إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

إسرائيل الكبرى في عقول مجانين


عمان جو- فارس الحباشنة

يبدو أن ترامب ماضٍ في مشروع وعوده في إحداث تعديل كبير على «جغرافية إسرائيل».

ويقف وراء ذلك تقاطعات لدوافع أيديولوجية تتجاوز الدافع الاستراتيجي للمشروع الأمريكي والحروب الإسرائيلية في الإقليم.

تغيير وتعديل خرائط الشرق الأوسط وفقًا لأبعاد توراتية. فلا سورية هي سورية، ولا لبنان هو لبنان، ولا العراق أيضًا، وعلى الطاولة توضع دول كثيرة في الإقليم، وضمن ذلك المشروع الأمريكي/الاسرائيلي الذي يقوم على تفكيك وتركيب الدولة والشعوب والمجتمعات والهويات.

في أورشليم، رجل مجنون يحكم الهيكل، ورجل شبق للدم. يرفع شعار اسرائيل الكبرى، وشعار توراتي، متلازمة أيديولوجية، تعني المطلق السيادي الاسرائيلي في الشرق الأوسط، دول تزول، ودول تفكك، ودول يعاد هيكلتها، ودول تُشطب عن الخريطة.

وفي سورية، فإن العقيدة التوراتية تسكن في رأس نتنياهو وتتحكم في الوعي واللاوعي. وفي سفر أشعيا، يقول: تزول دمشق وتغدو ركامًا من الأنقاض.

وها هي قوات اسرائيل على أبواب دمشق، وها هم متدينون يهود دشنوا أول مستوطنة في جنوب سورية.

وفي غزة، يُذبح عشرات الآلاف من الفلسطينيين ويُهجَّر ويُجوَّع قسرًا مئات الآلاف من الفلسطينيين، ونتنياهو قرر غزو القطاع المحاصر والمنكوب برّيًا.

وأذكر بما كتبت قبل أيام: ماذا تريد اسرائيل في سورية، أو من سورية؟ لربما، من البلاهة والسذاجة تجاهل تجلّي وضوح الجواب.

تفكيك سورية، وتقسيم سورية، وتصوروا إنزالات الجيش الاسرائيلي في منطقة الكسوة في الجنوب السوري، واستشهاد 6 جنود سوريين. وتدمير منشآت عسكرية، وقادة عسكريون اسرائيليون يتحدثون عن تمركز عسكري في جبل الشيخ والمناطق العازلة دفاعًا عن سكان الجليل، وفتح ممر إنساني من جبل الشيخ مرورًا بالجنوب السوري إلى السويداء لحماية الدروز.

ترامب لا يخوض معركة الشرق الأوسط فحسب، إنما معركة تغيير العالم. اللعبة الأمريكية، بأركانها العقائدية والاستراتيجية، وتعاضد أيديولوجيا القوة والمال.

ويُخال لترامب أنه «فارس الكابوي» الوحيد على وجه الكرة الأرضية، ومطلق له العنان في الحرب والقتال، والتدمير والإبادة، وأنه يسابق الزمن، ويقذف التاريخ وراءه.

الشرق الأوسط ما زال في قاع التاريخ، وعالقة شعوبه في حالة قبلية وطائفية وغيبية. مولد الديانات الكبرى، تحوّل إلى موطن لأيديولوجيات لا تاريخية، ومنتهية الصلاحية، ومتهالكة.

الأمريكان ينظرون إلى الشرق الأوسط/العربي من بوابة مرويات الاستشراق الإمبريالي والصهيوني. دول خارج التاريخ، ولا تملك التفاعل مع معادلة الزمن، ولا حتى الحياة، وخارج سلحفائيًا من جزء مظلم من التاريخ، وأحياء يعيشون في قبور، ولكنهم ليسوا موتى بيولوجيًا.

ترامب في خطاباته يكرر الوعد الإلهي، وينطق باسم السماء، وكما لو أنه نبيٌّ ومرسل من السماء، وإن كنا في زمن انتهى به نزول الأنبياء وانقطع «هبوط الوحي».

إسرائيل لا غيرها. وأمريكا بما تملك من استراتيجيات ضاربة في الكرة الأرضية تضعها في خدمة إسرائيل.

ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط زلزال مدوٍّ. وعندما يتم تعليب الإقليم في مقولة توراتية من «النيل إلى الفرات»، ويبدو أنها اليوم قابلة للتنفيذ. واسرائيل تتحرك عسكريًا وتفتح جبهات حروب في سورية ولبنان واليمن لاستيعاب الإقليم، وبعد عامين من حرب غزة، يبدو أن القوة الإلهية والوعد التوراتي ما زالا في مواجهة مقاتلين عُزْل ومجرّدين من السلاح، ويخوضون حرب صمود في ظروف مستحيلة.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :