ظاهرة التقاعد المبكر في الأردن تعيد صياغة "الأمان الوظيفي"
عمان جو – طارق ديلواني
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 63 في المئة من المتقاعدين في الأردن أعمارهم ما بين 45 و50، هو ما يشكل نحو 160 ألف شخص من أصل إجمالي المتقاعدين البالغ عددهم نحو 261 ألفاً.
أخذ مفهوم التقاعد المبكر في الأردن يتسع على نحو ملحوظ خلال الأعوام الأخيرة، ليشمل فئات أكبر من الموظفين، بما في ذلك أولئك الذين لم يبلغوا بعد سن الـ40. هذا التوسع أثار نقاشاً واسعاً حول أسباب هذه الظاهرة وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية، بخاصة في ظل التغيرات المستمرة في سوق العمل وطبيعة الوظائف التقليدية.
الظاهرة اليوم تتحول إلى واقع ملموس بين شباب الأردن، لكنها لا تعني بالضرورة التقاعد المالي المريح، بل تمثل في كثير من الحالات نوعاً من التمرد على الواقع المهني، وإعادة تعريف لما يعنيه التقاعد المبكر.
فالشباب يربطونه بالحرية المالية قبل بلوغ الـ40، مع تفضيل المرونة واستكشاف مسارات بديلة بعيداً من قيود "الأمان الوظيفي" التقليدي، والبحث عن فرص تحقق لهم رضى شخصياً ومهنياً أكبر، حتى لو كانت الأخطار أكبر.
أرقام مقلقة
وبينما يفترض أن يرتبط التقاعد بسنّ الشيخوخة بعد سن الـ60، تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 63 في المئة من المتقاعدين في الأردن أعمارهم ما بين 45 و50 اختاروا التقاعد المبكر، وهو ما يشكل نحو 160 ألف شخص من أصل إجمالي المتقاعدين البالغ عددهم نحو 261 ألفاً.
كذلك تشير إحصاءات أخرى إلى أن الأزمة المالية لصندوق الضمان الاجتماعي تشكّل ضغطاً ملحوظاً على استدامته نتيجة الخروج المبكر للأيدي العاملة.
وعلى رغم أن نظام التقاعد المبكر وُضع لحماية العاملين في المهن الخطرة، فإن تطبيقه في الأردن شمل شرائح واسعة في القطاعين الصحي والتعليمي.
ويتحدث الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي، محمود المعايطة، عن تعديل المادة 64 من قانون الضمان الاجتماعي في ظل ارتفاع أعداد المتقاعدين مبكراً، الأمر الذي يشكل تهديداً لديمومة صندوق الضمان ويقلص الفوائض المالية والاستثمارية.
بينما يؤكد المدير العام للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، جاد الله الخلايلة، أن إلغاء التقاعد المبكر أمر مستحيل، حيث تسعى المؤسسة إلى الحفاظ على جميع الحقوق والمزايا للمشتركين السابقين.
ويكشف الخلايلة أن صناديق التأمينات التي تديرها مؤسسة الضمان الاجتماعي تتمتع بوضع مالي جيد جداً ومستدام، ولا سيّما تأمينات إصابات العمل والأمومة والتعطل عن العمل، مما يعكس متانة المركز المالي للمؤسسة وقدرتها على الوفاء بجميع التزاماتها تجاه المشتركين والمتقاعدين، موضحاً أن إجمالي فاتورة التقاعد تبلغ قرابة 244 مليون دولار شهرياً.
جيل الأمان الوظيفي
وتعرف القوانين الأردنية التقاعد المبكر بأنه ترك العمل قبل بلوغ السن القانونية للتقاعد (60 سنة للذكور و55 للإناث)، وذلك بناءً على رغبة العامل أو عبر سياسات وإجراءات من جهة العمل.
لكن وفق مراقبين، تمثل ظاهرة "التقاعد المبكر" للشباب الأردني أزمة عميقة في مفهوم الموازنة بين الحياة والعمل يواجهها جيل نشأ على وعود "الأمان الوظيفي".
في حين يشير آخرون إلى ما يسمى الإجهاد المهني، بحيث يجد آلاف الموظفين الشباب اليوم أنفسهم محاصرين داخل دورة مرهقة من العمل غير المجدي مهنياً ومالياً. إذ يشعر الكثير من الشباب أن ساعات العمل المضنية والجهد المفرط لا يقابلان بتقدير مالي عادل أو بمسار وظيفي واضح. ويعتقد البعض أن التخلي عن الوظيفة يمنحهم فرصة المشاركة في تربية أبنائهم، وهي قيمة أصبحت تتفوق على قيمة الراتب.
إلا أن الرغبة في الراحة النفسية تقابلها مخاطرة مالية. فالعمل الحر أو المشاريع الخاصة لا تقدم التأمين الصحي أو الإجازات مدفوعة الأجر. وهو ثمن يدفعه المتقاعدون مبكراً مقابل السلام النفسي.
اندبندت
عمان جو – طارق ديلواني
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 63 في المئة من المتقاعدين في الأردن أعمارهم ما بين 45 و50، هو ما يشكل نحو 160 ألف شخص من أصل إجمالي المتقاعدين البالغ عددهم نحو 261 ألفاً.
أخذ مفهوم التقاعد المبكر في الأردن يتسع على نحو ملحوظ خلال الأعوام الأخيرة، ليشمل فئات أكبر من الموظفين، بما في ذلك أولئك الذين لم يبلغوا بعد سن الـ40. هذا التوسع أثار نقاشاً واسعاً حول أسباب هذه الظاهرة وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية، بخاصة في ظل التغيرات المستمرة في سوق العمل وطبيعة الوظائف التقليدية.
الظاهرة اليوم تتحول إلى واقع ملموس بين شباب الأردن، لكنها لا تعني بالضرورة التقاعد المالي المريح، بل تمثل في كثير من الحالات نوعاً من التمرد على الواقع المهني، وإعادة تعريف لما يعنيه التقاعد المبكر.
فالشباب يربطونه بالحرية المالية قبل بلوغ الـ40، مع تفضيل المرونة واستكشاف مسارات بديلة بعيداً من قيود "الأمان الوظيفي" التقليدي، والبحث عن فرص تحقق لهم رضى شخصياً ومهنياً أكبر، حتى لو كانت الأخطار أكبر.
أرقام مقلقة
وبينما يفترض أن يرتبط التقاعد بسنّ الشيخوخة بعد سن الـ60، تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 63 في المئة من المتقاعدين في الأردن أعمارهم ما بين 45 و50 اختاروا التقاعد المبكر، وهو ما يشكل نحو 160 ألف شخص من أصل إجمالي المتقاعدين البالغ عددهم نحو 261 ألفاً.
كذلك تشير إحصاءات أخرى إلى أن الأزمة المالية لصندوق الضمان الاجتماعي تشكّل ضغطاً ملحوظاً على استدامته نتيجة الخروج المبكر للأيدي العاملة.
وعلى رغم أن نظام التقاعد المبكر وُضع لحماية العاملين في المهن الخطرة، فإن تطبيقه في الأردن شمل شرائح واسعة في القطاعين الصحي والتعليمي.
ويتحدث الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي، محمود المعايطة، عن تعديل المادة 64 من قانون الضمان الاجتماعي في ظل ارتفاع أعداد المتقاعدين مبكراً، الأمر الذي يشكل تهديداً لديمومة صندوق الضمان ويقلص الفوائض المالية والاستثمارية.
بينما يؤكد المدير العام للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، جاد الله الخلايلة، أن إلغاء التقاعد المبكر أمر مستحيل، حيث تسعى المؤسسة إلى الحفاظ على جميع الحقوق والمزايا للمشتركين السابقين.
ويكشف الخلايلة أن صناديق التأمينات التي تديرها مؤسسة الضمان الاجتماعي تتمتع بوضع مالي جيد جداً ومستدام، ولا سيّما تأمينات إصابات العمل والأمومة والتعطل عن العمل، مما يعكس متانة المركز المالي للمؤسسة وقدرتها على الوفاء بجميع التزاماتها تجاه المشتركين والمتقاعدين، موضحاً أن إجمالي فاتورة التقاعد تبلغ قرابة 244 مليون دولار شهرياً.
جيل الأمان الوظيفي
وتعرف القوانين الأردنية التقاعد المبكر بأنه ترك العمل قبل بلوغ السن القانونية للتقاعد (60 سنة للذكور و55 للإناث)، وذلك بناءً على رغبة العامل أو عبر سياسات وإجراءات من جهة العمل.
لكن وفق مراقبين، تمثل ظاهرة "التقاعد المبكر" للشباب الأردني أزمة عميقة في مفهوم الموازنة بين الحياة والعمل يواجهها جيل نشأ على وعود "الأمان الوظيفي".
في حين يشير آخرون إلى ما يسمى الإجهاد المهني، بحيث يجد آلاف الموظفين الشباب اليوم أنفسهم محاصرين داخل دورة مرهقة من العمل غير المجدي مهنياً ومالياً. إذ يشعر الكثير من الشباب أن ساعات العمل المضنية والجهد المفرط لا يقابلان بتقدير مالي عادل أو بمسار وظيفي واضح. ويعتقد البعض أن التخلي عن الوظيفة يمنحهم فرصة المشاركة في تربية أبنائهم، وهي قيمة أصبحت تتفوق على قيمة الراتب.
إلا أن الرغبة في الراحة النفسية تقابلها مخاطرة مالية. فالعمل الحر أو المشاريع الخاصة لا تقدم التأمين الصحي أو الإجازات مدفوعة الأجر. وهو ثمن يدفعه المتقاعدون مبكراً مقابل السلام النفسي.
اندبندت




الرد على تعليق