إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

تحديات نقل التجارب والتكنولوجيا التعليمية: نظرة تحليلية لتطبيقها في الأردن


عمان جو_الأستاذ الدكتور ماهر سليم

يشهد قطاع التعليم في الأردن مساعي حثيثة للتطوير والتحديث، وغالباً ما تتضمن هذه المساعي استلهام التجارب التعليمية الناجحة من دول أخرى ونقلها وتطبيقها في السياق المحلي. ومع أن هذه الاستراتيجية قد تبدو واعدة، إلا أنها تنطوي على تحديات وعيوب جوهرية تستدعي دراسة متأنية لضمان تحقيق النتائج المرجوة.

اولا: أولى هذه العيوب تكمن في إغفال السياق الثقافي والاجتماعي المحلي ...فالنظام التعليمي ليس مجرد مجموعة من المناهج والتقنيات ! بل هو انعكاس لقيم المجتمع ومعتقداته وتطلعاته. لذلك فإن نقل تجربة تعليمية ناجحة من مجتمع غربي على سبيل المثال قد يصطدم بقيم وتقاليد المجتمع الأردني مما يؤدي إلى مقاومة من الطلاب والمدرسين وأولياء الأمور على حد سواء. وقد تتطلب بعض الأساليب التعليمية التفاعلية التي تعتمد على النقاش المفتوح والتعبير عن الرأي تعديلات لتناسب حساسية الثقافة المحلية التي قد تفضل أساليب أكثر تحفظًا وتوجيهًا.

ثانيًا: التباين في البنية التحتية والموارد المتاحة التي ربما تشكل عائقاً كبيراً. قد تتطلب بعض التقنيات التعليمية المتقدمة وبنية تحتية تكنولوجية غير متوفرة في جميع المؤسسات الأردنية خاصة في المناطق البعيدة . كذلك نقص الإنترنت عالي السرعة وأجهزة الحاسوب المتطورة والبرمجيات المتخصصة قد يحول دون الاستفادة الكاملة من هذه التقنيات!! مما يؤدي إلى تفاقم الفجوة التعليمية بين الطلاب. إضافة إلى ذلك قد يكون تأهيل التدريسيين على استخدام هذه التقنيات مكلفاً ويستغرق وقتاً طويلاً مما يزيد من الأعباء على الموارد المحدودة.

ثالثًا: إهمال الاختلافات في مستوى تأهيل التدريسيين : فالأستاذ الجامعي والمعلم في التعليم قبل الجامعي هما حجر الزاوية في أي نظام تعليمي ونجاح أي تجربة تعليمية مستوردة يعتمد بشكل كبير على قدرتهما على فهمها وتطبيقها بفعالية. قد لا يكون التدريسيون والمعلمون الأردنيون مؤهلين بالقدر الكافي لتطبيق بعض الأساليب التعليمية المبتكرة التي تتطلب مهارات تدريس متخصصة ومعرفة عميقة بالمادة الدراسية. كما يجب أن يتضمن أي برنامج لنقل التجارب التعليمية برامج تدريب مكثفة للمدرسين وللمعلمين مع التركيز على تطوير مهاراتهم وقدراتهم لمواكبة التحديات الجديدة.

رابعًا : عدم ملاءمة المناهج الدراسية للأهداف الوطنية لاسيما وقد تكون المناهج الدراسية المستخدمة في الدول الأخرى غير متوافقة مثلا مع الأهداف التعليمية الوطنية للأردن والتي تركز على تعزيز الهوية الوطنية وتنمية المواطنة الصالحة. لذلك يجب عدم تطبيقها حرفيا وتعديل المناهج الدراسية المستوردة لتناسب المناخ المحلي وتعكس القيم والتراث الأردني مع الحفاظ على جوهرها وجودتها وفعاليتها.

خامسا: غياب التقييم والمتابعة الدقيقة حيث نرى وجوب أن يصاحب أي عملية لنقل التجارب التعليمية نظام تقييم ومتابعة دقيق لقياس مدى نجاحها وتحديد المشكلات التي تواجهها. كذلك يجب جمع البيانات وتحليلها بشكل منتظم لتقييم أثر التجربة على تحصيل الطلاب ومستوى رضا التدريسيين والمعلمين !؟!؟ وجودة العملية التعليمية سواء بالجامعات او التعليم السابق لها بشكل عام. ويجب استخدام نتائج التقييم لإجراء التعديلات اللازمة وتحسين التجربة وضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

اهمية السياق المحلي

ان محاولات نقل التجارب والتكنولوجيا التعليمية من الدول الأخرى إلى الأردن يمكن أن يكون مفيدًا إذا تم بشكل مدروس ومسؤول. كما يجب أن يتم ذلك مع الأخذ في الاعتبار السياق المحلي وتوفير الموارد اللازمة وتأهيل المدرسين وتعديل المناهج الدراسية وتقييم النتائج بشكل مستمر. بدون هذه الاحتياطات قد تتحول هذه الجهود إلى مجرد مضيعة للجهود وتبذير للوقت واستثمار غير فعال وربما تؤدي إلى نتائج عكسية على قطاع التعليم بشكل عام لاسيما الجامعي في الأردن.

لذلك فإن الأخذ بعين الاعتبار السياق المحلي التي تعني ببساطة مراعاة الظروف والخصائص الفريدة للبيئة أو المجتمع الذي سيتم تطبيق الفكرة أو المشروع أو السياسة التعليمية فيه. بما تعني فهم البيئة المحلية بكل تفاصيلها وتكييف أي خطط أو إجراءات لتناسب هذه البيئة.

لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار السياق المحلي من خلال:-

١-فهم الثقافة والقيم المحلية بما فيها فهم العادات والتقاليد والمعتقدات والقيم السائدة في المجتمع الأردني وتكييف أساليب التدريس والمناهج لتكون متوافقة مع هذه القيم. على سبيل المثال قد يكون من الضروري تعديل أساليب التدريس لتناسب الثقافة المحلية التي قد تفضل أساليب أكثر تحفظًا وتوجيهًا !! كما ذكرت أعلاه؟!

٢-مراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية وفهم التحديات التي تواجه التدريسيين والطلاب وأسرهم مثل الفقر والبطالة وعدم المساواة وتوفير الدعم اللازم للتغلب على هذه التحديات. على سبيل المثال قد يكون من الضروري توفير وجبات مجانية للطلاب المحتاجين أو تقديم منح دراسية للطلاب المتفوقين من الأسر الفقيرة.

٣- الاستفادة من الموارد المحلية أي استخدام الموارد المتاحة في المجتمع مثل الخبرات المحلية والتقنيات التقليدية والموارد الطبيعية في العملية التعليمية. على سبيل المثال يمكن دعوة خبراء محليين لإلقاء محاضرات أو تنظيم ورش عمل للطلاب أو استخدام المواد المحلية في الأنشطة التعليمية.

٤- إشراك المجتمع المحلي لاسيما إشراك أولياء الأمور وأفراد المجتمع في العملية التعليمية من خلال المشاركة في المجالس أو التطوع في تقديم بعض المهام أو تقديم الدعم المالي أو المعنوي للطلاب.

٥-ملاءمة المناهج الدراسية للأهداف الوطنية لاسيما التأكد من أن المناهج الدراسية تعكس القيم والتراث الأردني وتسهم في تحقيق الأهداف التعليمية الوطنية مثل تعزيز الهوية الوطنية وتنمية المواطنة الصالحة.

بشكل عام ممكن التأكيد بأن الأخذ بالواقع

المحلي يعني فهم احتياجات المجتمع المحلي وتطلعاته وتكييف أي خطط أو إجراءات لتلبية هذه الاحتياجات وتحقيق هذه التطلعات. هذا النهج يضمن أن تكون الجهود المبذولة في مجالات التعليم أكثر فعالية واستدامة وأن تحقق النتائج المرجوة على المدى الطويل.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :