إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الصين وإيران


عمان جو- الدكتور عثمان الطاهات
في ظل التحولات الجيوسياسية السريعة التي يشهدها العالم، تتغير موازين القوى وتتبدل خرائط النفوذ على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر ساحةً مركزية للصراعات والتفاعلات المعقدة. ومن بين أبرز هذه الأزمات، يبرز الصراع الإيراني-الإسرائيلي، الذي يتسم بتداخل الأبعاد الأمنية، الأيديولوجية، والمصالح الإقليمية والدولية، مما يجعله أحد أكثر النزاعات تعقيدًا في المنطقة.

تعتبر إيران إسرائيل كيانًا معاديًا، حيث تدعم جماعات مسلحة في الخارج لشن هجمات على إسرائيل، بينما ترى إسرائيل في إيران تهديدًا استراتيجيًا كبيرًا، خاصة مع أنشطة طهران النووية ودعمها للجماعات المسلحة التي تهدد أمنها. هذا التداخل يزيد من تعقيد الصراع، إذ تتداخل الأبعاد الأمنية والسياسية والأيديولوجية، مع تداخل مصالح القوى الكبرى والإقليمية، مما يعمق من أوجه التوتر ويصعب من إيجاد حلول سلمية دائمة.

أما الصين، فهي تتبنى موقفًا استراتيجيًا مختلفًا عن الدول الكبرى التقليدية، فهي لا تنظر إلى الصراع من منطلق أيديولوجي أو أمني بحت، بل تعتمد نهجًا براجماتيًا يركز على الحفاظ على استقرار المنطقة ومصالحها الاقتصادية ، بكين تدعو إلى ضبط النفس وتتبنى سياسة الحياد البراجماتي، مع استخدام أدوات التأثير الناعم، مثل الدبلوماسية والوساطة الخلفية، وتجنب الانحياز المباشر لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، خاصة عبر حماية مشاريعها الكبرى، مثل مبادرة الحزام والطريق، التي تعتمد على استقرار المنطقة لضمان تدفق الطاقة، الاستثمارات، والتبادل التجاري.

الصين ترى أن تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل يهدد استقرار المنطقة، ويؤثر سلبًا على مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية. وتعتبر إيران حليفًا استراتيجيًا خارج النفوذ الأمريكي، وتسعى لتعزيز علاقاتها معها، بينما ترى إسرائيل بوابة تكنولوجية متقدمة في مجالات الأمن والتكنولوجيا العسكرية. لذلك، تستخدم الصين أدوات متنوعة لإدارة هذا الصراع، منها الدبلوماسية الوقائية عبر التواصل مع الأطراف قبل تصاعد الأزمات، والوساطة الخلفية، كما فعلت في عام 2023 بين إيران والسعودية وتهدف بكين من خلال ذلك إلى تعزيز صورتها كقوة فاعلة وحيادية، مع الابتعاد عن التعبيرات العدائية، وذلك للحفاظ على علاقاتها مع الطرفين، مع ممارسة ضغط اقتصادي ناعم من خلال استثمارات ضخمة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية، تؤثر بشكل غير مباشر على سلوك الطرفين دون أن تتخذ موقفًا ابتزازيًا.

أما مستقبل التعاون بين الصين وإيران، فمن المحتمل أن يتخذ أحد السيناريوهات التالية: استمرار التعاون الاقتصادي مع محاولة بكين التوازن بين مصالحها، وتصاعد الدعم الصيني لإيران، مما قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي وزيادة احتمالات نشوب حرب أوسع في ظل تغير موازين القوى وتصاعد التصعيد، قد تتعمق الانقسامات الدولية، مما يهدد استقرار المنطقة والعالم بأسره، ويجعل من الضروري مراقبة تطورات هذا الصراع عن كثب، مع التركيز على جهود المجتمع الدولي في تهدئة التوترات ومنع التصعيد المفرط الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :