق.
حتى رقَّ قلبي للعشّاق مثلي، وغفرتُ لهم ولنفسـي ألف خطيئة.
*عودةُ الفتنة*
غزاني الشيب، وخفَّ بريق الشباب، لكنها ما زالت هناك... متربّعة في الزاوية ذاتها من القلب، تضحك بدهاءٍ وتهمس في أذني أن لا خلاص منها.
هي الفاتنة التي أحببتها منذ عشرين عامًا، ولم أعلم إلّا متأخرًا أني كنت أسيرًا في خدعتها الكبرى.
*الكشفُ الأخير*
لقد أدرك النبيّ – عليه الصلاة والسلام – حقيقتها حين وصفها بأنّها «حلوة خضرة»، وحذّر منها إذ قال إنّها «جيفة»، تُغري العيون وتهلك القلوب.
إنّها الدنيا...
تُقبل علينا متبرّجةً بزينة، تُغرينا بوعدٍ لا يُنجز، وتُشيّعنا يوم الرحيل عزلاً من كلّ ما جمعناه.
«فيا أيها العاشقون، تمهّلوا في عشقكم، واسألوا أنفسكم:
أهي عشيقتكم من لحمٍ ودم، أم دنيا خضعتم لسحرها؛ فغلبتكم فتنتها؟
حين ظننت أني أحبّها، كنت في الحقيقة أحبّ وهمًا اسمه الدنيا...
﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات




الرد على تعليق