إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

غزة تتضور جوعاً .. دفن الطفولة حيّة ونهب مستقبل فلسطين


عمان جو- في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل، يعاني أكثر من ثلث سكان قطاع غزة من الجوع الحاد، كما يعيش مئات الآلاف من الأطفال في ظروف تنذر بكارثة تنموية شاملة.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور غسان أبو مطر أخصائي اقتصاديات التمويل ومدير مؤسسة العالم العربي للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية -في تصريحات للجزيرة نت- إن التاريخ الحديث "لم يشهد حالة تجويعٍ ومنعٍ لإدخال الطعام والماء وكافة المستلزمات الصحية كما يشهدها قطاع غزة حالياً في ظل حرب مستمرة منذ أكثر من 20 شهراً مما أدى إلى وفاة مئات الأطفال والبالغين جراء نقص الغذاء والماء، وتسبب بمجاعة طالت أكثر من 80% من سكان القطاع".

وأضاف "إن فرض إسرائيل سياسة القتل والتجويع يُعد انتهاكاً صارخاً لجميع قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العام، بما في ذلك اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، كما يشكل ارتكاباً لجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، بحسب الأدلة والإثباتات المتوفرة".

ويؤكد أبو مطر أن "الجوع لا يُضعف الأجساد فقط بل يكسر الإرادة أيضاً. وملايين الأطفال في غزة محرومون من التغذية الكافية، وهو ما يؤثر سلباً على نموهم العقلي والجسدي ومستقبل التنمية في فلسطين كلها".

162 شهيداً ومليون امرأة يواجهن المجاعة
وحسب أحدث معطيات وزارة الصحة في قطاع غزة المنكوب، بلغ عدد شهداء التجويع والحصار الإسرائيلي نحو 162 فلسطينياً أغلبهم أطفال حتى أول أغسطس/آب الحالي، وفق ما أورده بيان وزاري.

نساء وأطفال القطاع المنكوب يواجهون خطر سوء التغذية المزمن دون أفق لحل إنساني (أسوشيتد برس)
وقالت منظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة إن "مليون امرأة وفتاة في قطاع غزة يواجهن المجاعة" في حين أعلن برنامج الأغذية العالمي أنه لا يستطيع إدخال الكميات اللازمة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وفقاً لتقرير سابق للجزيرة نت.

كما تعاني آلاف الحوامل والأطفال من سوء تغذية حاد، في ظل غياب الغذاء والرعاية الصحية الأساسية. لكن ما هو أخطر من الأرقام أن الطفولة نفسها تُسرق، وأن جيلاً كاملاً ينمو الآن في بيئة تعاني من الحرمان المزمن، مما يهدد بتكريس دائرة الفقر والعجز، وفقاً للمرصد المتوسطي.

ومن جانبه قال رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بغزة للجزيرة إن 900 ألف طفل يعانون من درجات متفاوتة من سوء التغذية، محملا جيش الاحتلال مسؤولية تجويعهم.

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإعلان قطاع غزة منطقة منكوبة، وتوفير ممرات آمنة لدخول المساعدات.

ومن جهته، قال مدير الإغاثة الطبية بغزة للجزيرة إن 17 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، مما يزيد من الصعوبات على المنظومة الطبية، حيث لا يصل سوى كميات قليلة من المساعدات إلى القطاع وتتم سرقتها من قبل عصابات.

وأضاف أن الكثير من الحوامل يعانين من سوء التغذية أيضا، كما أن أدوية مرضى السكري لا تدخل إلى القطاع.

من جانبه، قال المفوض العام للوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني إن سكان غزة يعانون من الجوع ويجب وقف ذلك بالوسائل السياسية، وإغراق القطاع بمساعدات غذائية واسعة النطاق بشكل فوري ومستمر ودون عوائق.

ووفقا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي، يواجه ربع الفلسطينيين في غزة ظروفا أشبه بالمجاعة، حيث يعاني 100 ألف طفل وسيدة سوء التغذية الحاد.


أعنف صدمة اقتصادية بتاريخ فلسطين
وفق تقديرات البنك الدولي، تُعد الحرب في غزة أعنف صدمة اقتصادية تتعرض لها فلسطين خلال العقدين الماضيين. فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بالضفة والقطاع بنسبة 27% عام 2024، مسجلاً أسوأ تراجع اقتصادي منذ أكثر من 30 عاماً.

وبحلول أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2024، قُدرت الخسائر في مخزون رأس المال في القطاع بنحو 29.9 مليار دولار، نتيجة الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية والمرافق الحيوية.

وانهار النشاط الاقتصادي في غزة بشكل شبه كلي، حيث تراجع الناتج المحلي بنسبة 83%، باستثناء الحد الأدنى من الخدمات العامة التي تستمر في العمل وسط ظروف إنسانية قاسية.

أما في الضفة المحتلة، فجاءت الصدمة الاقتصادية نتيجة تشديد القيود على الحركة، وفقدان آلاف العمال إمكانية الوصول إلى سوق العمل الإسرائيلي، إضافة إلى العملية العسكرية الإسرائيلية شمال الضفة.

وتفاقمت الأزمة بسبب ارتفاع الاستقطاعات الإسرائيلية من عائدات المقاصة المالية المستحقة للسلطة الفلسطينية، مما أدى إلى تعميق العجز المالي وساهم في انكماش الناتج المحلي بنسبة 17%، وفقاً للبنك الدولي.

وفي غزة تحديداً، تفاقم الوضع بصورة مأساوية، إذ قفز معدل البطالة من 45% إلى 79%، في حين وصلت إلى 29% بالضفة، نتيجة فقدان وظائف العمال داخل إسرائيل والمستوطنات، بالإضافة إلى التراجع المحلي في فرص العمل.

فلسطينيون يحملون إمدادات مساعدات دخلت غزة عبر إسرائيل (رويترز)
وتشير بيانات أخرى للبنك الدولي إلى أن التضخم في غزة وصل إلى 300%، مع ارتفاع حاد بأسعار المواد الغذائية التي نادراً ما تتوفر، وتنتشر المجاعة حالياً على نطاق واسع بالقطاع، مما يعمّق الأزمة الإنسانية والاقتصادية في منطقة باتت مدمرة بالكامل تقريباً.

ويقدّر البنك الدولي أن إعادة الإعمار في غزة تحتاج إلى أكثر من 53 مليار دولار. لذلك، يُتوقّع أن يظل معدل الفقر مرتفعاً، ليصل إلى أكثر من 38% بنهاية 2025، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عقدين.

مأساة قبل الحرب وبعدها
وحتى قبل الحرب، كانت غزة تعاني من معدلات بطالة أعلى ومستوى معيشة أدنى مقارنة بالضفة، لكن الحرب فاقمت هذه الاختلالات البنيوية.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :