إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

"بطحة" على رؤوسنا


عمان جو_فهد الخيطان
الزمان، ساعات ما بعد ظهر يوم الخميس الماضي. المكان، شارع الوكالات في منطقة الصويفية بقلب عمان الغربية. على المدخل الرئيس للشارع، يعلو صراخ مواطن في وجه شرطي قيّد مخالفة مرورية بحقه. رجل الأمن كان هادئا، ولم يبال بعبارات المواطن الاستفزازية.
الشارع المرصوف والضيق نسبيا لم يكن مزدحما، لكنه بحق نظيف وأنيق، ويذكّر بشوارع العواصم الأوروبية.
كانت بضع مركبات تمر في الشارع، فجأة أطلت سيارة يركبها ثلاثة شبان. لم يكن أحد ليلتفت إليها لولا صوت الموسيقى الذي دوى في المكان، وشد اهتمام المارة وأصحاب المحال التجارية.
ومن دون أدنى شعور بالخجل، مد الشاب الجالس في الكرسي الأمامي يده وألقى في وجه الناس زجاجة من الحجم الكبير على الرصيف، فتدحرجت بضعة أمتار قبل أن تستقر على بوابة أحد المحال. شعر كل من كان في الشارع أنه كمن تلقى صفعة على وجهه. بحق، أحسسنا جميعا بالإهانة الشخصية.
صرخ بعض المارة مستنكرين، ووقف البعض الآخر واجمين من صدمة ما شاهدوه. نظرت حولي بحثا عن شرطي المرور ليضبط المخالفة على الفور، ويتخذ الإجراء القانوني، فلم أجده.
السيارة ذاتها مضت تتهادى ببطء في الشارع، وكأن شيئا لم يكن. بدا واضحا من سلوك ركابها، ونوعية الزجاجة التي ألقيت في وجوهنا، أنهم مخمورون، ولا يكترثون لتصرفاتهم.
سيرد أحدنا بالقول: وما الغريب فيما حصل؟ مشاهد كهذه وأكثر تتكرر مئات المرات في عمان، وعديد المدن. وإذا ما انفتحت سيرة المخالفات البيئية في جلسة من جلساتنا، نتسابق على سرد ما تختزنه ذاكرتنا من قصص نرصدها يوميا في شوارعنا؛ سيارات فاخرة تحمل إشارات أطباء ومهندسين، ويقودها أشخاص وقورون، يلقون نفاياتهم في عرض الشارع من دون اكتراث. وإذا ما أخذتك الحمية، وأظهرت امتعاضك من هذا السلوك، ستسمع ردا مهيناً أنت في غنى عنه، وليس مستبعدا أن يتطور الموقف إلى ما لا تحمد عقباه.
لا يمكن احتواء هذه الظاهرة المخجلة بالعقوبات فقط، لأننا في هذه الحال نحتاج لوضع شرطي خلف كل سيارة تسير في الشارع. المسألة ثقافية بامتياز، وتحتاج إلى جهد حثيث لتجريم هذا السلوك أخلاقيا.
رغم ذلك، فقد فهمت أن الجهات المسؤولة تنوي تغليظ العقوبات على مرتكبي المخالفات البيئية، واستحداث خدمة هاتفية لإبلاغ المخالفين بعد ضبطهم برسالة لهواتفهم النقالة، فور تحرير المخالفة بحقهم، لردعهم عن تكرارها في المستقبل.
لا أعلم إن كان هذا الإجراء سيحدّ من المخالفات، والتي اعتبرها من وجهة نظري أسوأ ألف مرة من مخالفات مرورية نرتكبها يوميا.
المفارقة أنني وقت حصول حادثة "البطحة"، كنت قد ركنت سيارتي في الشارع، وفي منطقة مخصصة لوقف سيارات تحميل وتنزيل البضائع، ووقفت على بعد أمتار قليلة منها، ولمدة لا تزيد على ربع ساعة. وعندما هممت بالركوب فيها، وجدت أن الشرطي قد حرر مخالفة بحقي.
قلت لنفسي: كم أنا ساذج! فقد انشغلت بالبحث عن الشرطي ليضبط مجموعة سكارى يلقون بنفاياتهم وسط الناس، فباغتني بمخالفة الوقوف في مكان خاطئ.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :